بحكمة القيادة وَقوَّة الإرادة يتحقّق النصر
نوال أحمد
على مدى خمسة أعوام متتالية، وها نحن اليوم قد دخلنا في عامنا السادس من الصمود أمام هذه الحرب الظالمة والمدمّـرة، التي أهلكت الحرث والنسل، وقضت على كُـلّ مَـا هِي جميل في هذا البلد، قتلوا الإنسان والحيوان، دمّـروا البنيان وأحرقوا البلاد والعباد، ولم يبقوا أية وسيلة من وسائل البطش والإذلال والإجرام إلا واستخدموها ليركعوا بها الشعب اليمني وليقهروه ويخضعوه بها.
لقد تحَرّك الأعداء قبل خمسة أعوام وهم يتوعدون ويهدّدون، تحَرّكوا في العدوان علينا بأوامرَ أمريكية وإسرائيلية، تحَرّكوا بعد ترتيبات مطولة مراهنون في ذلك على أعداء الأمة الإسلامية، رهانهم على أمريكا ورهانهم على إسرائيل وعلى الدعم الذي وعدوا به من عدة دول غربية، ومنها أمريكا وَبريطانيا وفرنسا وبعض من الدول العربية التي وعدتهم بالدعم اللوجستي والعسكريّ، وهي بالدرجة الأولى كانت وعوداً أمريكية بالمشاركة الفعلية، وهذا ما صرحوا به قبل أن يبدؤوا عدوانهم الذي أعلن من داخل واشنطن.
هكذا كان تحَرّك السعوديّة والإمارات في العدوان علينا استجابة لأعداء الإسلام ومراهنة عليهم وعلى قواتهم، وأملاً في حسم هذه المعركة لصالحهم؛ لأَنَّهم يرون في الانتماء إلى أمريكا ويرون في الدعم الأمريكي أنه يمثل قوة، وأنه سيحسم المعركة لمصلحتهم؛ لذلك دخلوا هذه المعركة وهم يحملون أوهاماً كبيرةً وأحلاماً قائمة على الغرور بأنهم سينتصرون حتماً وبسرعة وبدون تأخير وفي غضون أَيَّـام بناء على قواتهم العسكريّة، وتلك الوعود الشيطانية التي وُعدوا بها من الولايات المتحدة الأمريكية، وبناء على ذلك الدعم الذي يحضون به من معظم الدول الاستكبارية.
من هنا كان منطلقهم وعلى هذا كان رهانهم وبهذا العدوان هدّدوا وتوعدوا الشعب اليمني بأنهم سيركعونه وأنهم سيحتلون أرضه ليذلوه وَيستعبدوه، ولكن الله خيب آمال المعتدين وحوّل بإيمان المؤمنين أوهام الطامعين إلى سراب.
إن منطلق الرجال المؤمنين المجاهدين الأحرار في هذا البلد، هو كما قالوها بداية وردّدوها مراراً وتكراراً بأنهم معتمدون على الله، وأن توكلهم على الله وأن رهانهم هو على الله، ليسوا قوماً مفلوتين ولا قوماً مهملين، ليسوا قوماً بدون مصير، إنهم قوم يأوون إلى ركن شديد، قوم يتصلون بالله العزيز الحميد، يتصلون به صلة الإيمان والتقوى؛ لذلك نرى معهم تلك التجليات الإلهية في النصر والتمكين والغلبة على عدوهم أمام كُـلّ معركة يعتركونها أَو في أية حربٍ يخوضون غمارها، إنهم قوم يستمسكون بالعروة الوثقى التي لا انفصامَ لها، فإذا كان أعداؤهم يرون في الانتماء إلى أمريكا، وفي الدعم الأمريكي والبريطاني والفرنسي قوةً، فإن هؤلاء القوم يرون في الاعتزاز بالله والاتصال بحبله، والاعتماد عليه والتوكل عليه والالتجَاء إليه يرون القوة كلها لله القوي العزيز، ويرون أن النصر له والأمر له وأن الملك كله له، وبأن إرادته فوق كُـلّ إرادة، وأن عاقبة الأمور له وأن الله هو من يتحكم في القرار الإلهي لأي حدث ولأي ظرف ولأية معركة، إنهم قوم انطلقوا وتحَرّكوا وهم في إطار ولاية الله، فلا يرون وحشة ولا غربة ولا تخاذلاً ولا يرون في تكالب دول الكفر والإجرام أي خطر حقيقي عليهم، ولا يرون أي نصر سيتحتم لأعدائهم، لأَنَّهم قوم يحملون هذا الإيمان الذي هو ارتباطهم العظيم بمصدر قوة، إنهم قوم تولوا الله وحده وهو وليهم، وهو حسبهم وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.
