بعد خمسة أعوام من الصمود اليمني مبادراتُ صنعاء عند تحالف العدوان أحلاها مُـــر
نجم الدين الرفاعي
لأَنَّها ليست استعراضاً ولا مُجَــرَّد سياسة بمفهوم سياسيّ العصر الحديث، الذين جعلوا السياسةَ مرادفاً للكذب والخداع، حرّكت مبادراتُ قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشّاط، المياهَ الراكـدةَ في تحالف العدوان بقوة على المستوى المحلي والإقليمي والعالم؛ لأَنَّها تنطلقُ من واقع الالتزام الديني والتطبيق العملي لهدي الله وترجمة السنن الإلهية.. أخلاقنا القرآنية تنتصر والسير وفق سنن الله تجعلنا الغالبين، هذه هي أسرارُ الانتصار للمستضعفين والحقيقة التي عميت عن رؤيتها أعين المستكبرين، ليمضي الله مشيئته وتتحقّق وعودُه ويستقيم عدلُه.
السلامُ العادل خيار الأقوياء ولا قرارَ للعاجزين سوى المضي في المزيدِ من الغرق في المستنقع اليمني، هذا ما ينطبق على تحالفِ العدوان الذي سارعت أبواقُه كعادتها بالترحيب إعلامياً بالسلام والتشكيك بمصداقية القوى الوطنية في صنعاء، أما على الواقع فثمة حديثٌ آخر، فطيرانُ العدوان كعادته مستمرّ في ارتكابِ الجرائم وازهاق المزيدِ من أرواح الأبرياء في الطرقات والمنازل والمزارع وغيرها من الأهداف التي لا علاقةَ لها بالجبهات العسكريّة والمرتزِقة في مختلفِ الجبهات، مستمرّون في استهداف المدنيين في منازلهم، والدريهمي خيرُ شاهد على جرائمهم صعيد هجماتهم، والحصارُ على أشده وكل محاولات الكيد باليمن أرضاً وإنساناً، وإشعال الجنوب بصراعات الأضداد الذين يُحرّكهم ويمولهم صراع المكاسب ورغبات السيطرة الخفي بين شركاء التحالف وأعداء الأطماع الإماراتيين والسعوديّين، فنظاما الدولتين رهنا مقدرات شعوبهم وثرواتهم خدمةً لترامب ونتنياهو، عجز شامل عن تحقيقِ أية مكاسب؛ بسَببِ بسالة صمود أحرار اليمن وشُرفائها الذين تتنامى قدراتُهم العسكريّةُ وتزداد انتصاراتُهم في الجبهات ونجاحاتُهم في إدارة دولة كانت قبل خمسة أعوام ركاماً من الفوضى والفساد والضعف والتمزّق جراء عقود من الحرب الخفية شنتها ذاتُ الدول عبر أيديها في الداخل.
كعادته العالم يستمرُّ في تغييب ضمائر منظماته الأممية ومواقفه الرسمية مفضلاً المال، لا نعوّل على مواقف العالم منا، هكذا أصبحت قناعاتنا بعد خمسة أعوام من حرب إبادة شاملة يشارك العالمُ كلُّه فيها، إن لم يكن بجنود فبآلات الموت أَو الصمت المخجل عن بشاعةِ ما يحدثُ من جرائم.
اختارت الأنظمةُ الحاكمةُ في دول كثيرة أن تتحَرّكَ وفقاً للمكاسب المادية التي يجدها بسخاء مع حكام آبار النفط، ولا يجدونها حين يتحَرّكون خلف ضمائرهم وكل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من المفاهيم التي سقطت مع أول غارة فتكت بعشراتِ المدنيين الآمنين في منازلهم، شنها طيران تحالف الشر العالمي.
اليد الممدودة للسلام المشرف والعادل من القوى الوطنية في صنعاء، موقف ثابت منذُ بداية العدوان، فلسنا دعاةَ حرب، وندرك جيِّدًا ما تسببه الحروبُ من مآسٍ ومعاناة لا تستثني أحداً.
الجديدُ في المبادرات التي أُعلن عنها من صنعاء في ذكرى العام الخامس من الصمود الأسطوري في وجه العدوان وتدشين العام السادس الذي سيكون كابوساً حقيقياً على تحالفِ العدوان ومرتزِقته إن لم يجنحوا للسلام، أن هذه المبادرات أتت في زخمٍ عالمي واهتمام أممي كترجمة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة الداعية للتفرّغ لمواجهةِ جائحة كورونا الذي ينتشر بشكلٍ مخيفٍ في كُـلِّ دول العالم؛ لهذا فَإنَّ انتباه العالم سيكون أكبرَ، وبالتالي فَإنَّ حرج أنظمة العدوان العاجزة عن اتّخاذ خطوة نحو سلام لا تريده أمريكا لاستمرار صناعتها العسكريّة سيكون كبيراً.
المبادرة الثانية التي وضعت نظامَ نجد في زاوية ضيقة المتعلقة بالإفراج عن طيار وأربعة من ضباط وجنود نظام نجد في قبضة صنعاء، مقابلَ الإفراج عن المختطفين الفلسطينيين من نظام نجد وفي سجونه والذين يحاكمون تقرباً للكيانِ الصهيوني بتهم دعم جماعات إرهابية، ويُقصد بتلك الجمعات حماس والجهاد المقاومتان للاحتلالِ الصهيوني لأراضي فلسطين، فَإن استجاب نظامُ نجد للمبادرة وأطلق الفلسطينيين فسيغضب أسيادُه في تل أبيب ويظهر قبح إجراءاته ويكتشف العالمُ حجمَ ممارساته التعسفية والظالمة ضد القوى المقاومة للصهاينة، وإن لم تستجب وقع في حرج سقوط قناع تشدقه في دعم القضية الفلسطينية وينسف كُـلَّ مواقفه الكاذبة تجاه القضية الفلسطينية التي تُعتبر محوريةً لدى الشارع العربي والإسلامي والحقوقي في العالم، خياران أحلاهما مُر وإن كانت ملياراتُ النفط قادرةً على تجميل الوجه القبيح لهذا النظام المستبد.
صنعاء تدشن العام السادس من الصمود بثقة أكبر بنصر الله وبقوة أكبر بعد الإنجازات العسكريّة التي تحقّقت في الجبهات الشمالية والشرقية والتطور الكبير والمتنامي للصناعات العسكريّة خَاصَّةً الصاروخية والطيران المسيّر، قوة تتنامى لأصحابِ الحقِّ في ظل ضعف وضياع لبوصلة توجّـه تحالف العدوان ومرتزِقته وعجز شامل عن اتّخاذ أية قرارات من شأنها مساعدة تحالفِ العدوان على اتّخاذ قرارات من أي نوع لوقف استنزافه أَو تحقيق أطماع دوله المتناقضة في موقع وثروات اليمن وسواحله.
القرارُ الصائبُ الوحيدُ الذي يمكن أن يحقّق مصلحةَ تحالف العدوان، هو الاستجابة لدعوات السلام والمسارعة في تقبيلِ اليد الممدودة بالسلام العادل من صنعاء؛ باعتبارها المخرجَ الوحيدَ لكيانات بدأت خزائنُها المالية تنفد؛ بسَببِ ترامب الحلاب الذي لا يرحم أبقارَه.