صنعاء تجدد الإنذار بحتمية الرد: فشل “المناورة” السعودية
ناطق القوات المسلحة: تصعيد العدو سيواجه بالمثل ولن نقف مكتوفي الأيدي
المسيرة | ضرار الطيب
في الوقت الذي يستمر فيه انكشاف زيف “الهُدنة” التي أعلنتها السعودية، في محاولة منها للمراوغة وكسب الوقت والهروب من كلفة استمرار العدوان، تلوح في الأفق ملامح ردّ عسكري مزلزل من قبل قوات الجيش واللجان الشعبيّة، وهو ردّ تضمنه المعادلة العسكرية التي ثبتتها صنعاء مسبقاً، والتي تقتضي أن استمرار القصف والحصار يقابله ضربات ردع نوعية، وبالنظر إلى شروط السلام المعلنة، مؤخّراً، من قبل قائد الثورة والقيادة السياسية، والتصعيد العسكري الذي واجه به تحالف العدوان تلك الشروط، فإن الرد القادم والحتمي، الذي تقتضيه معادلات “صنعاء” يبدو كضربة غير مسبوقة، خَاصَّة وأنه يأتي في مرحلة ردع جديدة كان قائد الثورة قد كشف أنها ستتضمن “مفاجآت لم تكن بالحسبان”.
قبل يومين فقط من إعلان “الهُدنة” السعودية الزائفة، كان طيران العدوان قد شن 300 غارة جوية على عدد من المحافظات خلال أسبوع واحد فقط، وهو ما اعتبره ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، “تصعيداً خطيراً لن يمر دون رد مناسب”، الأمر الذي اعتبره محللون إنذاراً بعملية ردع كبرى قادمة ضد العمق السعودي.
وجاء إعلان “الهُدنة” بعد ذلك الإنذار، في مجمله، كمحاولة للهرب من العقاب، وهي استراتيجية باتت السعودية تعتمدها مؤخّراً بشكل واضح، خَاصَّة منذ عملية 14 سبتمبر التي استهدفت معامل ومصافي بقيق وخريص، والتي جعلت السعودية تلجأُ بعدها إلى المراوغات بعد كُـلّ ضربة كبرى؛ خوفاً على اقتصادها ومنشآتها النفطية.
لكن يمكن القول إن هذه “الهُدنة” كانت أسوأ محاولة سعودية للهرب، ذلك أنها، أولاً: جاءت في الوقت الذي أغلقت فيه صنعاء باب الحلول الجزئية واشترطت وقفاً نهائياً للعدوان، وثانياً: أن التصعيد الميداني الذي نفذته الرياض تحت ظل هذه “الهُدنة” كان أكبر من أن يمر في الخفاء، وهذا ما جعل “الهُدنة” نفسها جريمة جديدة تتطلب ردًّا نوعيًّا.
لهذا، لم تنتظر صنعاء طويلاً قبل أن تنذر السعودية “عسكريًّا” بأن الرد قادم لا محالة، وبأنه لا معنى لأي إعلان لا يرقى إلى شروط السلام، ناهيك عن أن يكون ذلك الإعلان محاولة مكشوفة للخداع، ففي اليوم الأول لـ”الهُدنة” السعودية المزعومة، صرح العميد يحيى سريع بأن قوات العدوّ شنت زحوفات مكثّـفة في الجبهات الحدودية بالذات، وتوعد بإفشال أي تصعيد معاد.
وركزت تصريحات العميد يحيى سريع منذ ذلك اليوم، بشكل أَسَاسي، على كشفِ تفاصيل التصعيد العسكري الذي ينفذه العدوّ تحت ظل “الهُدنة” في مختلف الجبهات، على مستوى الزحوف ومحاولات التقدم، وعلى مستوى الغارات الجوية، وكانت تلك التصريحات رسائل واضحة لـ”إقامة الحجة”، وهي المنهجية التي تعودت صنعاء اتّباعها قبل أي رد عسكري كبير، حيث تحرص على إثبات جميع الوقائع التي تحمل العدوّ مسؤولية ما سيناله.
حتى ظهر يوم أمس الاثنين، كان عدد الغارات التي شنها العدوّ على عدة محافظات منذ الخميس الفائت فقط، قد بلغ قرابة 130 غارة، إلى جانب عشرات الزحوفات الواسعة التي نفّذتها قواتُه في عدة جبهات، أبرزها جبهات الحدود.
وبالتزامن مع ذلك، جدّد ناطقُ القوات المسلحة، أمس، التأكيد على أن “هذا التصعيد سيواجه بالمثل”، وأن “الجيش واللجان لن يقفوا مكتوفي الأيدي”.. إنذار إضافي يضع السعودية مجدّدًا أمام الحقيقة التي تتهرب منها والمتمثلة بحتمية الرد القادم، الأمر الذي يعتبر أَيْـضاً رسالة مفادها أن الخدعة لم تمر، واستمرارها سيجعل ذلك الرد أكثر قسوة.
عن طبيعة هذا الرد، لا يمكن التنبؤ بأية تفاصيل، لكن لدينا وعيد واضح من قائد الثورة، السيد عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير بأنه إذَا استمر العدوان والحصار، فإن العدوّ على موعد مع “مفاجآت لم تكن بالحُسبان”، وأبطال الجيش واللجان على موعد مع “انتصارات عظيمة” وغير مسبوقة، وهذا يكفي للتأكيد على أن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه يجعل هذا الرد أقرب من أي وقت مضى، كما أن هذا أَيْـضاً ما تشهد به تصريحات ناطق القوات المسلحة.
لقد أمّلت السعودية أن تستثمر “هُدنتها” الزائفة لتحقيق إنجاز عسكري صعدت لأجله من تحَرّكاتها الميدانية وغاراتها الجوية، وجلبت غطاءً دولياً، لكن يبدو أن الربح الذي ستجنيه من ذلك الاستثمار ليس إلا صفعة مدوية جديدة، قد يكون لها أثر بالغ على اقتصاد المملكة الذي يشهد أسوأ أيامه.