القيادة السياسية تضعُها على قائمة الاهتمام.. ريمة على أعتاب نهضة زراعية!
المسيرة: منصور البكالي
أولى قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والقيادة السياسية، اهتماماً كَبيراً بتطوير النشاط الزراعي في اليمن، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي منذُ بدء العدوان والحصار على شعبنا اليمني قبل خمس سنوات.
وترجمةً لذلك أنشأ الرئيس الشهيد صالح علي الصمَّــاد، المؤسّسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب، في العام 2017م، واعتمد جائزة سنوية للمزارعين على مستوى كُـلّ محافظة لمن ينتج منهم أكثر كمية من القمح وبقية أنواع محاصيل الذرة، وأدرجت المؤسّسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب محافظة ريمة على جدول أعمالها لهذا العام 2020م.
وتشتهر ريمة بزراعة البن، والدخن والشعير وأنواع الذرة، وغيرها من الخضار والبقوليات والفواكه.
صحيفة المسيرة نفذت جولة ميدانية لريمة، للاطلاع على المقومات الزراعية في المحافظة، والعراقيل التي تواجه المزارعين فيها، فكانت هذه الحصيلة:
مقومات زراعية
يقول المدير التنفيذي للمؤسّسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب، الأُستاذ أحمد الخالد: إن محافظة ريمة في قائمة اهتمام القيادة السياسية لهذا العام 2020م.
ويؤكّـد الخالد في تصريح لصحيفة “المسيرة”، أن ريمة من ضمن المحافظات الزراعية المستهدفة، والتي ستحظى بإنشاء جمعيات لتشجيع ودعم المزارعين، مُشيراً إلى أنهم بصدد النزول الميداني والتنسيق مع مكتب الزراعة.
وتشير الكثير من الدراسات إلى أن محافظة ريمة لديها الكثيرُ من المقومات للنهوض الزراعي، ومنها المقومات الطبيعية في الجانب الزراعي من حيث توفر المياه السطحية، كالمياه الجارية في عدد من الوديان على مدار السنة، وكثرة مياه الغيول والعيون التي تمثل المصدر الرئيس بعد مياه الأمطار وقُرب المياه الجوفية التي تطلع في وديانها على بعد عدد من الأمتار القليلة، إضافةً إلى خصوبة التربة، وتنوع المناخ بين المعتدل صيفاً والبارد شتاءً، وكذا توفر اليد العاملة والماهرة التي يمكن البناء عليها للنهوض بالجانب الزراعي، ونُدرة زراعة شجرة القات، في غالبية مناطقها.
وتوضح الدراسات أن ريمة يوجد بها عدد من مضخات المياه، وهي مجهزة ومعدة بكامل أدواتها وممدودة من الوديان إلى أعالي المناطق الجبلية، وما ينقصها سوى الصيانة والتشغيل.
وفي هذا الجانب، يقول مدير عام مكتب الزراعة بريمة إبراهيم التكروري: إن ريمة تتميز عن بقية المحافظات في التنوع المناخي ووفرة المياه، وحفظ التربة في الأشكال الهندسية لمدرجاتها، إضافة إلى محافظة المزارعين على البذور الأَسَاسية للكثير من المحاصيل منذ مئات السنين، وتوفر مساحات زراعية في الجانب المطل على الساحل التهامي، وكذا في الوديان الشاسعة المحاذية لمحافظة ذمار في وادي رماع، وكذا وادي سهام، وعدد من الأودية المتفرعة منها في أدغال الجبال المتسلسلة.
نتائج مبهرة
ويهتم المواطنون في ريمة بالزراعة بشكل كبير، فالحاج عثمان وعلى الرغم من كبر سنِّه، إلا أنه يقول إنه يعمل مع زوجته في الزراعة منذُ عدة سنوات.
ويضيف لصحيفة المسيرة قائلاً: “الحمد لله نعمل بكل جد، رغم رحيل أحد أبنائي إلى صنعاء والآخر إلى تعز، ومع ذلك أعمل أنا وزوجتي بكل نشاط، وقد زرعنا الذرة الشامية، وفي كُـلّ موسم أحصل على 19 قدحاً إلى 20، كما أحصل على 6 أقداح بُن”.
ويمتلك الحاج عثمان عدداً من المواشي والأغنام والبقر، ويعتمد في مصدر رزقه على الزراعة وما يأتي من ثروته الحيوانية، مؤكّـداً أن الماء الجاري في الوادي وغير المنقطع يساعده في الزراعة.
مكان مناسب للرعي
وتعد الثروة الحيوانية من أهم الثروات الوطنية في ريمة، وتشكل مصدر دخل أَسَاسي للمزارعين، وتشتهر ريمة بوجود مراعٍ واسعة عرض الجبال الخضراء الموقوفة للعامة، كما توفر الزراعة لأصحاب المواشي في عدد من وديانها على مدار السنة، أنواعاً متعددة من الأعلاف والأعشاب الخضراء واليابسة.
