عامٌ 6 وتبقى القدسُ قضيتَنا الأولى
إكرام المحاقري
طال أمدُها ونقضى هدفُها إلى زوال، ويبقى الحقُّ متربعاً، يعتريه الشموخُ والأنفةُ، وكما كانت نهاية حرب تموز جنوب لبنان ستكون نهاية العدوان في اليمن، خروج بطريقة الانكسارِ وزحف عسكريًّا إلى الوراء، وكلٌّ يعود إلى حضن ليلاه، يشكي لها كُـلَّ ما حدث له في أرض هي مقبرة للغزاة.
على مشارفِ العام السادس، أدلى السيّدُ القائدُ بدلوه إلى محيط القضية المركزية للأمة “القدس”، وكأن العدوانَ ليس إلّا نقلة نوعية لليمن، وهذا ما حدث فعلاً، ولتحالف العدوان شهادة عيان على ذلك.
عامٌ جديد طوى صفحات ملف يوجد به الآلافُ من الأرقام المهولة لضحايا من القتلى والجرحى، جلُّهم نساء وأطفال، شيوخ ومدنيون، عزل بشكل عام، هي نفس الأرقام لبنية تحتية هدمتها غاراتُ طائرات العدوان حتى أودت بها إلى ما قبل العصر الحديث، ليكون اليمنُ عبارةً عن أرض شبيهة بعاد وثمود، ولملف الانتصار طيّات نورانية كانت ثمرةً لكلِّ ما سلف ذكره، ويبقى الصراعُ مستمرّاً ما بين الحقِّ والباطل، حتى يفتضح مكرُه كما حدث في يوم زينة حدّده فرعون؛ من أجلِ فضح نفسه وهلاكها، وتبقى متغيراتُ الأزمنة بمسميات وشعارات باقية وفانية.
ليس اليوم فحسب، بل الأمس القريب والبعيد، كانت وما زالت القضيةُ الفلسطينية قضيةَ الشعب اليمني، رغم شراسة العدوان وأليم معاناة الحصار، ورغم الحرب الناعمة الخشنة التي سلبت الشعوبَ المسلمة هُويتها الإِيْمَانية، وانتزعت منها حميتها العربية الإسلامية، وتبجحت إسرائيل وضاعت القضية بعد التسليمة الأولى للعرب من صلاة السلام!!
وتبقى العظمةُ في خطاب السيّد القائد الذي قدّم الشعبَ اليمنيَّ في أحسن صورته الإِيْمَانية، وقيمه الوطنية، حيث ساومت دول العدوان للإفراج عن المختطفين الفلسطينيين المحسوبين على حركة حماس المقاومة، والتي تحاكمهم المملكةُ السعودية، وأصدرت بحقِّهم حكمَ الإعدام بتهمة هي حق مهزلة!!، مقابل طيار وأربعة ضباط سعوديين مأسورين في السجون اليمنية.
فهذه المساومة وهذا العرض لدول العدوان ليس إلّا صفعة لمن تشدّق بالدين وخلافة المسلمين وحماية مقدساتهم طول عصور مضت، حيث وأنهم في صفِّ الكيان الصهيوني الغاصب والمحتلّ للأرض العربية المقدسة فلسطين، فما هي جنسية ذلك الطيار الذي قدّمه السيّدُ القائد في قائمة المساومة?!
قد يكون إسرائيلي الجنسية، حيث وللكيان الصهيوني طلعاتٌ جويةٌ واعتداءٌ سافرٌ في اليمن، بذريعة التحالف العربي، كما أن كشف مثل هذه الأوراق يُعدُّ فضيحةً مدويةً بحقِّ دول العدوان التي تفاجأت هي الأُخرى بوجود الطيارين في سجون الجيش اليمني!!
فهذا دليلٌ على فشلِ الاستخبارات السعودية الأمريكية، ونقلة نوعية للسياسة اليمنية في تغيير مسار ملف القضية إلى صالح اليمن والشعوب المستضعفة في العالم.
نعم، اقتحم اليمنيون عتباتِ العام السادس بخطوات استراتيجية ليس لها مثيل، وسينبهر العالمُ منها، فما سبق من تضحيات “شلالات الدماء” ستخُضر بها الأرض نصراً مبيناً للمسلمين في العالم، وليس في اليمن فحسب، فالخياراتُ الواسعةُ هي ذات الهلاك لخماسي الشر السعوصهيوأمريكي الإماراتي البريطاني في المنطقة، حتى وإن استمرَّ مسلسلُ الإجرام، فاليوم الذي لم يعد فيه مكان لاسم الشرعية، سيأتي غدوُه ولم يعد هناك شيء اسمه مملكة سعودية، وستنتصر القضيةُ.
هذا هو نورُ الله الذي يأبى إلّا أن يتمَّه ولو كره الكافرون.