المدنُ التاريخية والمعالم الأثرية.. استهدافٌ ممنهجٌ للعدوان والجماعات الإجرامية!
5 سنوات من محاولة طمس التراث وَالتاريخ
المسيرة- عباس القاعدي
ألحق العدوانُ الأمريكي السعودي خلال السنوات الخمس الماضية أضراراً كبيرةً بالمدن التاريخية والمعالم الأثرية والمتاحف، تنوعت ما بين الدمار والعبث والنهب، الأمرُ الذي شوّه بمعالم هذه المدن وجعل منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافية “اليونسكو” تهدّد أكثرَ من مرة بشطبِ عدة مدن تاريخية يمنية من قائمة التراث العالمي.
وبالتوازي مع الضربات الموجعة للعدوان على المدن التاريخية والأثرية اليمنية في شمال اليمن، فقد تعرضت عدة مدن تاريخية في جنوب اليمن للتدمير والعبث من قبل الجماعات الإجرامية، ما يؤكّـد على “واحدية المنهج” في تدمير والإضرار بتراث وحضارة اليمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي دفع بالعدوان الأمريكي السعودي إلى استهداف المدن التاريخية خلال السنوات الماضية؟
يقول رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، خالد حسين الإبراهيمي: إن العدوان السعودي الأمريكي لجأ إلى استهداف المدن التاريخية؛ لأَنَّه يفتقرُ إلى جميعِ مقومات الحضارة والتراث والتاريخ والآثار، وَلا يمُتُّ إلى التاريخ بأية صلة، وهذا ما جعله يطمحُ في الحصول على الكم الهائل من الموروث الأثري والثقافي والإنساني.
ويؤكّـد الإبراهيمي في حديثه لصحيفة المسيرة، أن العدوان يطمع في القضاء على الأُمَّــة اليمنية، وعلى المدن التاريخية والمعالم الأثرية، ويسعى إلى سرقة ما تبقى من التراث اليمني، كالمخطوطات والآثار والمقتنيات التاريخية، مستخدماً كُـلَّ الوسائل الممكنة، إما عن طريق المافيا أَو العصابات المجندة والتابعة له؛ مِن أجلِ أن يتغنى بأنها تعودُ إلى تاريخ وحضارة أجدادهم الذين لا يتعدون 72 عاماً.
ويشير الإبراهيمي إلى أن التراث اليمني كالمدن والمخطوطات والآثار، والمقتنيات التاريخية موجودةٌ من قبل الميلاد، ضارباً مثلاً بمدينة صنعاء القديمة التي بُنيت بعدَ الطوفان، وكانت تسمى مدينة سام نسبة إلى سام بن نوح -علية السلام-، وهذا يدُلُّ عمق حضارة اليمن والتي تعود إلى آلاف السنين.
صنعاءُ القديمة.. الوجعُ الأكبر
لقد كانت مدينةُ صنعاء القديمة واحدةً من أبرز المدن التاريخية التي تعرضت للاستهداف من قبل العدوان الأمريكي السعودي، فهذه المدينة الجميلة التي تأسر الزائرين بجمالها الفريد وحضارتها الضاربة في أعماق التاريخ تعرضت للتشويه والدمار من قبل العدوان، وتعد من أكثر المدن التاريخية في اليمن التي لحقت بها أضرارٌ كبيرة، كما يقول الإبراهيمي.
ويتساءل رئيسُ الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية، خالد الإبراهيمي: لماذا يقدم العدوان على قصف مدينة كصنعاء القديمة؟!
ويؤكّـد الإبراهيمي أن العدوانَ يريد طمسَ الحضارة التاريخية، والهُــوِيَّة الإيمانية التي تمتد إلى آلاف السنين، حيث استهدف حيَّ الفليحي والقاسمي والمدرسة بمدينة صنعاء القديمة، بالإضافة إلى ما تعرضت له المدينة من أضرار ودمار عن الانفجارات التي كانت تحصل نتيجة القصف على العرضي ونُقُم وعلى مبنى هيئة الأركان في القيادة، وقد تسبب هذا في اهتزازات وتشققات لمعالم صنعاء القديمة، الأمر الذي يهدّدُ نسيجَها المعماري.
