الشهيد القائد ثورة وعي بصيرة وصرخة في وجه المستكبرين
مرتضى الجرموزي
في زمنِ الصمت والخنوع وتكميم الأفواه بالإكراه، أَو خوفاً من الأنظمة وسجونها التعسّفية، وفي زمنِ الذل والانحناء وإرغام الشعوب من قبل أنظمتها أن تخنعَ وتركعَ تحت سلاطين الجور والعمالة ورغبة المستكبرين.
فكان لا بُدَّ للحقِّ أن يظهرَ في يومٍ ما، وتظهر معادنُ الرجال الصادقة من يرفضوا التبعيةَ والانصياعَ، لنزوات أشرار الإنسانية مهما عظم طغيانُها في اليمن وغيرها من البلدان العربية، وبما أن للحقِّ الغلبةَ وله الظهور بفضل الله ولو عمل الجبابرة والظلمة ما عملوه، فلن يوقفوا الحقَّ ورجالَه ولن تسطيعَ قوةٌ إركاعَ النفوس الأبية المؤمنة المتسلحة بالإيْمَـان والإصرار والتحديّ، كان أن انبثق نورٌ من بيت النبوة امتلأ إيْمَـان من رأسه إلى أخمص قدميه، وصرخ بالقرآن قولاً وعملاً وجسّد القرآنَ في واقعه وإبائه صارخاً في وجه العداء، هيهات أن نسكت هيهات أن نُذل أَو نركع ونُجبن في وجه من يضمر ويظهر العداوةَ لله ورسوله وللمؤمنين في وجه قوى الاستكبار والغطرسة العالمية وأحذيتها في الإقليم والمنطقة العربية والداخل اليمني.
ومع رضوخِ الشعوب لأنظمتها وبالرغم من كثرتها التي باتت كغثاء السيل لا تنفع حتى نفسها، ومع ازدحام القادة والأَعلام والزعامات التي تدين بالولاء والطاعة للأمريكان فراعنة العصر، والمكان الذي يتفرّع في كُـلّ الدول والشعوب ومع تنامي الإرادة الأمريكية وتسيير أعمال الخبيثة بحق الشعوب المستضعفة كانت إرادةُ الله حاضرةً أن سطع نورُ الحسين بن بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه-، ربيب الهدى سليل بيت النبوة وحفيد الأطهار والأئمة الأعلام الأخيار، من عملوا بالقرآن وكانوا أهلاً للسمو والرفعة الإيْمَـانية الهائجة الثائرة والمجاهدة في كُـلِّ الأزمنة، ومنذُ أن خلق اللهُ الأرضَ والإنسانية وهناك حق وباطل، خيرٌ وشرٌّ لا يلتقيان أبداً في وسطية واعتدال، إمّا يكون حقاً أَو أن يكون باطلاً، مؤمن صريح أَو منافق صريح، لا حيادية بينهما مهما كانت الظروف والمصلحة.
نشأ -سلامُ اللهِ عليه- في بيتٍ من بيوت القرآن آناء الليل وأطراف النهار، به يسيرون ويسكنون وبه يعدلون، يرشدون يحيون الأمَّةَ لتنهضَ من سبات الصمت والاستسلام لأرباب النفاق والخيانة.
وفي الوقتِ الذي انبطحت الزعاماتُ العربيةُ والهامات القيادية للسياسة الأمريكية، وجعلتها تسبحُ في مياه العروبة تستبيح الأرضَ والعرضَ تقتل وتدمّر وتصدر محصول ثمار التنظيمات الإرهابية ذات الصناعة الأمريكية ديناً وعقيدةً وانتماءً، ومع انخداعِ الشعوب وتصديقهم بالسياسة الأمريكية القذرة في محاربةِ الإرهاب في مختلفِ أنحاء العالم لتحصلَ أمريكا على الضوء الأخضر، وهي تستهدف أين وحيث ومتى تريد ترتكب المجازرَ باسم مكافحةِ الإرهاب دون أن تحَرّكَ الأنظمةُ والشعوبُ ساكناً.
فقط كان على جبل مران أُمَّـة تقارع الطغيان وتكشف حقائق الإرهاب الأمريكي، أُمَّـة هو الحسين بن بدر الدين الحوثي، حينما بزغ نورُ فجر الحرية والكرامة والدين الحق، صارخاً بالموت لهم والبراءة منهم، رفع شعارَ البراءة من أعداء الله يهوداً ونصارى ومنافقين، شعار أذل عالمَ الاستكبار وارتعدت منه الأنظمة العربية.
سارع عفاش لإسكاتِ هذا الصوت وإخماد ثورة الوعي والبصيرة، وخرج معه النفاقُ والشركُ كلُّه لمواجهة الإيْمَـان كلِّه والمتمثّل بالسيد حسين الذي نعيش اليوم ذكرى استشهاده، بعد حربٍ ضروس اجتاح نظامُ عفاش وزبانية جيوشه المسيّرة حسب الإرادة الأمريكية، اجتاحوا كاملَ صعدة؛ بهدَفِ إسكات صوت الحق المناهض للهيمنة والغطرسة الأمريكية النجسة، لكن تلك الجيوش وقعت في مصيدةِ الشعار ومع كُـلِّ صرخةٍ تموت الجحافلُ وتشرد بمدرعاتها ومجنزراتها التي جلبها عفاش لإركاع الشعب ومحاصرته من الكلام.
ببسالة الإمام علي وبصيرته التي استمدَّها من رسول الله -صلواتُ ربي وسلامه عليه وآله الأطهار-، خرج السيّدُ حسين ورفاقه المؤمنون المكبرون لدفع الشر والقتل لأنفسهم وأمتهم وبنور البصيرة والإيْمَـان، يقول الشهيدُ القائد: إن كنتم تخافون من غلاظة العصا الأمريكية، فنحنُ لا نخاف إلّا من الله ومن قوته وغلاظته وما دون الله لن نخافَه.
ومع بزوغِ فجر يوم 24 من شهر رجب كان قد احتدمت المواجهةُ وقربت من جرف سلمان الذي تشرّف بقدسية أشرف البشرية وأطهرها في عصرنا، هنا يترجل القائدُ دنياه ليمتطي الآخرة الذي سعى وعمل لها ليفوز بنعيم الجنة، بروح وريحان وجنة نعيم، حلّقت روحُه إلى السماء وظن الأمريكان وعمليهم عفاش وخابت ظنونهم بحكمة الله وإرادته القوية التي قهرت الأرذال وصغرت شأنهم.
ونحنُ إذَا نعيش ذكرى الشهيد القائد الذكرى الخالدة، الذكرى المتجذرة أصالة وأحقية الجهاد والاستشهاد في سبيل الله والمستضعفين، ذكرى خالدة نستلهم منها الدروسَ والعِبَر والاقتداء بسبط النور الذي لم يهنأ له العيشُ في ظل الهيمنة الأمريكية والانحطاط العربي، ليعلنها ثورةَ وعي وبصيرة وهُويَّة يمنية وإيْمَـانية في وجوه كُـلِّ الظلمة والجبابرة، في حرب مفتوحة جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة.