كورونا وَأبرز لقطات من تهاون المجتمع اليمني
أشواق مهدي دومان
وَلا زالت (الجوادة) التي لا أعني بها شدّةَ الكرم، بل أستخدمها (هنا) بالمفهوم الشّعبي اليمني وَخَاصَّةً الصّنعاني، فأقول لا زال هذا المجتمعُ يعاني من (الجوادة) أَو (الجيودة) التي أعني بها هنا وَاللحظة: الحمق وَالسّذاجة، وَلو ربطناها بالمفهومِ العربي، فاليمنيُّ وَاليمنيةُ لا زالوا بــ(جوادتهم) هذه يتناولون موضوعَ فيروس كورونا الذي هدّ قوى دول عظمى اقتصادياً وَإنسانيّاً وَصحيًّا بحمق شديد، وَكأنّهم يفتحون أحضانَهم لكورونا قائلين له:
“حييييييا الله من جاء”.
ما زالت حالةُ اللاوعي تسودُ مجتمعنا رجالاً وَنساءً، فبعد حمدنا وَشكرنا لله ربِّ العالمين، أنّنا نعيشُ تحت ظلال قيادة مسؤولة رغم شظف إمْكَانيات دولتها الوليدة المنتصرة الفتيّة لكنّها شهادة أرفعها لله وَأشكره على هذه القيادة المسؤولة وَالتي لم تلته في مسؤولياتها العظمى في استرداد وطن وَتحريره من الاحتلال، وَانتصارات رجالها في كُـلِّ ساحات الشّرف، وَرغم شحّة الإمْكَانيات في ظل حصار مطبق وَظلم مؤدلج إلّا أنّ وزارات: الصّحة، الدّاخلية، الخارجية، الإعلام،…، تعملُ كخلية نحل، وَكجناحي صقر أبيّ يضمّ بنيه بين جناحيه، وَيخفق عالياً لينتشلَ هؤلاء الأبناء من بين أنياب الموت حرًّا شامخاً.
وَمع كُـلّ تلك الجهود، إلّا أنّ تناولَ مجتمعنا اليمني لقضيّة وَخطورة دخول فيروس كورونا إلى وطننا متبلد، متحجّر، ناكر، عاصف بكلِّ تلك الجهود المبذولة، فقد حسبنا أنّ هذا المجتمع سيتفاعل وَيبلّغ عمن يهرّب الآتين من مناطق الاحتلال وَالذين لا يتم فحصُهم وَلا يبلغون مدّة حجرهم.. فجريمة أن يوجد مثل أولئك الذين يهرّبون الموت لأرواح بريئة بثمن مهما بلغ، وَمثل هؤلاء من حقِّ الدّولة ردعُهم بأقسى العقوبات لتعاونهم مع المجرم القادم من أمريكا المسمّى كورونا وَتهاونهم بل بيعهم وَمتاجرتهم بالأرواح عبر إدخالِه مع الآتين وَالمسافرين دون التّحرّي عنهم وَالتأكّـد من خلوّهم من هذ الفيروس، وَأمّا مجتمعنا كأفراد عاديين لا يشاركون في تهريب كورونا من المنافذ، فهم يساعدونه بطرقٍ أُخرى عبر تصرّفات لا مسؤولة حين ظنّنا أن:
١- ستحلّ النّظافة كثقافة بديلة وَقيمة فضلى، نرى المخزّن لا زال (يذبل) القات في الشّارع في أبشع وَأقذر منظر.
٢- لا زال عاملُ النّظافة يلقّط أكياس البلاستيك وَالعلب الفارغة وَشيئاً من القمائم التي يرميها الماشي بعد تنظيف عامل النّظافة الكادح الذي هو أَيْـضاً يمرُّ مخاطراً بنفسه باذلاً لها، لكنّ عيبه أنّه لا يهتم بلبس كمّامة على وجهه أَو قفّاز في يديه.
وقلنا سنكون الأوعى لكن:
٣- الرّجال ما زالوا يخرجون إلى الشّوارع وَلا يهتمون بلبس الكمّامات وَالقفّازات..
٤- ما زالوا يشترون القات وَيأتون به إلى البيت، واضعيه على أي سطح ليأخذه الطّفلُ وَيناول أمه لتغسله، وربما تمّ تناولُه دون غسل.
٦- ما زالوا يتجمّعون شللاً في بيت أحدهم للتّخازين !!
وَأمّا المجتمع النّسوي فأعظم تبلّداً، فلا زالت النّساء يستنفرن وَينفرن للـــ (تّفاريط) دون شعور بأدنى مسؤولية تجاه من يعيش معهن في البيت، فالمجاملات الاجتماعية وَرهافة الإحساس وَالواجب الاجتماعي (في ثقافتهن) بأنّه:
١- يووووه: ما يسبرش ما أسيرش عرس بنت خالتي (في البيت)، ما عيقلوا النّاس، وَبعدين نسير نحبشل بها، كلّه وَلا قبال أهل زوجها.
٢- يوووووه: بنت أخت زوجي عتوفّي الولاد وما قد فرحت لهاش وَغطوة بن وَوفاء، وَأخت زوجي حالية لا عندي، وَالله ما أفلّتها عتغثى منّي.
تيك الثانية، وَالثالثة:
٣- يووووه، الله المستعان مرة خالي تولد وَما أبسرهاش وَالله ما قد وقعت، خالي عيغثى منّي.
٤- يووووه: زوج بنت عمّي، وَعاد هو منّنا، فعلوا له عمليّة، وَما قد أبسرنش في المستشفى، وَما يمكنش ما نزوره نطمن عليه، أبوه ما فلّتناش يوم فعل زوجي عمليّة.
٥- يووووه: جدّ صاحبتي مات، وَاليوم آخر يوم للتّعزية، وَقد عيجوا أهلهم من كُـلّ بقعة وَقد هو ضروري أسير أعزيها أنا وَسليفتي وَأم زوجي وَبنتنا، هي صاحبتنا وَبعدين ما يسبرش تقل: يا عيبتش يا محصنة وَأنت أعز خبايري وَفلّتيني في حزني، وَقد جو من كُـلّ فج عميق ألي نعرفهم وَألي ما نعرفهمش…
فهل نحن فعلاً واعون لما يجري، أم أنّ اللاوعي سيجرف أمّةً متخاذلةً متهاونة مستهينة مريضة بالحماقة التي قد تكون أكبرَ داء، إذ إنّ:
لكلّ داء دواء يُستطبّ به..
إلّا الحماقة أعيت من يداويها..