السيد القائد وكلمته القيِّمة الجامعة الثرية.. “الإيمَان يصنع حضارة ويبني أمّة” 3 – 4
مطهر يحيى شرف الدين
يتدفق الثراءُ الفكريُّ والروحي الطاهر من فمِ السيّد القائد عبدالملك الحوثي -يحفظه اللهُ-، وهو مع ذلك مفعمٌ بالقوة الإيمانية الجهادية، ممتلئاً ثقةً بالله متوكلاً عليه ومحيطاً بأسبابِ الثباتِ على الإيمان وعوامل الصمود والانتصارات التي منّ اللهُ بها على عبادِه المؤمنين، على أعداء الله الظالمين المستكبرين والمنافقين.
ففي إطارِ العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، يتحقّق جانب مهمٌّ جِـدًّا على الإطلاق، وهو جانب الوعي والبصيرة والنور، وبالإشارةِ إلى هذا الجانب يضيف السيّدُ القائدُ هذه العواملَ إلى المنظومة الإيمانية المتكاملة ويشير إلى قول اللهِ سبحانه: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ). وبذلك يؤكّـد فائدة وثمرة اتّخاذ القرآن الكريم منهجاً للهداية والبشرى، واعتبرها فكراً وثقافةً وإرشاداً إلى كُـلِّ ما فيه خير وصلاح الأُمَّــة، وإلى كُـلّ حكمة ونصرٍ وفلاح وسعادة ورضا لله سبحانه وتعالى، وفي ذلك تأكيد وَتجسيد للقوة المعنوية للإيمان الذي يصنع حضارةً ويبني أُمَّــة تسودها عزة وكرامة، بعيدةً عن الوقوع في شباك أعداء الإسلام والمسلمين الذين لا يقف شرُّهم عند حَـدٍّ ويتمنون زوالَ وهلاكَ الأُمَّــة الإسلامية، فمهما تودد المسلمون وتقربوا من أعداء الله، فهم في كُـلِّ حال ومع كُـلِّ تعامل يسعون إلى إبعادِنا عن الله سبحانه ويسعون إلى محو القيم الإيمانية والأخلاقية، وطمس هُــوِيَّتنا التي نعتز بها لنصلَ إلى الضياع والتضليل والفساد عبر ثقافاتهم الدخيلة، بشتى أنواع الوسائل الإعلامية الجماهيرية والمجتمعية.
وفي ذلك يقول السيّد القائد: حالة الاستهداف وما يمتلكه أعداؤنا من إمْكَانات إعلامية هائلة إمْكَانات للغزو الثقافي والفكري وللتضليل وللإفساد تؤثر على الكثيرِ من أبناء أمتنا في مفاهيمهم في ثقافاتهم في تفكيرهم، وحتى في نمط حياتهم وسلوكهم وأعمالهم.
وعن نتيجةِ وعواقبِ الاستهداف ومخاطره يقول: العدوُّ إذَا سيطر على أفكارِنا ومفاهيمنا وأثّر علينا في سلوكياتنا وحياتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وتغلغل إلى واقع حياتنا متحكّماً بتفكيرنا وأعمالنا، حينها سنكون بلا شك مسيطراً علينا وعلى واقعِنا بشكلٍ تام، وحينها نضيع ونصبح أمّةً مستغلة، ويشير السيّدُ القائد إلى قولِه سبحانه وتعالى: (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ).
فلو أنّ الدولَ العظمى تودُّ الخيرَ للأُمَّــة الإسلامية لوقفت إلى جانبِ الشعوب العربية في أن تكون مستقلة اقتصادياً ومكتفية ذاتياً، وبالذات في جانب تعزيز منظومة الدفاع العربية ودعمها وَتطويرها، لا أن تقف معاديةً ضد من ترغب بتحصين أوطانها بامتلاك أسلحة دفاعية ضد أعدائها المتربصين؛ ولذلك فَإنَّ كُـلَّ ما يريده الأعداءُ من الدول العربية وشعوبها هو أن تكون ضعيفةً وَخاضعةً وتابعةً غيرَ منتجة أَو مصنِّعة، وتفتقد للعلم والمعرفة وَلا تمتلك أية مقومات عسكريّة واقتصادية، وهذا بلا شك يتنافى مع ما أمرنا اللهُ به في محكم كتابه في قولِه تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
وفي هذا الجانبِ المهم، يوضَّح السيّدُ القائدُ طبيعةَ الواقع الذي تعيشه الدولُ الخليجية بقوله: انظروا مثلاً إلى البعض من دول الخليج، الإمارات العربية المتحدة كنموذج، كُـلُّ بنيتها الاقتصادية هي بنية سوق، والحالة التي تعيشها السعودية هل هي دولة منتجة؟ هل هي كما الصين؟ هل هي كاليابان؟ مع أن البعضَ من دول الخليج تمتلك من الثروات ما لا تمتلكه اليابان وما لا تمتلكه الصين، ولكن أين هي على مستوى إنتاجها وعلى مستوى أن تحقّق لنفسها الاكتفاءَ الذاتي حتى في القوت الضروري؟
ولكي يتمَّ القضاءُ على الواقع الذي تعيشه بعضُ الدول والحالة المأساوية التي يسودها الضعف والهوان والتبعية، يعود السيّدُ القائد ليؤكّـدَ أهميّةَ امتلاك العلم وتوظيفه في بناء الحضارة، ويؤكّـد أَيْـضاً على الثقةِ بالله سبحانه وتعالى وعلى ترسيخِ الهُــوِيَّة الإيمانية؛ كونها عملية تعليمية وتربوية وقيمية وأخلاقية وعلى عامل تماسك وثبات الشعب اليمني في مواجهةِ المخاطر والتحديات.