السلامُ اليمني أونلاين
عبدالله علي صبري
آخرُ التصريحات الصادرة عن مكتب المبعوث الأُممي إلى اليمن تفيدُ بأن مارتن غريفيث يعمَــلُ باتّجاه حَـضِّ أطراف الصراع في اليمن على وقف شاملٍ لإطلاق النار، والشروع في مفاوضات مباشرة تقودُ إلى الحل السياسي، من خلال مبادرة تتضمنُ ثلاثَ نقاط رئيسة:
1- مقترح اتّفاق لوقف إطلاق النار يشمل عمومَ اليمن ويكون خاضعًا للمَساءلة.
2- مجموعة من التدابير الاقتصادية والإنسانية للتخفيف من وطأة المعاناة عن الشعب اليمني وبناء الثقة بين الأطراف.
3- الالتزام باستئناف العملية السياسية.
وقد رَدَّت صنعاء على هذه المبادرة برؤية شاملة لإنهاء الحرب والحصار، والتهيئة لمفاوضات يمنية- يمنية، عبر قرارٍ ملزِمٍ يصدر عن مجلس الأمن، بينما سَلَكَ تحالفُ العدوان السعودي الأمريكي دربَ المخاتلة والمراوغة كما عهدناه، مستبقاً المحاولة الأممية، بالإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد ولمدة أُسبوعين قابلةٍ للتمديد.
ومع أن خُطوةَ التحالف الأخيرة قد قطعت الشكَّ باليقين وأهالت الترابَ على المبادرة الأممية، إلا أن مكتبَ المبعوث يُمَنِّي اليمنيين بخطوة أكثرَ جدية، زاعمًا أن مكتبَه ما يزال يدرُسُ ردودَ الأطراف المعنية على المقترح الأممي، وأنه سيقوم بإرسال نسخة محدثة من المقترح، بناءً على مراجعة التعليقات والردود التي تلقاها من الأطراف.
ورفع غريفيث من سقف التفاؤل، حين ألمح إلى إمْكَانية جمع الأطراف المعنية في اجتماع افتراضي عبر الإنترنت، والوصول إلى اتّفاق رسمي في أقرب وقت ممكن.
يبدو المبعوثُ متحمسًا لآلية التفاوض الجديدة على ”أونلاين”، وهو الذي فشل في إنجاز أي نجاح على هذا الصعيد منذ نهاية 2018م، ومبعَثُ الحماس هذه المرة متعلِّقٌ حتماً بتداعيات الأزمة العالمية لفيروس ”كورونا“، وربما يكونُ قد تلقّى ضوءاً أخضرَ من طرف التحالف العدواني، الذي يعيشُ أوضاعاً صعبةً؛ نتيجةَ توالي الخسائر والضربات التي يتلقاها منذ بضعة أشهر، بعضُها على يد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة والقوة الصاروخية اليمنية، وبعضُها الآخر بفعل حماقاته في إدارة المِلَفَّات المستجدة، ومن ضمنها الأزمةُ الاقتصادية جراء التراجُعِ الكبيرِ في عائدات النفط.
ومرة أُخرى، نقول: إنَّ العدوَّ السعوديَّ لا يُجيدُ قراءةَ الواقع، وما تمليه عليه الوقائعُ نفسُها من تنازلات يتعيّنُ اجتراحُها قبل فوات الأوان، فالسلامُ لا يصلحُ شعاراً للمناورة والهروب إلى الأمام، ومن يروم وقفَ الحرب والعمليات العسكرية عليه أن يتعاطى مع تبعاتها الاقتصادية والإنسانية بنفس القدر، وعليه أن يُثبِتَ حُسْنَ النوايا عبرَ اتِّخاذ روزنامة من المبادرات المصاحبة لوقف إطلاق النار إن أراد من الطرف الآخر أن يلتقيَه في منتصف الطريق.
حينها فقط سيكونُ على صنعاء وقد تيقّنت أن الرياضَ جادَّةٌ في الجنوح إلى السلام أن ترُدَّ على التحية بمثلِها من منطلق قوله عز وجل: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنفال:61
مع ذلك لا غضاضةَ من انتظار ما قد تفضي إليه محاولاتُ غريفيث، ولن يضيرَ صنعاءَ شيءٌ إِنْ هي تعاملت بإيجابيةٍ مع مناورات السلام هذه، ما دامت أزمة كورونا هي الباعثَ لها، وما دامت اليدُ على الزناد، فلا ضيرَ في مجاراة العدوّ هذه المرة أَيْـضاً، وليقضيَ اللهُ أمراً كان مفعولاً.