المواطنُ.. بين الأسعار وَالاحتكار في زمن كورونا
محمد عبدالمؤمن الشامي
في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019م، ومن وسط الصين وَمن مدنية ووهان، بدأ كورونا (COVID-19) انتشارَه السريعَ في العالم، لم تكن الحكوماتُ بل لم يكن العالمُ يتوقع سرعةَ انتشار هذا الوباء المخيف بصورة البرق في الصين وأغلب دول العالم، لقد أجبر هذا الفيروسُ العالمَ على العزلةِ لأول مرة في تاريخ البشرية، وضعها أمام اختبار وتحدٍّ جديد في ظلِّ الارتفاع المتزايد في أعداد الإصابات في العالم أجمع، فاليومَ بات العالمُ أمام تحدٍّ وجودي مع تصاعد حدة الأزمة الإنسانية والسياسية والاقتصادية الحادة التي يواجهها العالم.
فالذي أريد طرحَه هنا أن الكوارثَ التي تبدأ في حصادِ الأرواح لا ينبغي الاستهانةُ بها، فاحتكارُ السلع من المواد الغذائية التموينية والأدوية والاحتياجات الاقتصادية من قبل التجار في زمن الكوارث، في ظلِّ انتشار كورونا هذا الوباء المخيف الذي حصد الآلافَ من الأرواح والذي لا ينبغي الاستهانة بها، فـبلادُنا تعاني من آثار اقتصادية شديدة الصعوبة؛ بسبَبِ الحرب العدوانية السعودية الأمريكية الإماراتية والحصار الشامل المفروض على بلادنا (برًّا وبحراً وجوًّا) من تلك الدول العدوانية، الذي أثّر على كافة المواطنين اليمنيين بجميعِ فئاتهم، ففي ظلِّ الوضع الراهن في بلادِنا وبروز أزمة فيروس كورونا وانتشاره، خلق هلعاً واسعاً لدى المواطنين، وأصبحوا صيداً سهلاً لدى جشعِ التجار، فقيامُهم بشراء المواد الغذائية التموينية والأدوية خوفاً من انتشار وباء كورونا جعل التجارَ يدركون أنهم سيستسلمون في النهاية للغلاءِ والاحتكارِ، وبالتالي سوف يقومون بالشراء حتى مع رفع السعر والخوف من نفاد المواد الغذائية التموينية والأدوية، وأن هذه المشكلةَ لا تقتصرُ على أصحاب الدخول البسيطة فقط، بل تمتدُّ إلى أصحاب الدخول المرتفعة، وهم في النهاية يعانون من المشكلةِ نفسِها، ما يعني فتحَ الباب أمامَ جشعِ التجار لرفع الأسعار والاحتكار؛ لأنهم يدركون أن المواطنَ سيشتري هذه السلع ولو ارتفعت أسعارُها.
إن الواقعَ الذي يفرضه وباءُ كورونا يقتضي على الحكومة ممثّلةً بوزارة الصناعة والتجارة، من خلال قطاع التجارة الداخلية ومن خلال الإدارتين الإدارة العامة لحماية المستهلك والإدارة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار، تطبيق القوانين قانون التجارة الداخلية، وقانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، وقانون حماية المستهلك ومراقبة الأسواق، للكشف عن الحالات وممارسات ارتفاع وغلاء الأسعار وَالاحتكار واتّخاذ الإجراءات القانونية المناسبة إزاءها، وَالمساهمة في إعدادِ الخطة العامة والإشراف على تنفيذِ السياسة العامة لحماية المستهلك وَتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار بالتعاون مع الجهات المختصة، وتعريف المواطنين بحقوقِهم وطرق المطالبة بها، وضبط ومتابعة الممارسات والمخالفات لأحكام هذه القانونين.