ويضيف الإبراهيمي بقوله: كما تعرضت قرية عطّان للدمار بشكل كلي أَو جزئي؛ بسَببِ القصف المتواصل والمباشر على جبل عطان، وكذلك تعرض مسجد وضريح الإمام عَبدالرزاق بن همام الصنعاني الواقع في منطقة حمراء بقرية دار الحيد بمديرية سنحان لتدمير بشكل كلي، موضحاً أن العدوان حاول استهدافَ مدينة صنعاء القديمة ومدينة شبام حضرموت المدينة الأقدم في العالم لناطحات السحاب، كما استهدف مدينةَ زبيد التي بُنيت في 4 شعبان قبل ألف ومائتي سنة، أيام الدولة الرسولية.
ونتيجةً لاستهداف مدينة زبيد فإن منظمةَ “اليونسكو” هدّدت عدةَ مرات بشطبها من قائمة التراث العالمي، لكن الهيئة –كما يقول الإبراهيمي- تواصلت باليونسكو، وأخبرتها بأن الركيزةَ الأولى لمحاولة طمس الهُــوِيَّة هو العدوان عن طريق استهدافه للمدن التاريخية، وقد تفهمت اليونسكو ذلك وتمت الموافقة على بقائها في قائمة الخطر، ولم يتم إخراجُها من القائمة الرئيسية نهائياً -والكلام للإبراهيمي-.
من جهتها، تتحدث وكيلةُ الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، أمة الرزاق جحاف، على المآسي التي تعرضت لها مدينة صنعاء القديمة، وتؤكّـد أن العدوان استهدف ستةَ معالمَ أثريةٍ تاريخية في حارة القاسمي بالتدمير، إضافةً إلى استهدف أكثرَ من ثلاثمِئة موقع ما بين دمار كلى وجزئي، مثل ما حصل في بيوت البليهي الثلاثة التي دُمِّرت، مما أَدَّى إلى تأثر وتضرر النطاق كله، وكذلك استهدف بوابةَ قصر العُرضي التاريخية والنادرة بأكثرَ من غارة، مما تأثرت كُـلُّ المنازل القريبة منها، وحدث فيها انهيارات أسقف وجدران وتشققات وتصدع في أَسَاسات المباني.
وتقول جحاف: إن الهيئةَ اكتشفت شقوقاً سارية كأنها شبكة داخل المدينة، ولم يسلم منزلٌ، ولو كانت المنازل قائمةً فأَسَاساتُها مخلخلة، كان ذلك أثناء العمل الميداني لحصر وتقييم الأضرار، مَا جعل المواطنون يقدمون إلى الهيئة شكوى بأن منازلهم تضررت؛ نتيجةَ قصف العدوان، باحثين عن حلول لمنازلهم التي كادت تنهار فوقَ رؤوسهم.
وأشارت جحاف إلى أن كُـلّ باب أَو نافذة أَو قمرية أَو أي شيء تأثر في بيوت صنعاء القديمة هو نتيجة قصف طيران العدوان على نقم أَو المناطق المجاورة، مؤكّـدة أنه من الصعب أن يتكرّر أَو يتم إعادته ولو بنفس المواصفات؛ لأَنَّ ذلك يُعتبر بالنسبة “لليونسكو” جديداً، ويعتبر بالنسبة للمدينة وتاريخ الحفاظ جديداً.
وتشير جحاف، إلى أن الهيئة قد تواصلت مع اليونيسكو، وطالبت بتشكيل لجان محايدة، بحيث تنزل إلى المواقع والمدن التأريخية التي تم استهدافُها من قبل العدوان.
كوكبان.. الخسائرُ تُقدر بـ 600 مليون
ولم يقتصر استهداف العدوان الأمريكي السعودي على مدينة صنعاء القديمة فحسب، بل أقدم على شن عدة غارات استهدفت مدينة ثلا وَكوكبان التاريخية.
وكوكبان هي المدينةُ الشهيرةُ التي تناطح السحاب، وتمثل بمبانيها العتيقة التي حافظت على طابعها المعماري متحفاً مفتوحاً يجسد عظمةَ التاريخ القديم للمدينة، التي لا تزال تحتضنُ في طياتها جزءاً هاماً من تاريخ اليمن، وَيجد الزائر فيها كُـلّ ألوان العَبَقِ اليماني الفريد وموروثه الحضاري العامر.
