بالتدخل الخارجي تنهار الحكمة
حمود أحمد مثنى
محطات الاتّفاق والاختلاف بين اليمنيين، تشهدُ في لحظاتها الأخيرة مصداقية للحكمة المعبّرة عن روحِها في الجسد اليمني، والمعبّرة عنهم في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والعمرانية وعلاقتهم التجارية والسياسية مع الأمم والشعوب الأُخرى، والسؤال أين الحكمةُ فيهم من هذا الصراع؟
إن بطلانَ الحكمة وانهيارها يكون بعامل التدخل الخارجي، وقبول أحد الأطراف به أَو طلبه، وعقب ذلك يتحوّل ذلك الطرفُ إلى أداة منفذ أَو وكيل لأجندة الخارج، لتنفيذِ ما وجّهت به، وأول تلك التوجيهات نقض الاتّفاق، وثاني التوجيهات والأوامر عدم القبول بأي تنازل ممكن مع أن قبولَ التنازل للطرف الآخر ليس معناه هزيمة، بل هو إجراء أخلاقي قيمي لا يتناقضُ مع المصلحة العامة، ولا يعني انتصاراً مطلقاً لأحد الأطراف، وغالباً ما يتم في كُـلِّ نزاع داخلي، سواءً بين القبائل أَو القبيلة الواحدة أَو بين الأسرة الواحدة أَو بين الأسر والعائلات، يتمُّ الصلحُ بتنازلات لا تُعدُّ مذلةً ومهينةً مطلقاً، بل هي في عُرف اليمنيين من قيم الشهامة والفضيلة ترفع شأنَ صاحبها في ذاكرة الناس دينياً وقبلياً.
وعند استذكارِنا للأحداث منذُ عدة سنوات قبل العدوان الأمريكي الأعرابي وأثناء العدوان، تظهر حقيقةُ التدخلات الخارجية، في كُـلِّ اتّفاق بين اليمنيين ونبدأ بالاتّفاقات القريبة:
اتّفاق السلم والشراكة بين جميعِ الفرقاء في تاريخ 21/ 9/ 2014، والذي عُدَّ بأنه عقد اجتماعي جديد، وبشهادة المبعوث الدولي جمال بن عمر تدخلت السعودية ُعبر أحد الأطراف وأفشلت الاتّفاقَ.
الاتّفاقات بين الأنصار والمجموعات المحسوبة على دولِ العدوان بخصوص الأسرى، عقب إعلان الحرب العدوانية على بلادنا في2015/3/26م، يتم إفشالُه عدة مرات.
اتّفاق أنصار الله مع المؤتمر الشعبي في 2016/7/28م، على تشكيلِ المجلس السياسي، والذي عُدَّ كجبهة لمواجهة العدوان حتى تدخلت دولتا العدوان الإمارات والسعودية للفتنة والحرشة وحدث الصراعُ، ولولا عنايةُ الله انتهى سريعاً لكان كارثةً، وخلال حروب صعدة الست بمجرّد انتهاء الحرب سرعان ما يتم إعلانُها مرة أُخرى منذُ أن بدأت الحربُ الأولى عام 2004م، وحتى انتهاء الحرب السادسة عام 2010م.
اتّفاق عمان في 1994/1/18م بين جميعِ مكونات الشعب اليمني على وثيقةِ العهد والاتّفاق المتضمنة حلَّ الخلافِ بين المؤتمر والاشتراكي وبناء اليمن على أسسٍ جديدة، لم يجف حبرُ التوقيع عليها حتى تدخّل الخارجُ وأُعلنت الحربُ، وهناك مشاريع اتّفاقات خلال الفترة السابقة لم نطلع عليها، تم إجهاضُها وإبطالُها وقس على ذلك في كُـلِّ خلافٍ بين اليمنيين، ستجد العاملَ الخارجيَّ منذُ مئات السنين يتم إبطالُ الحكمة اليمانية وفيرست أحد الأطراف؛ لكي لا يتمَّ الصلحُ والتصالح الموصل للسلام والاستقرار والعُمران.
إن استقواءَ أحد أطراف الصراع بالخارجِ على الخصم في الداخل، أخطرُ التحوّلات في الفكر والتاريخ اليمني، بهذه الاستعانة ضعف اليمنُ وتهمش وعاش صراعات دموية مريرة جعلت المركز الخارجي يحول كُـلَّ من في الداخل إلى أحجار تختلف مراتبها ومستوياتها في لعبة فرض خدمة اليمن لصالح الخارج، بدلاً عن فرض خدمة الخارج لصالح اليمن.