خيانات ياسين المتكررة لليسار والقضايا الوطنية
بقلم/ عبدالملك العجري
لم يعد ممكنا التستر على خيانات الدكتور ياسين سعيد نعمان المتكررة لليسار فقد أصبح على علاقة مفتوحة وغير مشروعة-يساريا- مع أكثر القوى والأنظمة رجعية وأكثرها توأمة مع مشاريع الامبريالية والعولمة الاحتكارية .
ياسين اكبر نكبة نكب بها اليسار والحزب الاشتراكي اليمني تحديدا,لقد مر اليسار والحزب الاشتراكي قبلها بالعديد من الأزمات وخسر كثيرا من مواقعه إلا انه لم يخسر هويته الإستراتيجية .
سياسة ياسين هي بمثابة انتحار منهجي لليسار والحزب الاشتراكي أفرغته من مضمونة الاجتماعي وفلسفته السياسية وروحه الثورية وخطابه المدني والحداثي وعزلته هن هموم الجماهير الكادحة والمفقرة وأسقطته في اسر عصبوبيات ما قبل وطنية مناطقية وعنصرية وطائفية التي أخذت مفرداتها تغزوا خطابه الإعلامي والسياسي .
مثلت ثورة فبراير 2011م ثم مؤتمر الحوار الوطني وصولا لثورة 21 سبتمبر 2014م فرصا للحزب الاشتراكي للبحث عن تحالفات او إعادة تشكيل تحالفاته من موقعه كحزب ينتمي لمنظومة اليسار من خلال معالجة إبداعية تتجاوز الخطاب الخشبي لليسار الكلاسيكي وتستوعب منطق التحولات الحاصلة محليا وإقليميا ودوليا والاستفادة من تجربة اليسار الجديد الذي ظهر في أمريكا اللاتينية وبعض بلدان أوربا سواء في بناء الدولة الوطنية او كتيار مناهض للعولمة في نسختها الامريكية الأكثر تحوشا ومنظومتها السياسية والثقافية والاقتصادية التي تسعى لتعميمها وفرضها كنموذج وحيد يمثل نهاية التاريخ .
او في تصالحه مع الدين وتحالفه مع الاحزاب المدعوم من الكنيسة فيما يسمى “لاهوت التحرير “او اللاهوت السياسي” ذي المضمون الاجتماعي .
لا اكشف سرا اذا قلت ان انصار الله بعد ثورة فبراير ومع بدا اعمال المؤتمر كان الحزب الاشتراكي والدكتور ياسين سعيد نعمان من اكثر القوى والشخصيات التي يطمئن لها انصار لله ويشعرون بالتقارب معها ,ومن البداية سعوا لمد جسور العلاقة مع الحزب الاشتراكي وكان الطموح ان تتطور العلاقة لتقديم تصورات مشتركة في فرق العمل وفي إدارة المرحلة الانتقالية عقيب مؤتمر الحوار الوطني , كما ان انصار الله اكثر القوى الدينية المرشحة لان تعيد انتاج ما يشبه تجربة “اللاهوت السياسي “في اليمن نظرا لعدد من الاعتبارات .
فعلي مستوى الهوية الإستراتيجية لانصار الله هناك مشتركات التي تقربها من اليسار فانصار الله ليست مدرسة دينية تقليدية متخصصة في الاشتغال على عقائد المؤمنين وقضايا اللاهوت الكلاسيكية ,وتقديم المواعظ والإرشادات في أهوال القيامة .انصار الله تأويل نضالي للنص الديني يركز على المضمون الاجتماعي للدين المنحاز للفئات المفقرة وجموع الجماهير الكادحة والمستضعفة والمهضومة والكادحين والمعدمين لمناهضة الدكتاتوريات المحلية, والامبريالية العالمية التي تتولى كبرها الولايات المتحدة.
ولاهي نزعة روحية تصادر المضمون الاجتماعي للدين وفي القلب منها السياسة التي يستلها من الممارسة اليومية للمؤمنين ويختصرها في شخص الحاكم. ويعزز السلبية السياسية للجماهير العربية, وزهدها وانصرافها عن محاولة تحسين أوضاعها الدنيوية ,وارتكانها للمجهول والغيب والقدر.
