من سفك دمَ غيرِه عرّض دمَه للسفك!
أحمد داوود
كان بالإمْكَان أن يعيشَ البلدَان “اليمن والسعوديّة” في أمنٍ وأمانٍ واستقرارٍ، كما هو حال “عمان واليمن”، لكنَّ مارد الشر خرجَ من القمقم، فقرّر قبل خمسة أعوام اغتيال بلد، وتدمير وطن، وحصار شعب، والآن ونحنُ نلج العام السادس من العدوان لا يريد هذا العدوُّ أن يتوقف.
خلال السنوات الخمس الماضية، صبَّ العدوانُ جام غضبِه على بلادِنا، الكثير من الصواريخ سقطت على منازلِ الأبرياء، وعلى الطرقات، والجسور، والمدارس، والمستشفيات، وحتى قاعات العزاء والأفراح لم تسلم منه، وعربدة الطيران لم تتوقف ولو يوماً واحداً تحت سماء بلدنا الحبيب.
لقد اجتمع الأشرارُ من كُـلِّ بقاع العالم، وتهافتوا على قتل المدنيين الأبرياء، وتحقّقت أحلامُ المرتزِقة بتدميرِ البلد وإعادته مِئة عام إلى الوراء.
كانوا يعتقدون أن أسبوعاً أَو شهراً أَو سنة واحدة، كفيلةٌ بتحقيق أحلامهم، لكنَّ اللهَ خيّب تلك الآمال، ومحاها، عندما تصدّى الأبطال من الجيش واللجان الشعبيّة بكلِّ بسالة وشجاعة لهذا الغزو الكئيب، وعندما صمد الشعبُ أمام آلة القتل والحصار بكلِّ ثبات وشموخ وشجاعة منقطعة النظير.
كان الخبراء وَعمالقة الشأن العسكريّ يعتقدون أن بلداً فقيراً مزقته الحروبُ الأهلية والصراعات السياسية لن يقوَ على الصمودِ أمام دول كبرى كالسعوديّة والإمارات وتحالف كبير تُقدّم له أمريكا وبريطانيا وفرنسا الدعمَ الكاملَ والخبرات الكفيلة، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن يمضي العام الخامس، والعدوّ منهك، ويلفظ أنفاسَه، ويبحث عن طرق وأساليب وعن منقذ يعينه من النزول من أعلى الشجرة، بينما هؤلاء الفقراء الحفاة يتابعون النصرَ بالنصر، ويحقّقون المعجزات، ويبهرون العالم كلَّه بالصناعات العسكريّة، وبالتكتيكات المذهلة التي ينجزونها من يوم إلى آخر، ويواصلون المسيرَ بكل عزيمة وثبات وشموخ وإِيْمَان بأن النصر حليفهم وَأن الخزي والعار هو لهذا التحالف البغيض.
إن الأعداء يريدون الاستمرارَ في سفك دماء اليمنيين، حتى لو استمرّت هذه الحربُ إلى يوم القيامة، ولا يكترثون إن كان هذا القتيلُ رجلاً أَو امرأة أَو طفلاً، أَو قتل بقنبلة عنقودية أَو فسفورية أَو انشطارية، أَو بالأمراض أن كان كوليرا أَو دفتيريا أَو حمى ضنك وغيرها.
في اليمن “هذا ليس وارد”، كما قال قائدُ الثورة السيّد عبد الملك بدر الدين الحوثي، فاليمنيُّ لا يقبل على نفسه أن يقتلَ بكل هذه المهانة، وإن كان ثمة مرتزِقة يقبلون على أنفسهم الذلَّ والهوان، فإن الأحرارَ يفضلون أن يدوسوا رؤوسهم تحت التراب دون الانحناء والطاعة للغزاة والمرتزِقة، ولهذا امتلأت الجبهاتُ بالأبطالِ من الجيش واللجان الشعبيّة، وقاتلوا قتالَ الأبطال، وهزموا المعتدين، وأوقفوا غرورَهم وجبروتهم، ووصلت صواريخُنا وطائراتنا المسيّرة إلى عمق العدوّ، فأوجعته وأذلته، وحقّقت توازن الردع.
واليوم نقول للعدوان ونحن نلج العام السادس من الصمود: عليكم أن تتذكروا أن عدوانَكم لن يمرَّ بسلام، وأن الاستمرارَ في هذا العدوان للعام السادس على التوالي، لن يجلب لكم إلّا المزيد من الهزائم والويلات، وستجدون أنفسكم في نهاية المطاف الخاسرين والخانعين والمهزومين، فالعدوانُ على اليمن ليس نزهةً كما تعتقدون، وبالتأكيد فإن تجاربَ السنين الماضية كانت مريرةً جِـدًّا عليكم.
وإننا نقول لكم اليوم كذلك: “من سيسفك دمَ غيره عرّض دمَه للسفك، ومن دسَّ سماً في كأسٍ، قضى العدلُ عليه قضاء لا مردَّ له بأن يعيد الكأس إلى شفتيه”، و”من نقل فيروساً إلى غيره فسيعود هذا الوباء لينهش من جسده”.