القائدُ القُدوة!
سند الصيادي
لم يكُنِ السيدُ حسين الحوثي مجرد محدِّث أَو واعظ ديني أَو مرجعية فقهية مؤثرة في خطابها وحديثها ليسمعَها الناسُ، ثم يذهب كُـلٌّ إلى مبتغاه دون أن يكونَ قد نجح في أن يحرك في ذواتهم مفهوم الثورة.
لقد جمع هذا الرجلُ كُـلَّ صفات الشخصية البشرية الإيجابية، وِفْــقاً لكل مفاهيم ومعايير التحليل النفسي وَتوصيفات القائد البطل التي قرأناها في كتب التاريخ والروايات الملحمية، والتي تبرز فيها تخيلاتٌ لمفهوم الرجل الاستثنائي الذي كنا نعرف ونحن نغوص في قراءة سطورها أنه لم يعد متوفراً في واقعنا.
لقد كان هذا الرجل توليفة من كُـلّ مفردات الفضيلة، هذا ما استقرأناه تباعاً ووصلنا إليه من كُـلّ قول وَملامح ووجوه كُـلّ من شاء لنا الله أن نلتقيَ بهم ممن رافقوه وَعاشوا معه تفاصيل البداية وَما تلاها من تحولاتٍ كبيرة حتى استشهاده، فلم تكن رواياتُهم متناقضةً أَو مبالغاً فيها، بل كانت تتكامل في الذهن لتشكل الصورةَ الأقربَ إلى واقع ما كان عليه.
لقد أعاد هذا الشهيدُ صناعةَ مجتمع من النفوس والعقول والقلوب المتماهية مع ما كان يرشدهم إليه، فتوجّـهوا لترجمة مشروعه طواعية لا أمراً، بحوافز لا يمكن أن تبعثها الأجور ولا المصالح الحياتية مهما كان حجمها.. ولا يمكن أَيْـضاً أن تدفعها أَو تحَرّكها أية قوة نافذة سلطوية جائرة مهما كان ترهيبها..
لم يكن الحسين بن بدر الدين ملكاً ليأمر فيستجيب له الناس خوفاً، ولا ثريا لينفق فتتداعى له القبائل طمعاً، على العكس تماماً، فقد افتقر لكل هذه الرهبة وكان كُـلّ من أيّده يضع نفسه في دائرة الظلم والاستهداف..
غير أن سيرته الشخصية التي عرفها من يحيطون به إلى جانب قوة الحُجّة التي كان يتسلح بها مثلتا الرهان الكبير لكل من التحق بركبه، ليتمكّنوا معاً من قلب المعادلة وَتغيير صفحة التاريخ.
من هنا تتجلى المفاهيم العظيمة للشخصية الإنسانية التي يجب أن تنالَ حقها من الإنصاف والالتفاف حولها كقدوة جامعة لا نتحرج أَو نتحفظ في أن تصبح منهاج يدرس لنا ولأبنائنا من بعدنا.