ويقول محمد صالح “14” سنة الذي يعمل في مجال رعي الماعز على مقربة من سفح أحد الجبال في عزلة الجون بمديرية مزهر: “نحن نرعى اليوم 60 رأس غنم وماعز، بعد أن كنا نرعى في العام الماضي40 فقط، وقد بعنا منهن وذبحنا في الأعياد، والحمد لله الوضع جيد”.
أما الراعي حاشد المسوري البالغ من العمر 15 عاماً فيقول: “الحمد لله معنا 3 بقر وثور وحمار و12 غنمة، والوالد في البيت مرتاح، ومتى ما احتاج شراء شيء يأخذ علبة سمن بلدي ويبيعها، ومعنا عدد من قطع الأرض التي نزرعها، والمحاصيل تكفينا طوال السنة”.
بيئة مناسبة لتنمية النحل
وخلال هذه الزيارة، شد انتباهنا محميات متعددة لم يسلط الإعلام الأضواء عليها من قبل، وجبال خالية من السكان احتلتها الأشجار الكثيفة والمتنوعة أقرب ما يمكن وصفها بالغابات الخضراء، القصيرة والمتوسطة، في مساحتها، ووسط هذه البيئة يجد النحّالُ المكان المناسب لرعي الخلايا.
ويقول المواطن النحال عبده صالح تلومة لصحيفة “المسيرة”: “نحن نقوم بتربية النحل منذ عشرات السنين بطرقنا البداية، والحمد لله معي 15 خلية، تكفيني لإعالة الأسرة طوال العام”.
ويضيف قائلاً: “ندعو الدولة إلى الاهتمام بالنحالين، ونحن مستعدون لتقديم خبراتنا لمساعدة بعض المواطنين، ونتمنى من الجهات المختصة أن تشكل لنا جمعية وتزودنا بخلايا إضافية لتنميتها ورعايتها”.
صعوبات وعوائق
ويواجه القطاع الزراعي في ريمة عدداً من الصعوبات والتحديات؛ بسَببِ العدوان والحصار المفروض على بلادنا منذ خمس سنوات.
ويقول مدير مكتب زراعة ريمة ابراهيم التكروري: إن وضع المكتب منذ بدء العدوان والحصار غير قادر على الوقوف إلى جانب المزارعين وخدمتهم، مطالباً الجهات المختصة الاهتمام بالكوادر المختصة وتوفير الإمْكَانيات اللازمة للقيام بالعمل، وسرعة تشكيل لجان توعوية وإرشادية لمزارعين عبر النزول الميداني، خَاصَّة في هذه المرحلة التي نحتاج فيها إلى تكثيفِ الجهود، لتأمين الجانب الغذائي لشعبنا اليمني الذي يعاني من الحرب والحصار منذ خمسة أعوام.
ويدعو التكروري الجهات المختصة إلى استغلال المقومات الزراعية في المحافظة وإعطائها أولوية هامة، لتواكب غيرها من المحافظات، ويكون الجميع عند حسن ظن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ومستشعرين لمسئولياتهم.
المزارع عثمان عبدالله أحمد صالح المسوري ذو الثمانين عاماً، يرى أن “أكبرَ عائق أمامه اليوم يتمثل في نزوح أبنائه إلى المدن والسكن فيها مع عوائلهم، وكذلك السيول التي تجرف التربة؛ بسبب الأمطار الغزيرة، مع غياب دور الدولة والمنظمات الإنسانية في بناء سواتر جدارية لحماية التربة”.
من جهته، يقول المزارع حفظ الله المقري: إن مما يهدّد الجانب الزراعي في ريمة هي الهجرة والتمدن، وغياب دور السلطة المحلية ومكتب الزراعة والري.
ويطالب المقري الجهات المختصة إلى الإسراع في تشكيل لجان مسح ميداني ومهندسين زراعيين يتبعون المؤسّسة العامة لإنتاج الحبوب، لإجراء دراسات علمية حول المحاصيل الزراعية المناسبة لمناخ ريمة وتربتها الخصبة؛ للخروجِ برؤية مكتملة تتضمن دعم المزارع وتشكيل جمعيات في كُـلّ مديرية.
أودية وسهول زراعية
وتقع محافظة ريمة وسط سلسلة جبلية تبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 200 كيلو متر مجاورة لمحافظتي ذمار والحديدة وجزء من محافظة صنعاء.
ويقع فيها اثنان من أشهر الأودية الزراعية في اليمن، هما وادي رماع ووادي سهام، وتتميز المحافظة بتنوع مناخها ومحاصيلها الزراعية وبتربتها الخصبة وسهولها ومدرجاتها البديعة، وتعتمد في زراعتها على مياه الأمطار والغيول الجارية فيها.
ومن أبرز محاصيلها الزراعية: (البن، والدخن، والشعير، وأنواع الذرة، وغيرها من الخضار والبقوليات والفواكه).