الرئيس مهدي المشاط في حوار لصحيفة الثورة:
- الرئيسُ الصمَّــاد ملهمُنا في بناء الدولة وحمايتِها ومشروعُه عوّض غيابَه وانقلب عكساً على مخطّطات العدوان
- لن نفرّطَ بسيادة اليمن وإذا رفض العدوان دعواتِ السلام فسنواجِهُ ويفعلُ اللهُ ما يشاء
المسيرة: نوح جلاس
مهدي المشَّاط هو أصغرُ خادم لأبناء شعبه اليمني العظيم، يبذل أقصى جهده لخدمة هذا الشعب، يمنح هذا الشعب من جهده ومن حياته، يسهر كي ينام هذا الشعب في أمن واستقرار، يحاول أن يكثّـفَ جهودَه؛ لتخفيف المعاناة على أبناء هذا الشعب جراء هذا العدوان الغاشم وسيبقى على هذا النهج إن شاء الله حتى يلقى ربه.
بهذه العبارات أجاب الرئيسُ المشير مهدي المشَّاط عن سؤال للتعريف بذاته لأبناء الشعب اليمني.
الرئيس المشَّاط أجرى حواراً مع صحيفة الثورة، أمس الأول، وأكّـد أن اليمن أرضاً وإنساناً لن يقبل باحتلاله وسلب سيادته، مُشيراً إلى أن مبادرات السلام الأُحادية التي أطلقتها صنعاء طيلة الفترات الماضية ترمي إلى الحفاظ على مصالح جميع الأطراف في المنطقة.
وأكّـد الرئيس المشَّاط أن السلام هو الخيار الأمثل للجميع ولمصلحة كُـلّ الشعوب وأن استمرارَ الحرب لم يعد حتى في مصلحة دول العدوان ذاتها، مؤكّـداً أن على تحالف العدوان قراءة الأحداث على مدى السنوات الخمس ومسار المواجهة لتعي أنه يستحيل عليها تحقيق أهدافها.
وَأَضَـافَ ‘‘مبادراتنا تؤكّـد رغبة كُـلّ اليمنيين الشرفاء في السلام والأمل أن يغتنم العقلاء في الجانب الآخر هذه المبادرات وهذه الرغبة لدينا لطي صفحة الحرب، وفتح صفحة جديدة تبدأ بالوقف الكلي والنهائي للحرب بكل أشكالها الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، ومعالجة كُـلّ آثار الحرب واستئناف علاقات طبيعية تقوم على أَسَاس حسن الجوار، والاحترام المتبادل ومبدأ عدم التدخل، والمصالح المشتركة’’.
ولفت الرئيسُ إلى أن مبادرةَ الحادي والعشرين من سبتمبر ‘‘ما تزال قائمة طالما لم نعلِنْ انتهاءَها، والمبادرة كانت واضحةً من حيث أنها احتفظت بحق الجيش واللجان الشعبيّة بالرد على أية انتهاكات للعدوان واستمرار الغارات’’.
طبيعةُ ونتائجُ التحَرّكات الدبلوماسية مع دول العدوان:
وفي حديثه عن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها صنعاء، أكّـد الرئيس المشَّاط أن ‘‘هناك بعض التواصلات مع دول العدوان وهناك تبادُلٌ للرؤى بدأت بعد إعلاننا المبادرة، وهي تواصلات تتسم بالقوة والضعف، وبالمدِّ والجزر، حسب طبيعة الأحداث والتطورات’’، منوّهاً بأن ‘‘كل التنازلات التي قدمنها تهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل والمستدام، وبالمستوى المشرف الذي ينشُدُه ويستحقه أبناء الشعب اليمني، أما التنازلات بمعنى المساس بسيادة واستقلال البلد فهذا ما لا يمكن تقديمه على الإطلاق؛ لأَنَّه سيكون تفريطاً وليس تنازلاً إيجابياً’’.
