مرحلة صارمة وأشد إيلاماً
إكرام المحاقري
أفلت شمسُ آخِر يوم في خامس عام من الصمودِ الأسطوري للشعبِ اليمنيِّ، في مواجهةِ إرهاب دول الاستكبار العالمي وتآمر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وأشرقت شمسُ أول يوم في العام السادس مشعةً بنصر لاح ضوؤه من أفق أراضي الشام والعراق مستبشراً بفتح مبين، سيعمُّ الأرضَ المقدسة وسيطهرها من دنس اليهود المعتدين.
ومن نجران وجيزان وعسير، تحرّرت أرض مغتصبة، غُلّت بأغلال الاحتلال بتواطؤ العملاء، واستبشرت صنعاءُ بكلِّ ذلك على عتبات باب اليمن، ليخلد حاضر اليمنيين قصة في أنصع صفحات التاريخ كما خلّد ماضيهم.
هي تلك الخمس، وما بعدها ليس كما قبلها، بل أشد إيلاماً، كمرحلة صارمة ستدشن مرحلة الوجع الكبير، باستراتيجية عسكريّة وسياسية واقتصادية، هي الأخطرُ من نوعِها بالنسبة لدول العدوان الذين تغافلوا عن كُـلِّ ما سبق.
تغافلوا عن عمليات بالستية، وضربات مسددة، أثقلت كاهلَهم وقدمتهم للعالم بوجههم الحقيقي القبيح، وبصفتهم عملاء وليس أمراء وملوكاً، وأحرق نفطهم وتهديد استقرارهم، واخترق أبراجهم، وتحييد راداراتهم، وإسقاط ألويتهم كمرحلة توازن الردع بالمثل، كما شخصها الكثيرُ من المحللين السياسيين والخبراء والأكاديميين العسكريّن؛ لما لاحظوه من هزائمَ مدوية لحقت بدولِ العدوان خلال العام الماضي 2019م وبداية العام الجاري 2020م.
سبق وأن صرّح العميد سريع عن بداية تدشين مرحلة الوجع الكبير، وتم الإعلانُ لاحقاً عن ثلاث عمليات عسكريّة نوعية ذات مسميات وجغرافية واستراتيجية مختلفة، في نجران ونهم والجوف، وما زالت ممتدةً إلى أطرافِ مأرب وما بعدها.
والعدوُّ يدرك أن هذه العمليات ليست فقط في الأراضي اليمنية، بل إنها مفعلة في ذات الوقت في العمق السعوديّ، كعملية عسكريّة مزدوجة في الداخلِ والخارج، وجميع الأهداف بالنسبة لدول العدوان حساسة جِـدًّا، وتبقى مأرب وأرامكو بجميعِ فروعها والحقول النفطية التابعة لها عنواناً للعام السادس، كما لا يفوتنا مغازلة الساحل الغربي، حيث والخيارات واسعة لا حدودَ لها، وهذا ما أكّـد عليه السيّدُ القائد.
فبدخولِ العام السادس انقلبت معادلةُ المعركة، وبات اليمنُ قوياً يمتلك جيشاً وسلاحاً وعقيدة إِيْمَانية وقتالية ليس لها مثيل بين جيوشِ العالم، كما لم تعد دولُ العدوان قادرةً على انتهاك سيادة الأجواء اليمنية كما سبق، فمنظومة “فاطر” الدفاعية لها بالمرصاد.
أما جيوشُهم وعروضُهم العسكريّة فليست في مأمن بعد اليوم كما كانت، حيث و”نكال” الباليستي قد عرف طريقَه إلى معاقل عروضهم، وما خفي كان أعظم.
والورقةُ السياسيةُ المغطاة بصبغة أممية لم تعد كما كانت خلال الأعوام الماضية، حيث والمعادلة العسكريّة قلبت أوراقَ السياسة رأساً على عقب، فالبقاء للأقوى كما يقولون؛ لذلك بقيت المسيّرات والبالستيات اليمنية، وتلاشت الباتريوت الأمريكية.
كما بقي المقاتلُ اليمني ذو القدمين الحافيتين، وأُحرقت الإبرامز الأمريكية، وأُسرت ودُمّرت الآليات الكندية وغيرها، وجميعُها معادلات لهن أبعاد ومسارات سيحدّدها الوعي للشعوب في العالم.
ففي خضم جميع هذه الأحداث التي خلقها العدوانُ على اليمن، واستغلها العدوُّ لفرض ما يسمونها “بصفقة القرن”، وطبّعت لها معظم الأنظمة العربية، وعقب ذلك شن العدوُّ الأمريكيُّ حرباً بيولوجية على الصين بدايةً، ومن ثم تفرعت هذه الحرب الجرثومية إلى دولِ العالم لخروج الفيروس عن نطاق سيطرة من صنّعه، كما خرج عن نطاق الخطة المرادة من تصنعيه، وهي كما هو واضح إخضاع الصين وإقصاؤها دولياً وتحويلها إلى مدينةِ أشباح لا أحد يقربها.
لكن مشروعَ أمريكا وخططه فشلت في الصين بعظمتها، كما فشل مشروعُ احتلال اليمن بشنِّ عدوان تحت مسميات مزعومة لا تقلُّ عن “كورونا” وغيرها، أما الحقيقة فهي واحدة ولا يغفلها سوى الجاهلون والمستحمرون.
فبينما انشغل العالمُ وضج سابقاً “بصفقة القرن” وحاضراً “بفيروس كورونا”، ما يزال الشعبُ اليمنيُّ يواصل مشوارَ كفاحه؛ من أجلِ استقلاله وحريته في ذات الوقت الذي ما زالت فيه دولُ العدوان تواصلُ إجرامَها من دون رادع دولي أَو أممي.
ولعلَّ كورونا يردع العالمَ عن الخضوع للهيمنة الأمريكية الوهمية، والتي لا يقلُّ زيفُها عن شبح هوليودي يستخدمونه للتهويل لا غير، وتبقى المسمياتُ هي من استهدفت المقدساتِ الإسلامية وحياة الشعوب ونهضتها في العالم.
فالشعبُ اليمنيُّ قد حدّد مسارَه من دون تراجع، وفرض نفسَه بين دولِ العالم من تحت الأنقاض، كشعب حر مستقل له سيادته التي لم ولن يساومَ بها مهما كانت التحديات.
وتبقى اللعبةُ الأمريكية ساريةَ المفعول، كجوكر يجول أرجاءَ العالم؛ من أجل العبث!!، لكن لن يحد من عبثه إلّا من أراد لنفسه الخلاصَ، ولكم في اليمن أيها العالم المعمى عن الكثير والكثير من الدروس والعبر.