الطابع النضالي لجماعة انصار الله ولخطاب السيد لا يعني اعتماد العنف أداة إستراتيجية للفعل النضالي والإصلاح الشامل ,بقدر ما إن اللجوء إلى العنف واستخدام القوة فرضته عوامل سوسيوسياسية سواء في الحروب الست او ما بعدها .
وثانيا الرؤية التي تقدم بها انصارالله في بناء الدولة هي الأقرب إلى مفهوم الدولة المدنية التي يناضل الحزب الاشتراكي من اجلها , إضافة الى مواقف أنصار الله المناهضة لتوأمة الاقتصاد الوطني لمصالح الاقتصاد الرأسمالي والصفوة السياسية ,بما تمثله من عدوان سافر على مصالح الفقراء وأحزمة البؤس, وتخلف التنمية الاجتماعية والاقتصادية,وهي تمثل جوهر اليسار الجديد والقديم ,فضلا عن أنهما (انصار الله والاشتراكي)القوتان الرئيستان الأكثر تضررا من تحالف النظام القديم وأصحاب المصلحة من التغيير .
لم يتردد ياسين في البداية في إبداء رغبته في التقارب مع انصار الله والترتيب لبعض المواقف المشتركة فيما يخص قضيا الحوار الوطني الا انها رغبة محاطة بغير قليل من الحذر ولا يريد لها ان تخرج للعلن او ان تتبلور في اطار عمل مشترك لاعتبارات كثيرة -ليست بصددها الان – الا ان ذلك لم يمنع من التقاء رؤيتي المكونين في جملة من القضايا الرئيسة منها على سبيل المثال الموقف من القسمة السداسية للأقاليم وإدارة المرحلة الانتقالية .
وجود الحزب الاشتراكي الى جانب انصار الله كان يمكن ان يعدل من مسار الإحداث وان يلعب دورا ايجابيا في التأثير على انصار الله وتصويب بعض ما يؤاخذونهم عليه,والاستهداء بتجاربهم وخبرتهم , لكن – المؤسف- ان ياسين خذلنا بسياسته الهروبية فحين يحين حين الجد كان يلجأ الى السفر ويكلف المطواع باذيب بالمهمة.
أشار ياسين ان انصار الله تورطوا في حروب الانتقام كما يسميها متغافلا عن انما يحصل حاليا هو بدرجة رئيسة نتيجة للسياسيات الانقلابية على مخرجات الحوار الوطني ومنطق الاحتواء المزيف للازمة الذي ركن اليه هادي والقوى المتحلقة حوله وعلى رأسها الإصلاح . أول انقلاب باعتراف ياسين ذاته في مقاربته “عبور المضيق” كان قبيل انتهاء اعمال مؤتمر الحوار الوطني في القضية الجنوبية ثم في لجنة الاقاليم ثم في الهيئة الوطنية .
يدرك الدكتور ياسين جيدا ان السياسية التي شرع هادي وحلفائه في اتخاذها تعتمد على منطق على الاحتواء الزائف للازمة الذي يعتقد ان الإرادة هي التي تسير الأحداث وانه بقليل من الشطارة يمكنه النط على منطق الأزمة والتحايل عليها ,غير ملتفتين الى إن منطق الأزمة أقوى من إمكانيات الاحتواء المراوغ , ومن قدرة مجموعة قرارات رئاسية وإدارية على التحكم بمسار الأحداث فالواقع المأزوم لا يقبل المغالطة وظروفه هي التي تحكم مسار الإحداث وشروطه هي تنتج تفاعلاته ومعادلاته, خاصة والأزمات المتراكمة وصلت لمستوى غير قابل للترحيل ولا للسلحفة ولا للمراوغة إنما يدفع بها للمزيد من التناسل والتراكم , لذا كانت كل خطوة يتعسفها هادي من خلال سلطته في ادارة العملية الحوارية يقابلها كرد فعل خطوات تصعيدية من القوى صاحبة السلطة الفعلية ولان منطق الأزمة هو الذي يحكم كانت الاحداث تتطور بتسارع خارج عن قدرة الاطراف على ضبطها .
ختاما الجميع بحاجة للوقوف والمراجعة وبانتظار اشارة من ياسين للعدوان..