ويؤكّـدُ رئيسُ الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية، خالد الإبراهيمي، أن العدوان استهدف مدينة كوكبان بـ 13 غارة، ملحقاً بها أضراراً جسيمة وكبيرة، وخَاصَّةً في المباني الخَاصَّة وعددها 12 مبنىً والتي تُقدر خسارتها بـ 315 مليون ريال يمني، وَأضرارٌ بمنازلَ عاجلٌ إصلاحُها وعددُها 4 تقدر خسارتها بسبعين مليوناً، وهناك أضرارٌ متوسطة متفاوتة عددُها 161 تُقدر الخسائر بـ مِئة وأربعين مليوناً، وَأضرار متفاوتة للسوق القديم عددها 24 دكاناً تقدر خسارتها باثنين وثلاثين مليوناً.
ومن المدن التاريخية التي استهدفها العدوان “القشلة” التي بناها الأتراك وجعلوها مدخلاً للمدينة عبر باب الحديد، والبوابة الرئيسية للمدينة، حيث تقدر خسارتها بمِئة وواحد وثلاثين مليوناً وخمسمِئة ألف (131500) ريال يمني، وهناك أضرار متفاوتة خارج السور عددها 45 ضرراً تقدر خسارتها بستة مليون ريال، حيث يُقدر إجمالي الخسائر بمدينة كوكبان، بستمِئة مليون ريال يمني.
ويرى الإبراهيمي أن هناك أضرارا كبيرة غير مباشرة للعدوان على المدينة، فقد خسرت اليمن ملايين الدولارات؛ نظراً لتوقف السياحة.
شبام حضرموت.. عبث الجماعات الإجرامية
ومن المدن التاريخية التي تعرض للاستهداف، لكن ليس عن طريق العدوان الأمريكي السعودي، وإنما عن طريق أدواته الإجرامية، مدينة شبام بحضرموت، حيث تعرضت المدينة للاستهداف عن طريق التفجيرات الإرهابية، واحدٌ خارج البوابة والثاني داخلها.
ويقول الإبراهيمي: إن الإرهابيين دمّـروا ما يزيد 16 مَعْلَماً تاريخياً بمدينة شبام.
وتعتبر مدينةُ صعدةَ التاريخية، واحدةً من ضمن 12 مدينة يمنية مهدّدةً بالشطب من قائمة التراث العالمي؛ بسَببِ قصف العدوان الأمريكي السعودي.
وتقول أمة الرزاق جحاف: إن صمود الشعب اليمني نابع من أنهم يستندون إلى مرجعية ثقافية إيمانية تاريخية حضارية كبيرة، وهذه سر الصمود والثبات، مؤكّـدة أن العدوان يريد طمس هذه الهُــوِيَّة؛ مِن أجلِ أن يسهلَ له السيطرة على بلاد لا هُــوِيَّة له؛ لذلك فهم حريصون على تدمير الآثار والمدن التاريخية.
وتؤكّـد جحاف أن ما يحدث لجزيرة سقطرى من نهب وسرقة من قبل الاحتلال الإماراتي يعد “جريمة من جرائم الحرب”، مشيرة إلى أنهم في الهيئة يجهّزون ملفات لإدانة العدوان لارتكابه جرائم بحق التاريخ والموروث الثقافي، على أن يتم رفعها إلى وزارة الشئون القانونية والجهات المختصة، كي يتم تقديمُها إلى المحاكم الدولية؛ لأَنَّه لا يمكنُ السكوتُ عن هذه الجرائم والانتهاكات بتاريخنا وثقافتنا وهُــوِيَّتنا.
المدن التاريخية.. 40 عاماً في سلة المهملات
وبالعودة إلى التاريخ -أي قبل العدوان على اليمن- كانت مدينة صنعاء القديمة والمدن الأُخرى في سلة المهملات من قبل حكومات الأنظمة السابقة، حيث كانت تتجاهل ترميمَها وإعادتها إلى دائرة الحضارة، وضمها إلى القائمة الرئيسية.