وتطرق الرئيس المشَّاط إلى تصعيد العدوان على مستوى الحرب الاقتصادية، مؤكّـداً بالقول: ‘‘لقد دعونا مراراً وتكراراً لتحييد الاقتصاد الوطني منذ بداية العدوان على بلادنا، ولكن دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية عمدت إلى استخدام الاقتصاد كأداة حرب محاولة منها لإركاع أبناء الشعب اليمني من خلال تجويعه وحصاره وخنقه’’، مُشيراً إلى أن ‘‘موقف الأمم المتحدة تجاه هذه الحرب الاقتصادية وتدمير الاقتصاد الوطني سلبياً جِـدًّا، مؤكّـداً في الوقت ذاته أن ‘‘مؤامراتهم ستبوء بالفشل أمام يقظة أبناء الشعب اليمني وتحَرّكه المسؤول’’.
وأكّـد أنه ‘‘مثلما استطاع شعبنا العزيز أن يصل إلى صناعة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والطائرات المسيّرة ذات المسافات البعيدة فهو قادر بتوفيق الله وعونه على ابتكار بدائلَ اقتصادية تساعد في الحد من آثار الحرب الاقتصادية الكبيرة التي يباشرها العدوان الأمريكي السعودي بحق شعبنا اليمني العزيز’’.
ولفت إلى أن ‘‘الوثيقة الشاملة للحل السياسي التي تقدمنا بها للمبعوث الأممي، ركزت على كُـلّ ملفات الحرب، والكلام القائم هو بين حَـلٍّ شامل’’، مؤكّـداً أن ‘‘الحرب ليست عسكرية فقط ولكنها ملفات متعددة منها الاقتصادي والسياسي، ووقف إطلاق النار ليس إلا جزء من وقف الحرب بشكل كامل، وهذه الوثيقة تعتبر الحل الشامل لملف القضية وإنهاء الحرب سواءً مع السعودي أَو مع دول العدوان بشكل عام أَو مع مرتزِقتهم بالداخل’’.
وجدّد الرئيسُ المشَّاط التأكيدَ على ‘‘أن من يعيق الوصول إلى مفاوضات تفضي إلى الحل السياسي الشامل هي دول العدوان وعلى رأسها أمريكا’’، مردفاً بقوله ‘‘إذا رفضت دول العدوان دعوات السلام وأصرت على الاستمرار في عدوانها، فلن يكون أمام الشعب اليمني العظيم إلا مواصلة التوكل على الله والاستعانة به والتحَرّك الفعال للدفاع ومواجهة العدوان، وبعد ذلك يفعل الله ما يشاء’’.
التواصلات اليمنية الروسية الصينية:
وعلى الصعيد الدبلوماسي، والتحَرّكات التي أجرتها صنعاء مع عدد من الدول، قال الرئيس المشَّاط ‘‘كان لدينا زيارة إلى الصين بالتنسيق مع الخارجية الصينية، وَأَيْـضاً بشكل مباشر وغير مباشر، فالصينُ لديها مجموعةُ علاقات واسعة جِـدًّا سواءً مع اليمن أَو مع غيرها’’.
وأوضح أن الرسالة التي استهدفت روسيا ‘‘تضمنت شرحاً لطبيعة الوضع القائم في البلد، ومخاطر أطماع العدوان، وآثارها على المنطقة بشكل عام وكيف أن الأثر ليس على منطقتنا بشكل خاص’’.
جهود بناء الدولة اليمنية الحديثة وواحدية القضية:
وفي سياق تعزيز تماسك الجبهة الداخلية والإصلاحات السياسية التي تتطلبها أكّـد الرئيس المشَّاط أن ‘‘ما يتعلق بالمصالحة الوطنية فنحن نعتقد أنها في حال تحقّقت ستختصر الطريق الشاق وتقرب اليمنيين من السلام المنشود’’، مُشيراً إلى أن ‘‘اللجنة بدأت عملها بالتواصل مع الشخصيات القيادية المنضوية تحت مظلة العدوان وبدأت اللجنة عملها، وهناك آثار إيجابية لهذا العمل’’.
ونوّه بأن ‘‘قرار العفو العام حقّق الكثير من النجاحات وأثبتت الأيّام صوابيته، فقد أسهم في عودة الآلاف من المغرّر بهم والمخدوعين إلى حضن’’، مُشيراً إلى أن ‘‘هناك جهة متخصصة في وزارة الدفاع تتولى تطبيق القرار بالتعاون والتنسيق مع المشايخ والأعيان’’.
وبالانتقال إلى الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، يؤكّـد الرئيس المشَّاط أنها نابعة من دوافع كثيرة أبرزها ما لاحظه الرئيس الشهيد الصمَّــاد طيلة فترة رئاسته ‘‘ووجد أن مؤسّساتها مشلولة ومقيّدة، وواجه العديدَ من الإشكالات والعوائق في تسيير تلك المؤسّسات’’.
