العدوّ السعودي يخسر 51 مليار دولار من احتياطاته خلال الأشهر الأربعة المنصرمة
مغامراتُ ابن سلمان تقودُ اقتصادَ المملكة إلى الهاوية
المسيرة- تقرير:
يواصلُ الاقتصادُ السعودي انهيارَه بشكل متسارع لأول مرة في تاريخ المملكة التي أصبحت تواجهُ أزمةً خانقةً وصلت حَــدَّ فقدانها مبالغَ ضخمةً من الاحتياطي العام.
وبحسب وكالة روسيا اليوم، أمس الاثنين، فإن بياناتِ المصرف المركزي تُظهِرُ أن السعودية خسرت نحو 51 مليار دولار من احتياطاتها خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري.
ووفق المصرف، فقد سجل شهرُ مايو المنصرم وحدَه تراجعاً في الأصول الاحتياطية بنحو 25 مليار دولار.
يأتي ذلك بعد أقلَّ من أسبوعين لسحب الرياض أكثر من تريليون ريال من احتياطاتها خلال السنوات الأربع الماضية، واقتراض 220 مليار ريال هذا العام وخفض “شديد” للمصروفات.
وكان وزير المالية السعودي قد قال في تصريحات سابقة بأن بلاده تعيش أكبر أزمة اقتصادية في تأريخها، حيث وصلت المملكة إلى طريق مسدود وانتهت جميع محاولاتها لإنكار وإخفاء تدهورها الاقتصادي الكبير، لكنها إذ قرّرت أخيرًا الاعتراف ببعض ما تعانيه، عن طريق وزير ماليتها الذي كشف أرقاماً مدهشة للخسائر، فإنها حاولت أَيْـضاً إخفاءَ الأسباب الحقيقية لهذه الخسائر، حيث أحالتها كلها على أزمة “كورونا” الحالية، فيما تؤكّـد جميع المعلومات، بما فيها تلك التي كشفها وزير المالية السعودي نفسه، أن هناك قائمةً طويلةً من الأسباب الرئيسية الأُخرى، يأتي على رأسها العدوان على اليمن، والمغامرات السياسية والعسكرية للرياض في بقية أرجاء المنطقة، إلى جانب الإخفاق الإداري الذريع للنظام، وكلها أسباب ترتبط زمنياً بفترة صعود الملك سلمان وولي عهده إلى الحكم.
وفي مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، أعلن وزيرُ مالية المملكة، محمد الجدعان، أن بلاده “لن تعود كما كانت” عليه من قبل، وأنها تواجهُ أزمةً “لم تعرف مثلَها منذ عقود طويلة”، موضحًا أنها “ستتخذ إجراءاتٍ صارمةً جِـدًّا وقد تكون مؤلمة”، حيث بات عليها أن “تخفّض مصروفات الميزانية بشدة” كما أنها ستستدين خلال هذا العام فقط ما يصل إلى 220 مليار ريال.
إعلانُ الفضيحة
إعلانٌ جاء بمثابة فضيحة للسعودية التي حاولت طوال الفترة الماضية إنكارَ تراجعها الاقتصادي، بالرغم من انكشاف آثاره على الكثير من المستويات، لكن حتى هذا الاعتراف لم يسلم من محاولة جديدة للتضليل والإنكار، إذ حصر “الجدعان” أسبابَ هذا التراجع الكبير بأزمة “كورونا”، محاولاً أن يقدمَ المعاناةَ الاقتصادية السعودية كجزء مما يعانيه العالم كله، وهذا صحيحٌ، لكن في جزء بسيط، فحتى الأرقام التي قدمها وزير المالية، كشفت وبشكل واضح أن التدهور الاقتصادي في المملكة ليس وليدَ هذه الأزمة فقط، بل يعود إلى تراكم عدة أزمات سبقت وباء كورونا بسنوات.
ومن بين تلك الأرقام ما تضمنه تصريحُ الجدعان بأن السعودية “قد استخدمت أكثرَ من تريليون ريال من الاحتياطات خلال أربع سنوات”، وهو ما يعني أن التدهورَ الاقتصادي السعودي قد بدأ قبل أزمة كورونا بكثير، الأمر الذي يشير إلى أسباب رئيسية أُخرى لهذا التدهور، على رأس تلك الأسباب يأتي العدوانُ على اليمن الذي كانت له تأثيراتٌ كبرى على أرقام الاقتصاد السعودي خلال السنوات الماضية، و”الأربع السنوات” التي تحدث عنها وزير المالية السعودي تمثل دليلاً واضحًا على أن تكاليف الانفاق على العدوان كانت من أبرز الخسائر التي جعلت السعودية تقوم بسحب تريليون ريال من احتياطاتها.