وهنا يستذكرُ رئيسُ الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ما حدث لمدينة صنعاء القديمة والمدن الأُخرى من إهمال وَنهب وسرقة وَدمار وخراب سابقاً، فيقول: إن حكومات الفساد السابقة التي نهبت المال العام، لم تهتم بالمدن التاريخية ولم تحافظ عليها ولم تتابع في تسجيلها ضمن التراث العالمي رغم إمْكَانيتها، ولم تسجل أية مدينة تاريخية في عمرها الذي تجاوز أربعمئة عاماً، سواء ثلاث مدن سجلت وكان تسجيلها مبادرةً من اليونسكو نفسها في ضمها إلى القائمة الرئيسية، بل تم نهبها وسرقتها من قبل مسؤولين الحكومات السابقة الفاسدين والخائنين، الذين سرقوا تاريخ وآثار اليمن وباعوها لأنظمة العدوان سابقاً، وخانوا الوطن حاضراً، معتبراً ذلك عدواناً واستهدافاً داخلياً ممنهجاً على المدن الأثرية والتاريخية.
بدورها، تضيف وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، أمة الرزاق جحاف، أن الحكومات السابقة لم تسعَ إلى إنشاء سجل وطني يحمي التراث والآثار وتسجل فيه كُـلّ قطعة من الآثار.
وأشارت جحاف إلى أن الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية برغم العدوان والحصار بصدد إنشاء سجل وطني، بحيث يتم تشكيلُ لجنة لإعداد مشروع دراسة السجل الوطني، والتقدم به إلى مجلس الوزراء لاعتماده وإصدار قرار بإنشاء سجل وطني لحصر المعالم التاريخية والحصون والقلاع في الجمهورية اليمنية، وإعداد مخطّط حفاظ لمدينة صنعاء القديمة ومدينة شبام، أُسوةً بمخطّط مدينة زبيد، مؤكّـدة أنه لا يوجد في الهيئة مخطّط إلّا لمدينة زبيد فقط الذي هو موجود وعملَه الأجانب، وهذا من الأولويات الملحة التي تعتبر من ضمن خطة 2020 التي أدرجناها ضمن الرؤية التي قدمت إلى وزارة الثقافة التابعة للرؤية الوطنية لبناء الدولة؛ مِن أجلِ أن تسجل كُـلّ موروث ثقافي يمني بشقَّيه المادي ولا مادي، ونحن نبدأ بالتراث المادي؛ لأَنَّه أكثر عرضةً لنهب والسرقة والتدمير.
اهتمامٌ كبيرٌ من القيادة السياسية
ويتساءل الكثيرون: ما دورُ الجهات المختصة في بلادنا للاهتمام والمحافظة على هذه المدن التاريخية؛ كي لا تتعرض للشطب من القائمة الرئيسية؟
ويؤكّـد رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية خالد الإبراهيمي، أن القيادة السياسية والثورية وحكومة الإنقاذ الوطني والجهات المعنية والخَاصَّة، تولي اهتماماً كبيراً تجاه هذه المدن والمحافظة عليها وَعلى هُــوِيَّتها الإيمانية وعلى أصالتها، وتحد من انتشار المخالفات والفوضى والاستهداف، وتسعى بجهود حثيثة رغم شحة الإمْكَانات الناتجة عن العدوان الذي أثّر على القدرة المالية والإنسانية ودمّـر المدنَ الأثرية والتاريخية، إلى ضم أكبر قدر ممكن من المعالم الثقافية والمدن الأثرية والتاريخية إلى القائمة الرئيسية منها (دار الحجر بوادي ظهر ومدينة صعدة التاريخية وثلا وحراز)، حيث تمت الموافقة على ذلك من قبل اليونسكو.
كما تمت الموافقة على ضم عشر من المدن والمواقع التاريخية والثقافية والطبيعية والإنسانية إلى قائمة الانتظار وخمس من المواقع إلى القائمة التمهيدية، كان ذلك في المركز الإقليمي للتراث العالمي، وهذا الإنجاز ضمن خطة العمل التي نمشي عليها رغم الحصار والعدوان، والمتمثلة في ضم أكبر قدر من الممكن من المدن اليمنية إلى قائمة التراث العالمي، سواء إلى قائمة الانتظار أَو إلى القائمة التمهيدية منها إلى الرئيسية، وإخراج ما استطعنا من المدن من قائمة الخطر وقائمة الانتظار ونعيدها إلى القائمة الرئيسية.
خسائرُ المواقع والمتاحف الأثرية
وبالتوازي مع استهداف المدن التاريخية اليمنية، كان للآثار والمتاحف اليمنية نصيبٌ من العدوان الأمريكي السعودي عليها.