كما أكّـد أن الرؤية ‘‘مشروع وطني جامع بما تضمنته من غايات وأهداف وأنشطة، مُشيراً إلى أن ‘‘العدوان والحصار المفروض على اليمن يمثلان إشكالية أمام تنفيذ كُـلّ ما تطمح إليه الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة’’، مؤكّـداً أن ‘‘الرؤية الوطنية وخططها المرحلية ليست جامدة ولا يصح أن تظلَّ جامدةً، بل هي مرنة وقابلة للتطوير وللتحديث’’.
ولفت إلى أن ‘‘للمكونات السياسية دوراً مهماً جِـدًّا في الرؤية الوطنية، وكل من اطلع عليها سيجد أن فيها نفس الدولة، والإرادَة الحقيقية لبناء الدولة والتي تتبناها القيادة، وللأحزاب السياسية والمجتمع المدني دائماً أدوار مهمة منوطة بها في إطار مراقبة الخطط ومتابعتها’’.
وفي حديثه عن التعديلات السياسية في حكومة الإنقاذ ومؤسّسات الدولة قال الرئيس إنها ‘‘تأتي في إطار تطوير الأداء إلى الأفضل، ولم تحمل أي أبعاد سياسية، فالانسجامُ داخل المكونات السياسية منقطع ُالنظير، وكل ما يقال شائعات غير صحيحة’’.
الوحدة ودورها في حماية كُـلّ أبناء الشعب اليمني:
وتطرق رئيس المجلس السياسي الأعلى إلى ملف القضية الجنوبية وأكّـد أنه ‘‘بعد خمس سنوات من العدوان أصبح الكثير من المحافظات الجنوبية تحت الاحتلال الأجنبي المباشر، ونرى أنها مسؤولية على كافة أبناء الشعب اليمني التحَرّك لنيل الاستقلال وامتلاك القرار؛ باعتبارهما شرطَ النهوض الأَسَاسي بالبلد وبمصالح الشعب، ومن ثم نبدأ جميعاً مع إخوتنا الجنوبيين بمناقشة كُـلّ مشاكلنا الداخلية وُصُـولاً إلى إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة’’.
وأكّـد أن ‘‘الوحدة فهي كمفهوم تشير إلى معانٍ راقية وسامية تتصل بالإخاء والتعاون والتكامل والقوة والنهضة والمكانة’’، مُضيفاً ‘‘عندما نتحدث عن الوحدة يجب أن نستحضر في أذهاننا أن موضوع وحدة الشعب اليمني هي أكبر من كُـلّ السياسيين، ومن كُـلّ الأحزاب السياسية؛ لأَنَّ صانعَها هو الشعبُ، وهو وحدَه الحاكم فيها، وندرك أَيْـضاً أن كُـلّ الإساءات والانحرافات التي فتكت بكل منجزات الشعب إنما هي نتاج لتحكيم الخارج والارتهان إليه بدلاً عن الشعب’’..
وأكّـد أن ‘‘الجمهورية لا وجودَ لها إلا هنا في صنعاء في المناطق الحرة والطاهرة من دنس المحتلّ، وما يقوله المرتزِقة حول (الجمهورية) والنظام الجمهوري هو يضعهم أمام حالة انكشاف كبيرة؛ لأَنَّ الناس يدركون جميعاً بأن المرتزِقة يتحَرّكون كأدوات تحت قيادة غير يمنية، وغير جمهورية، ولذلك هم فقط يفضحون أنفسهم بحديثهم عن الجمهورية وليس أكثر’’.
وعن فيروس كورونا والجهود المبذولة لمواجهته، أوضح الرئيس المشَّاط أن ‘‘المسؤولية الملقاة على عاتقنا إزاء شعبنا عملنا كُـلّ الخطط والتدابير اللازمة لحماية الشعب حسب الإمْكَانات المتاحة لدينا؛ لأَنَّنا نشعر بالخطر والمخاوف من وصولها إلى اليمن، خَاصَّة أن دول العدوان تسعى بشكل كبير إلى إدخَال هذا الوباء إلى اليمن’’، مُشيراً إلى أن هناك إهداراً لمساعدات الشعب اليمني من قبل المنظمات ‘‘وهذا فساد واستغلال ومحاولة للاتّجار بمعاناة الشعب اليمني، وهذا غير مقبول ولا يرضى به ضميرنا أبداً’’، مُشيراً إلى أن المشاكل التي اختلقتها المنظمات نتجت؛ بسَببِ الإجراءات التي تمنعها من الاستمرار بالمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني.
