ذكرى الصمود
د. فاطمة بخيت
في بلد الإيمان والحكمة، البلدِ الذي عانى كثيراً على مدى عقودٍ من وصايةِ القوى الخارجية والهيمنة عليه وعلى مقدراته، في الوقت الذي خلع فيه ثوبَ الوصاية والتبعية لكل تلك القوى التي كانت تظلمُ وتبطُشُ وتتحكّمُ في كُـلّ شؤونه وتديرُ كُـلّ أموره، قامت تلك القوى الظالمة قبل خمسة أعوام بتشكيلِ تحالفٍ دولي ضَمَّ عشرات الدول العربية والأجنبية، وعلى رأسها أمريكا والسعوديّة وشنّت عدواناً غاشماً، قتل وجرح الآلاف ودمّر المنازل والمنشآت، وشرد الملايين وحاصر شعبا بأكمله واستخدم كُـلّ وسيلة لحربه.
على الرغم من الجرائم الوحشية التي ارتكبها هذا العدوانُ في حَـقّ هذا الشعب، إلا أنّ البأسَ اليماني الذي يأبى الذُّلَّ والخنوعَ والاستسلام كان له بالمرصاد، فقام بالمواجهة منذ الأيّام الأولى ودافع عن الدِّين والأرض والعِرض، ضحى بكل غالٍ ونفيسٍ في سبيل نيل الحرية والكرامة، ربط على جراحِه ليواصلَ الطريقَ التي بدأها، قام برفد الجبهات بالمال والرجال، عمل على أن يكتفيَ ذاتياً لتأمين مصدر قوته ومواجهة عدوه، قام بالتصنيع العسكريّ والطيران المسيَّر، عمل كُـلّ ما بوسعِه لمواجهة هذا العدوان الظالم على رغم حجم المعاناة والتحديات التي تحيطُ به من كُـلّ مكان، وعاماً تلو عام يزدادُ قوةً وصلابةً وعزماً في مواجهة هذا العدوان الوحشي، استبسل رجالُه في عشرات الجبهات، واجهوا مرتزِقةَ الداخل، ومرتزِقةَ الخارج من مختلف البلدان وأشهر شركات الارتزاق في العالم، حقّقوا الانتصاراتِ تلو الانتصارات في مختلفِ الجبهات بشكل لم يخطر للعدوِّ على بال، مع وجود الإمْكَانات والتكنولوجيا المتطورة التي يمتلكُها العدوّ والدعم اللوجستي الذي تدعمه به القوى الغربية.
وكلما زاد من وحشيته وصلفه، زاد هذا الشعب قوةً وتحدياً في مواجهته، حتى أصبح العامُ الخامسُ -بفضل الله- يفرِضُ معادلاتٍ جديدةٍ في ميدان المواجهة، وتقدُّماً كبيراً على مختلف المستويات.
ومع هذا التقدُّمِ المتسارع، تبدو الفترة القادمة –بإذن الله- حافلةً بالانتصاراتِ والتقدمِ المستمرِّ الذي سيكون سبباً في هزيمة هذا العدوّ الغبي الذي لم يأخذ العظةَ والعبرة من هزائمه طيلة خمسة أعوام في عدوانه على هذا الشعب، وسيشهد العامُ السادس الكثيرَ من التحولات التي سيكسر الله بها شوكة هذا العدوّ المتغطرس الذي ظن أنّ بإمْكَانه هزيمة شعب الأنصار.
وكما كان الأجدادُ نموذجاً مشرفاً لنُصرة هذا الدين والذود عن حياض المسلمين، كذلك سيكونُ الأحفادُ هم من يواجهُ أعداءَ الأُمَّـة حتى تحريرِ كافةِ المقدسات.