ويسرد رئيسُ الهيئة العامة للآثار والمتاحف، مهند السياني، في حديثه لصحيفة “المسيرة” ملخصاً لهذه الخسائر، فيقول: إن العدوان دمّـر بطريقة مباشرة وغير مباشرة أكثرَ من 66 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وألحق بها أضراراً.
ويقول السياني: إن المتحفَ الوطني للآثار تأثر نتيجةَ القنبلة التي قصف بها العدوان على جبل نُقُم، وحدث له تشققاتٌ في السطح وفي جدران المبنى نفسه.
ويوضح أن بعض المتاحف تعرضت للقصف المباشر، ومنها متحف ذمار ومتحف براقش وقلعة القاهرة في تعز والمتحف الحربي في عدن وسد مأرب الذي استهدف بسبع غارت، مُشيراً إلى أن مخازنَ المتاحف والأماكن التي احتفظت فيها الآثار؛ خوفاً عليها من العدوان، أصيبت بالرطوبة ومُلِئت بالحشرات الضارة والحشرات القارضة وتأثرت.
وأوضح السياني أن العدوان ارتكب جرائمَ كثيرةً عن طريق الجماعات الإرهابية التابعة له والتي فجّرت أكثرَ من 40 معلماً (قُبةً ومزاراً دينياً)، أشهرُها مزار أحمد الفازة في التحيتا محافظة الحديدة، منوّهاً إلى أن هناك جرائم ارتكبها العدوان غير معلَن عنها خلال الخمس السنوات، منها جريمة النبش والتخريب في المواقع الأثرية بشكل عام واتساع رقعة التهريب من قبل الخونة التابعين للعدوان.
ولفت السياني إلى أن نسبةَ التهريب للآثار في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال 80%، وهذه كنسبة تقديرية، موضحاً أنه تم إلقاءُ القبض على 6 عمليات تهريب في العامين الماضيين فقط، منوّهاً إلى أنه ومع ظاهرة التهريب، ظهرت عملية التزوير لقطع أثرية وظاهرة البحث عن الكنوز والذهب، وهذه الظاهرة أدّت إلى تخريب الكثير من المواقع الأثرية ونبش بعض المقابر القديمة من قبل الخونة.
ويبرز التساؤل مرة أُخرى: ما الذي يدفع العدوان لاستهداف المواقع الأثرية اليمنية؟
يقول رئيس الهيئة للآثار والمتاحف: إن الموروثَ الأثري المتفرد والذي لا تمتلكه أيةُ دولة من دول المنطقة هو ما دفع العدوان إلى استهداف المدن التاريخية والأثرية، مُشيراً إلى أن هناك خبراءَ دوليين يؤكّـدون أن العديدَ من المعالم الأثرية التي تعرضت للقصف الجوي لطيران العدوان كانت قبل العدوان وأثناء العدوان لا يوجد بداخلها أي تواجد عسكري، رغم أن جغرافيتها لا تسمح بإخفاء شيء، ومع هذا قُصفت نتيجة حقد دفين تجاه اليمن.
ويوجد في اليمن وخَاصَّة في كُـلّ محافظة ومديرية وعزلة وقرية موقعٌ أثري، وهو ما اشتمل من عصور قبل التاريخ والعصور التاريخية والعصور الإسلامية والعصور الحديثة، وكلها معالم أثرية مهمة.
ويشير السياني إلى أن اليمن يشهدُ نهضةً أثرية تاريخية، على الرغم من تدمير العدوان للآثار، منوّهاً إلى أنه تم اكتشافُ أماكنَ أثرية جديدة لم يكن اليمن يعرفُها من قبلُ؛ بسَببِ الأنظمة السابقة التي لم توفر مسحا كاملا لليمن إلّا لمحافظتين، مؤكّـداً أن الهيئة بدأت بالمسح في بعض المحافظات رغم العدوان على مراحلَ، حيث يوجد لديها مشروعان عملاقان.. الأول: الخارطة الأثرية الفضائية عن طريق الأقمار الصناعية بالتعاون مع جامعة إكس فورد، والثاني: أطلس الآثار اليمنية مع المعهد الألماني للآثار..، وهذا يطلّع لنا خرائطَ رقميةً خَاصَّة يدخل فيها الموقعُ الأثري وأهم المعالم الأثرية، وهذه مشاريعُ علمية وقد بدء العمل فيها بروح يمنية جديدة تحب الوطن وتراثَه وبحسب توجيهات القيادة الثورية والسياسية.