الشهيد الصمَّــاد.. الحضورُ المتجددُ والغائبُ الملهم:
وبالانتقال في حديثه إلى رئيس الشهداء صالح الصمَّــاد، فقد لفت الرئيس المشَّاط إلى أن ‘‘الشهيد الصمَّــاد كان شديد الارتباط بالله سبحانه وتعالى وعلاقته بالقرآن الكريم قوية، ومن كانت علاقته بالله كذلك فبالتأكيد أنه سيحملُ كُـلَّ القيم والصفات الحميدة، كالتضحية والعطاء والنزاهة والإحسان والوفاء والصدق’’.
وقال: إن الشهيد الرئيس ‘‘مثَّل النموذجَ والقُدوة في تحمل المسؤولية حيث تولى قيادة اليمن في أصعب مرحلة مر بها عبر التاريخ، وأدى واجبه على نحو مشرِّف’’، مؤكّـداً أن ‘‘فقداننا للصمَّــاد يُعدُّ خسارة غير أن حضوره كنموذج ومشروع ملهم وقدوة عوَّضَ جزءاً من تلك الخسارة’’، مُضيفاً ‘‘نقول وبكل ثقة أن دول العدوان لم تحقّق أياً من أهدافها بإقدامها على اغتيال الرئيس الصمَّــاد وأن العدوان لم يكن رابحاً على أي مستوى بل ما حدث كان العكس تماماً’’.
وَأَضَـافَ الرئيس المشَّاط في هذا السياق ‘‘كان الفضل والدور البارز والكبير في إدارة تلك اللحظات الصعبة والحاسمة في تاريخ اليمن للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بحكمته ونورانيته وارتباطه بالله، استطاع أن يدير كُـلّ تلك الترتيبات التي تمَّت، بدءاً من إخفاء خبر استشهاد الرئيس صالح الصمَّــاد رحمة الله تغشاه، أَو الترتيب للبديل بالشكل الذي أُخرج به ذلك الخبر، والذي قلب الطاولة على دول العدوان’’، موضحًا أن ‘‘ترتيبات اختيار البديل فقد تمَّت بشكل سلس، ولم تواجهْ أية صعوبة؛ لأَنَّ عملَ المجلس السياسي الأعلى كان يُدارُ بشكل جماعي’’.
كما أكّـد الرئيس المشَّاط تعرضه لعدة محاولات اغتيال من قبل تحالف العدوان ‘‘ولم تؤثِّر على أدائنا ومهامنا العملية؛ لأَنَّنا منطلقون من النهج الذي انطلق منه الشهيد الصمَّــاد رحمة الله تغشاه، ونرى دماءَنا رخيصة في مقابل حمايتنا لشعبنا والسهر على أمنه واستقراره، والشهادة في سبيل الله هي أمنية لنا’’.
ونوّه بأن ‘‘كل الشعب اليمني مستهدَفٌ من قبل هذا العدوان وليس مهدي أَو فلان، وما دماء مهدي المشَّاط إلَّا كدماء أي مواطن يمني’’، مخاطباً أبناء اليمن الأحرار: ‘‘رسالتي لكل أبناء الشعب اليمني بكل انتمائهم أن يحافظوا على المكتسبات التي تحقّقت بفضل الله نتيجة صمود هذا الشعب، ونحافظ على اللحمة الداخلية، ونشمّر السواعد؛ لأَنَّنا أصبحنا في حرب وجودية حرب إرادات، الحرب لم تعد حرباً عسكرية أَو سياسية أَو إعلامية”.
وجدّد التأكيدَ على أن ‘‘الجميعَ عليه مسؤوليةٌ كُـلٌّ من موقع عمله، وأيُّ ضياع لتضحية مقدمة من قبل أبناء هذا الشعب، سنكون نحن من يتحمّلُ مسؤوليتَها ومَن سيلحقنا وزرُها إنْ فرَّطنا’’.