هؤلاء المؤمنون الذي حملوا إيمانهم سلاحاً، هم الذين رفعوا راية الحق وَقالوا كلمة الحق وصرخوا بصرخة الحق، فتهاوت كُـلّ رايات الباطل أمام إيمانهم وثباتهم، وخرست كُـلّ أفواه الباطل والضلال أمام صرخاتهم.
وهؤلاء هم الذين ما زالوا يهتفون بشعار الحق ويرفعون أياديهم معلنين الولاء، صارخين في وجوه المستكبرين يتحَرّكون وهم يكفرون بالطاغوت ويؤمنون بالله الذي يقول: (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا)، إن هذه العروة الوثقى التي يتمسكون بها هي صلة ما بيننا وبين الله، فلا أية قوة في هذه الأرض تستطيع أن تحدث انفصاماً في هكذا عروة، هؤلاء القوم هم من يعتصمون بالله حين قال لهم: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)، الله مولاهم لذلك يتحَرّكون في المواجهة وهم رافعو رؤوسهم آملون من الله النصر وراجون منه النصر وواثقون بالنصر.
إنهم رجال تحَرّكوا في سبيل الله وَبمعية الله جلَّ وعلا، لم يتحَرّكوا على أَسَاس إمْكَانياتهم ولا على أَسَاس أعدادهم ولا على أي موازين مادية أَو عددية، يتحَرّكون وهم يحملون كُـلّ الاعتزاز وهم يشعرون بالقوة بهذا الإيمان الراسخ وبهذه الولاية الإلهية وهذا الارتباط القوي، يتحَرّكون على أَسَاس الدعم الإلهي الذي لا حدود له؛ لأَنَّهم رجال يعلمون ماذا قال الله لهم في كتابه الكريم: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
رجال مؤمنون يعملون بما وجههم به الله جلَّ شأنه حين قال: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، إنهم قوم مؤمنون منطلقهم قائم على الشعور بالقوة، ولكن ليس على أَسَاس غرور ولا على أَسَاس موازين مادية ولا ظلماً ولا تجبراً ولا تكبراً وإنما ثقة بالله وتوكلاً على الله، منطلقنا هو القتال في سبيل الله حينما تتحَرّك جموع الكفر وجنود الباطل وأنصار الطاغوت للعدوان علينا وقتالنا لنصرة الطاغوت ولإعلاء راية وَكلمة الطاغوت، فهذا هو الفارق في الموقف كما هو فارق في الولاء والانتماء والاعتزاز واستجداء الدعم.
هؤلاء المؤمنون والرجال الصادقون والأبطال المجاهدون في سبيل الله وفي سبيل الحرية والاستقلال، والذائدون عن هذه الأرض وعن كرامة العرض، هؤلاء الرجال من أبناء الجيش واللجان الشعبيّة هم الذين بكل هذه المنظومة الإيمانية المتكاملة التي يحملونها وبقضيتهم العادلة التي يقاتلون؛ مِن أجلِها هم من يمرغون أنوف الأعداء في التراب، وهم الذين ينتعلون أفخر الصناعات الأمريكية من مدرعات وآليات عسكريّة وغيرها، هؤلاء الأبطالُ الواثقون بالله وبوعده الصادق وَبكل ما آتاهم اللهُ من فضله هم من يسقطون أفخر الطائرات المتنوعة ذا الصناعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية المتطورة، ويدوسون بنعالهم الشريفة على ما تبقّى من ذلك الحطام.
هؤلاء الرجال الأبطال بكل ما آتاهم الله من قوة غيّروا موازين الحرب وجعلوا زمام المبادرات بأيديهم، هؤلاء المؤمنون هم من رفعوا راية الحق عالياً ليرتفع معها علم الجمهورية اليمنية الذي يرفرف عالياً في سماء كُـلّ منطقة يمنية يدخلونها، إثباتاً منهم لكل المعتدين أن كُـلّ الأراضي اليمنية لن تكون إلا يمنية، ولن يرتفع فيها إلا العلم اليمني لا أعلام الدول المعتدية والغازية، وليفهمها أُولئك الخونة في الداخل والخارج أن اليمن لن تكون إلا اليمن.
بهؤلاء المؤمنين والصادقين من الرجال، بهؤلاء المقاتلين المستبسلين الشجعان رجال الجيش واللجان الشعبيّة الأبطال، هؤلاء هم من برجولتهم وبحريتهم وصدق إيمانهم وإخلاصهم هم فقط من يفتخر بهم الشعب اليمني، ومن يشمخ بهم اليمن، وَبشجاعتهم وكرامتهم وعزتهم يفتخر كُـلُّ أحرار هذا العالم.