تشابُهُ حالتَي اغتيال الحمدي والصمَّـاد
زياد السالمي
في ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصمَّـاد، تعيش اليمن حدادها ليس مرة واحدة وإنما كُـلّ عام في ذلك التاريخ، تعيش حالة مشؤومة وتسعى على الرد المناسب مهما يكن كحقٍّ سيادي مثله مثل انتهاك سيادة الجمهورية اليمنية..
في هذه الذكرى تستنهض الهمم وتتغربل المشاعر والتوجّـهات والمواقف، لتشكل عاملاً ومعياراً وطنياً ليس لذاته مهما كان في النفس من محبة واحترام لشخصه وإنما لوصفه وسلوكه، فاستهداف رئيس الجمهورية استهداف لكل الشعب اليمني واستهداف لكرامته واستهداف لإنسانيته أَيْـضاً، لا خلاف على أن مقام الشهيد والشهداء فوق كُـلّ وصف، إنما في مثل حالة اغتيال الرئيس الصمَّـاد فالوضع يختلف.. ففي اغتياله اغتيال للجمهورية اليمنية كرمزي سيادي واغتيال لكل مواطن يمني كرمزي قيادي.
هنا تجدر الإشارة إلى الربط بين جريمتين قامت بها مملكة آل سعود، الأولى اغتيال الرئيس الحمدي والثانية اغتيال الرئيس الصمَّـاد، وحسب ما اعتدنا من ذاكرة الآباء وما تنامى إلينا حول الرئيس الحمدي، فكان رجلاً وطنياً من الطراز الأول كما كان فيه من الجد والإخلاص لوطنه ما يجعل ذكره خالداً في نفوس اليمنيين، وعلى الرغم من انتصار خصومه وحكمهم ومحاولتهم تشويه سمعة الرئيس الحمدي إلا أن الفبركة التضليلية تلك لم تنطل على الشعب، وباءت ترهات أذيال العدوّ السعودي في قرارة النفوس ممقوتة ومحط احتقار، الجميع يعرف ذلك وهذا سبب كاف للقول بثقة على اقتدار وجدارة الرئيس الحمدي، وفي نفس القول كان حال الرئيس الصمَّـاد في نفوس خصومه قبل محبيه، من محبة واحترام وإقرار باقتداره وكفاءته، وطالما أن الذي قام باغتياله ذاتهم من اغتالوا الحمدي، كُـلّ تلك المعطيات تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على مدى خسارة الوطن باغتياله.
ومن الجدير التنويه إلى أن ما كان يسعى له العدوّ السعودي من قديم الزمان هو قتل الإنسان وقتل هيبته في نفس اليمنيين كما سعى على إرخاصهم، وترسخ هذا المبتغى الباطل من قبل العدوّ بقتل الرئيس الحمدي؛ ونظراً لأن من قام بالحكم حينها هم خصومه، فقد سعوا على ترسيخه طيلة حكمهم نتج منها على أن يصبح الإنسان اليمني وحياته لا قيمة لهما في اليمنيين قبل الآخرين، مفرزاً بالأخير جرأة العدوّ إلى خوض غمار العدوان على سيادة اليمن دون أن يأبه إلى إرادَة اليمنيين وسيادتهم.
تمخضت هذه الجرأة باغتيال الرئيس الصمَّـاد، الذي اعتبر استشهاده حافزاً لكل اليمنيين إلى استعادة قيمتهم وقيمة حياتهم التي أُرخصت من النظام البائد من خلال الانتقام، بالمقابل يستشف للمتأمل أن ثورة 21 سبتمبر من نواجعها الملموسة إعادتها للإنسان اليمني ثقته بنفسه، إذ يلحظ ردود الآخر من مفرزات الثورة التقدير لوعي يمن 21 سبتمبر بقيمتهم من خلال الصبر والصمود ومن خلال ما يسطره الأبطال الميامين في مواقع الشرف والبطولة بتنكيل العدوّ، وما أحرزوه من انتصارات فوق الخيال حسب ما يتناقله العالم قيام ثلة قليلة من المجاهدين بإسقاط معسكرات للعدو، وختامهما معركتا نصر من الله والبنيان المرصوص، انتصار على الهزيمة النفسية التي عانى منها الشعب أثناء تراكمات الزمن، ومن آثار هذه الهزيمة موت نخوتهم التي لم تستفز؛ بسَببِ اغتيال رمز وطني باغتياله اغتيال لوجود.
تشابه الاغتيالان إنما في استشهاد الحمدي قتل شعب، وفي استشهاد الصمَّـاد حافز لإحيائه بالثبات والصمود والتضحية والإقدام أمام مصاعب الواقع في البناء والحماية. وسلامُ الله على الشهيدين.