المنظماتُ الأممية في اليمن: تداعياتُ تجميد المساعدات الإنسانية وتحدياتُ كورونا
جمال محمد الأشول
يواجهُ اليمنيون تحتَ الحصار والعدوان جائحةَ فيروس كورونا ببُنية تحتية ضعيفة، ساهم العدوانُ ومنظومتُه الحربية في تدميرها، مانعاً دخولَ المساعدات الإنسانية..
يقفُ النظامُ الصحي في اليمن، والذي هو جزءٌ من تلك البُنية التحتية، اليوم شبهَ عاجزٍ عن التعامل مع وباء فيروس كورونا في ظل إقدام السعودية على ترحيل مئات الأشخاص بينهم مصابون بالفيروس.
ويعود السبب الأول في ذلك، إلى القصور الحاد في إدخَال المستلزمات الطبية؛ بسَببِ الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان على اليمن منذ خمس سنوات.
والسبب الثاني: يعود لغياب دور المنظمات الأممية والدولية التي جمدت برامجها وأنشطتها المقرّرة في ظل هذه الأزمة الحرجة للغاية..
تحديات جمة تقف أمام حكومة الإنقاذ بصنعاء، خُصُوصاً وأن قدراتِ القطاع الحكومي في مجال الصحة تعاني من الهشاشة، إذ يتطلَّبُ من المنظمات الأممية والدولية القيامَ بدور فاعل والاستجابة لمتطلبات الأزمة في سد عجز الوزارات المعنية؛ بسَببِ الموارد المحدودة أَسَاساً في القطاع نتيجة العدوان والحصار المستمر منذ 5 أعوام.
إذ يتطلب من تلك المنظمات التعامل مع متطلبات المحاجر الصحية في المحافظات والمنافذ، ما أَدَّى إلى مزيد من الصعوبات والعوائق، لا سيما توافد عدد كبير من المرحلين إلى هذه المحاجر في المنافذ، والذي يعاني في الأصل من أوضاع اقتصادية كارثية جراء العدوان والحصار قبل الجائحة، هذه الإجراءات الاحترازية قوبلت من قبل المنظمات الأممية في مقدمتها منظمة الصحة العالمية بتجاهل كامل لدورها في مواجهة هذا الوباء.
لم تقدم منظمة الصحة العالمية أي شيء، بحسب تصريحات أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، عبدالمحسن طاووس، الذي أكّـد أن الصحة العالمية لم تقدم شيء سوى 30 جهاز فحص حرارة، مُشيراً إلى أن المنظمة تشترط أن يكونَ هناك حالاتٌ مصابةٌ بالفيروس حتى ترسل المساعدات.
الأمر الذي يكشف القصورَ الكبير الذي باتت تعانيه المنظماتُ الدولية، منها الصحة العالمية التي لم تقدم أيَّ دعم يُذكر لوزارة الصحة، وأغفلت حق الإنسانية ليظهرَ نظام دولي عاجز عن تقديم الدعم لليمن المتضرر جراء العدوان والحصار المستمر، كما أن هذه المنظمات كشفت عن هيكل النظام الدولي التي سقطت بكل مؤسّساته بعد فشله الذريع في حماية الإنسانية التي تدّعي حمايتها.
إلى ذلك وبدلاً عن أن تعلن المنظمات الأممية والدولية، رفعَ مشاريع المساعدات الإنسانية، ومساندة الحكومة في دعم المحاجر الصحية، لمواجهة وباء كورونا، أعلنت منسقةُ الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ليز غراندي، بعزم برنامج الغذاء العالمي إلى وقف 31 مشروعاً من أصل 41، بمعنى تخفيض 75% من المساعدات الإنسانية في اليمن، علماً بأن المستفيدين من هذه المساعدات هم النازحون والأسر الأشد تضرراً.
إعلانُ الأمم المتحدة عن خفض المساعدات الإنسانية يضافُ إلى سلسلة السياسات الجديدة التي فرضها تحالف العدوان على اليمن، كما أن هذا الإعلان جاء عقب إعلان الإدارة الأمريكية التي أكّـدت فيه وقف وتجميد مساعداتها الإنسانية لليمن.
إذن هي سياسات تستخدمُها واشنطن عبر الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في اليمن، وتحويل تلك الورقة مجدّداً إلى وسيلة ضغط على الشعب اليمني، في إطار الأدوات الاقتصادية القذرة في الحرب المستمرة في التضييق على الاقتصاد اليمني إلى أن أوصل الحصارَ أكثر من 80 في المئة من الشعب إلى الجوع والأمراض والأوبئة.