الإنسان وشهرُ رمضان
زينب إبراهيم الديلمي
ما أحوج الإنسان في كُـلّ مرة أنّ يُفتّش على تغيير روتين طباعه ومزاجاته، ويخلق لهُ قوتاً لفطرته الضّعيفة يُلملم فيها من زاد الإيمان، ويبتعد عن ناظري المعاصي، ويسأل من شتات السّوء الرُخصة في سبيل ترميم نفسه من خلال الصّوم والولوج إلى حضرة الخالق، بالانشغال إليه بقراءة القرآن المُحكم ورفع يد التضرّع والجزع بطلب الغُفران والصّفح وقضاء حوائجه إنّ جفاه الضّراء، والإكثار من الشّكر والحمد إنّ مسّه السّراء.
تتزاحم الأيّام وتذهب من فورها أدراج العواصف، ولا يزال الإنسان في عهده المعهود غارقاً في هواجس الذنوب، ولم يوظّب حقيبةَ التهيؤ لشهر الغُفران، بل جعل من هذا الشّهر يُتخم عطشه وجوعه، ويميل ميلاً عظيماً للمُسلسلات الباعثة على إفساد روحيّة رمضان، بدلاً عن الاستفادة من استغلال هذه الفُرصة الذهبيّة التي منحها الله لعباده في كسر مجاديف قبائح الأفعال.
الإنسان اليمني – بشكلٍ خاص- حطَّ راحلته في محطّة رمضان، وتزوَّد منها بوقود التمحيص والإيمان، وجرت في أوردته بحر عظيم من محاضرات السيّد القائد، لتروي من ظمأ الشّرايين القاحلة وتضخُّها بكميّات هائلة من أروقة الشّوق إلى الله والخشوع في محراب العبوديّة، أضف إلى فُجُوجِ السّماء الذين صامت بُندقيّتهم في ترويض دبّابات العدوّ، وأوذوا في كعبة الجهاد مُحرمين، ينسجون من خيوط النّصر ما أثقبه دهر الباطل.
روتين رمضان يحتاجُ إلى جُعبةٍ مُستحضرة بفهرس الأعمال الصّالحة التي تكوي به شهوات ورغبات الإنسان، يحتاجُ إلى أنّ يكون الغني والفقير سواسيّة في المنزلة والمكانة، يحتاجُ في تلقيح هذا الخَطّاء من زلّات المعاصي وتحصينه من ظُلمات الجهل وجوره، ويترك مساحة شاسعة للإنسان، ليتسنّى له قيمة رمضان وجوهريّته الفريدة في الإسلام.