عدن الحبيبة.. ساحةُ صراع مفتوحة
سند الصيادي
من أبرز البراهين الملموسة على خطر الاحتلال والوصاية المباشر، وبأن المناطق الواقعة تحت هذا الواقع تبقى مفتوحة على كافة الاحتمالات الخطرة والكارثية، هو ما حدث وَيحدث وَيتوقع حدوثه في مدينة عدن كمثالٍ للاستدلال لا الحصر.
وبدون الإسهابِ في توصيف المشهد هناك، والذي لم يعد خفياً على أحد، لفت انتباهي ما بدأ يُتداول على وسائط الإعلام من توقعات وتحليلات عن مستقبل الأحداث هناك، ومصدر هذه التهديدات.
فقد كشف عدد ممن يوصفون أنفسهم بالمحللين السياسيين عن “ساعة صفر”، بانتظار (العاصمة المؤقتة) عدن (جنوب اليمن)، حيثُ تقولُ هذه التحليلات: “يبدو أن ساعة الصفر (قد) دنت وباتت عدن أمام معركتها الفاصلة مع إخوان اليمن”، في إشارة إلى حزب التجمّع اليمني للإصلاح.
ولا تندرج هذه التهديدات ضمن شطحات وفزاعات غير واقعية، بل تزامنت معها تحَرّكات عسكرية وتموضعات قتالية استعدادية، يقابلها تدشين عدد من المنظمات الدولية الأجنبية لعمليات إجلاء رعاياها من عدن بصورة مفاجئة، ووصول طائرات مدنية تابعة لمنظمة الصليب الأحمر الدولي، قامت بنقل عدد من موظفي المنظمة وعمال من منظمات أُخرى باتّجاه أديس أبابا، وتأكيدات مصادر ملاحية لصحف عدنية، أن عمليات الإجلاء لرعايا أجانب قد تتواصل خلال الأيّام القادمة..
تقول الأخبار أَيْـضاً إن شهر رمضان المبارك سيكون موعداً شبه حتمي للمعركة، وكل هذه الأخبار تأتي من خارج البلاد وتحديداً من المطابخ الإعلامية في دولتي الإمارات والسعودية، ومن هنا يزداد هاجس الحدوث لهذه الحرب سياسيًّا، وما ينشره المحللون من هناك تأكيد لهذا المخطّط الذي وصلت روائح التحضير له بقصد أَو بدون قصد إليهم.
ليست عدن الآن في فسحة من أمرها، ولن يكون نذر الحرب المتوقعة هو الأسوأ عليها، فالمدينة مذ أصبحت بيد سلطات الاحتلال السعودي الإماراتي وسيطرة أدواتهم عليها، لم تذق طعم الأمن والاستقرار ولا نمط حياة مستقر، وترزح تحت رمال متحَرّكة وَاضطرابات مستمرة تخفت حيناً وتشتد أحياناً، وفق ما تفرضه أمزجة الاحتلال وَحساباته السياسية الفوضوية والعبثية.
مريراً أن تبدو عدن وأهلها لا حول لهم ولا قوة أمام سيناريوهات الحروب المفتعلة بين أطراف لا تمثلها، وأمام مثل هكذا أنباء مقلقة واستفزازية، وَحالة استنزاف مادي ومعنوي مغيب فيه القدرة على المقاومة والممانعة لأي وضع حاضر أَو نزاعات مستقبلية يحضر لها الرعاة الحصريون لهذه المهازل اللامسؤولة.
ومن هذا المشهد، يحقُّ لنا أن نقارن بين صنعاء وعدن من كُـلّ النواحي، وأهمها ما نتحدّث عنه، فقرار إحداث الفوضى في صنعاء لم يعد ملكاً للخارج سياسيًّا ولا مادة إعلامية ينبري للتبشير بها أبواق التحليلات والناشطون من نزلاء فنادق دول تحالف العدوان، كما أن نعمة الأمن والاستقرار فيها ليست منة من أي وكيل خارجي، ومرهونة بالمجتمع نفسه ومن هم ينتمون إليه حرصاً وَحباً وَولاًء.
حفظ الله الحبيبة عدن وأهلها، وأنجاهم من مخطّطات ومكائد المحتلّ وَأدواته الرخيصة، وعجّل الله بخلاص اليمن من هذا العدوّ العبثي المجرم على يد الرجال وكل الشرفاء والأحرار.