الكثير من المؤسّسات البحثية والإعلامية الأجنبية كانت قد تحدث خلال السنوات الماضية عن خسائر السعودية؛ بسَببِ نفقات الحرب على اليمن، وكان من أبرز ما تم كشفه في هذا السياق ما ذكرته كُـلٌّ من جامعة هارفارد ومعهد واشنطن ومعهد “بروكينغز”، حول وصول نفقات السعودية فيما يخص الحرب على اليمن إلى 200 مليون دولار يوميًّا، وكل ذلك بدون تحقيق أي إنجاز، وقد ظهرت تأثيراتُ العدوان السلبية على الاقتصاد السعودي بشكل أوضح مع تصاعد عمليات الردع اليمنية على المنشآت السعودية، حيث كان للضربات النوعية التي استهدفت المنشآت النفطية آثارٌ كبيرة، كان أبرزها إفشال خطة “اكتتاب” أرامكو.
الشعبُ السعودي يدفع الثمن
إلى جانب ذلك أَيْـضاً، خسرت السعوديةُ الكثيرَ من الأموال لدعم المغامرات السياسية والعسكرية للنظام في سوريا والعراق، إذ تكفلت الرياض بتمويل الكثير من الجماعات المسلحة هناك لفترات طويلة.
كما لا ننسى الأموالَ الطائلة التي دفعتها الرياضُ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مقابل ما يسميه الأخيرُ “الحمايةَ” خلال السنوات الأخيرة، وهي أموال لا تحتاج إلى الكثير من التدقيق لوضعها في خانة “الخسائر”.
سوء الإدارة الاقتصادية أَيْـضاً كان أحد الأسباب التي أسهمت في تسريع عجلة التدهور في المملكة، والحرب “النفطية” التي افتعلها النظام السعودي مؤخّراً مع “روسيا” من خلال رفع مستوى الإنتاج، خير دليل على ذلك، إذ أَدَّت هذه الخطوة غير المدروسة إلى تعجيل خسائر المملكة في تجارة النفط، قبل أن تتصاعد تداعيات وباء كورونا.
ويتضح أن أزمة “كورونا” لم تخلق الأزمة السعودية، وإنما فقط ضاعفت ما هو موجود، وهذا ما يفسّر مستوى التدهور السريع الذي أصاب الاقتصاد السعودي مؤخّراً، إذ لو كان قويا لتمكّن من الصمود لفترة أطول.
وبالعودة إلى تفاصيل هذه الأزمة، فقد سجلت البورصة السعودية، الأيّام الماضية، ما وصفته وكالة رويترز بـ”هبوط حاد”، حيث هبط مؤشر مصرف الراجحي بنسبة 8 بالمِئة، فيما سجلت أسهم “أرامكو” انخفاضاً بنسبة 5.2 بالمِئة، الأمر الذي ضاعف حجمَ الفضيحة السعودية بعد تصريحات وزير المالية.
وجاء هذا الانخفاضُ في إطار تراجع مستمر للأسهم السعودية خلال الفترات الأخيرة، وجاء أَيْـضاً بعد أن كان النظام السعودي قد أعلن سابقًا تخفيضَ الميزانية، في ظل تراجع أسعار النفط إلى مستويات كبيرة؛ بسَببِ انخفاض الطلب على الخام؛ بفعل تأثيرات وباء “كورونا”.
وكانت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني قد خفّضت نظرتها المستقبلية للسعودية من “مستقرة” إلى “سلبية”؛ بسَببِ انهيار أسعار النفط وعدم قدرة الحكومة السعودية على تعويض الخسائر الناجمة عن هذا الانهيار.
وبإضافة تأثيرات أزمة “كورونا” إلى التأثيرات السياسية والعسكرية والإدارية على الاقتصاد السعودي، يبدو بوضوحٍ أن وزيرَ المالية، الجدعان، حاول تلطيفَ تصريحاته عندما قال إن بلاده لم تواجه مثلَ هذه الأزمة “منذ عقود طويلة”، فالحقيقةُ أنها لم تواجه مثل هذه الأزمة في تأريخها كله، وهذا ما تشهد به أَيْـضاً الأرقامُ والمؤشرات في المملكة والتي تظهر اختلافاً كَبيراً بين الوضع الاقتصادي قبل فترة حكم “سلمان” وولي عهده، وبعدها، وقبل العدوان على اليمن، وبعده.
وقد جاء حديثُ وزير المالية السعودي عن استحالةِ “عَودة السعودية إلى وضعها السابق” بمثابة إعلان عن النتيجة النهائية لهذه الأسباب مجتمعةً، وهي نتيجةٌ واضحةٌ تفيدُ بسقوط مُـدَوٍّ للنظام السعودي الذي كان يستمدُ قوتَه كُلَّها من المال، والآن بات مفلِساً!