العيد وَالغازي الجديد
أشواق مهدي دومان
الحياة مهما كابدناها بل وَخلقنا عليها في كبد لكنّها حياة.. روح وطاقة تدبّ فينا بإيحاءات روحية نفسية وَأجهزة عضوية جسدية مهيأة في تكويننا البشري الإنساني لتقوم على أكمل وظائفها، فبتأديتها لوظائفها نعيش صحة وَحيويّة، وَحين يختلّ منها الشيء البسيط نعاني وَنصاب، وَهناك الرّوح التي لم نسطع للآن معرفة مكوّنها وَماهيتها، وَلن نستطيع تحديد مكانها في أجسامنا بين اللحم وَالدّم وَالعظم، لكنّها حياة كما أرادها الله لنا، وَدبّها فينا فكنّا من (روح وَجسد) ملّكنا إيّاه الله، وَأفهمنا أنّ هذه الحياة فينا أمانة، وَدعانا لاحترامها وَتقديسها (روحاً وَجسداً)، وَرسم لنا منهجيّة تعزّز من يقدّس الحياة حتّى في واحد منّا، فمن أحيا نفساً فقد أحيا الناس جميعاً وَمن أماتها فقد أمات الناس جميعاً.
هذا هو الخالق البارئ حريص على حياة الفرد منّا وَيعدّنا أهم وَأسمى مخلوق لديه رغم أنّنا ربّما كنّا كخلقة أصغر وَأحقر من كثير ممّا في كونه من مخلوقات كالسّماء وَالجبال وَالبحار وَالأرض، وَهذه كلّها لا تساوي عنده جناح بعوضة.
فلماذا وَمن نكون لنستهتر بأرواحنا وَقد جعل الله لها قدسيّة؟!
لماذا نستخفّ، لماذا نفرّط وَنلقي بأنفسنا إلى التهلكة وَقد أُمرنا أن نحفظ وَنحافظ ونصون أماناتنا التي استودعنا إيّاها الله؟!
وَاليوم: يحلُّ وباء عالمي وَإن كانت يد أشرار البشر من صنعه ليكون قاتلاً للبشريّة جمعاء لا لقتل نفس واحدة وَلا اثنتين، وهنا مخالفة لناموس الله فقد خان هذا الأمريكي المتعجرف عهد الله، وَأراد إزهاق بشر قدّس حياتهم ربُّ العالمين، فعاد يصنع فيروساً وَيستجدّه ليبيد البشرية وَيحارب الله في خلقه، وَنأتي في النهاية لنعاونه في ذلك باستهتارنا في تعاطي قضية الموت وَالحياة التي هي بيد الله وحده لا بيد فيروس الشيطان الأكبر (أمريكا) وَلكن رب العالمين من أمرنا بألّا نفرّط فيما آتانا من أرواح وَأجساد وَبأن نأخذ بأسباب الحياة وَالنّجاة، فلماذا لا نستجيب للّه في ندائه ظنّا منّا أنّنا لو حافظنا على أنفسنا تخلّينا أَو ضعفت فينا الثقة بالله؟!
بينما الحقيقة أنّ ثقتنا بالله مطلقة تماماً، وَلا يناقشنا فيها أحد خَاصَّة هذا الشّعب الصّامد على مدار خمسة أعوام، وَقد صارع الموت وَعاصره وَهزمه في وَعلى كُـلّ المستويات، صارعنا وَواجهنا أكثر من عشرين دولة باسم تحالف العدوان الذي بثّ الموت بقنابله الفوسفورية وَالنّيترونية وَالفراغية وَالبيولوجيّة الجرثومية، وَحاصرنا لنجوع وَنركع له من دون الله، فصمدنا وَانتصرنا برجال من حديد لم يتهاونوا وَلم يفرّطوا في أرواحنا، بل قد افتدونا بأرواحهم وَبذلوها خالصةً لوجه الله لم يطلبوا منّا ثمن أرواحهم وَلا دمائهم، وَلم يعيّرونا، وَلم يمنّوا علينا، وَلم يشترطوا علينا شيئاً، وَانتصرنا بهم، بل إنّ حياتنا ما زالت كريمة عزيزة بفضلهم بعد الله لنأتي في نهاية التّحدي مع الشّيطان الأكبر (أمريكا) وَنتهاون في الموت الذي بعثته لنا كما بعثته لكلّ العالم الذي هو أعظم تطوراً وَإمْكَانيات لمقاومة هذا المجرم الذي لا يُرى (كورونا).
لنعلن قوتنا بالله توبة نصوحاً، وَباستغفارنا وَبعودتنا وَتراجعنا عن الظلّم الذي من ضمنه الكفر بنعم الله، وَأغلى نعمه هي الحياة التي أرادها اللهُ لنا وَفينا نعم: نعمة نحن نجحدها حين لا نصونها، حين لا نحافظ عليها، وَحين لا نتناصح بالحفاظ على أرواحنا لنقي أنفسنا وَأهلينا الهلاك (الذي أراده الشّيطان الأكبر لنا) عن طريق التزام البيوت، وَمضاعفة التّطهير وَالمحافظة على النّظافة، وَهو ديننا دين الطّهارة روحاً وجسداً، فلا نتهاون في أرواحنا جهلاً وَحمقاً وَسخفاً وَاستهتاراً، وَحكومتنا الوليدة تبذل قصارى جهدها، وَيصعد وزير الصحة منبره ليحذّر، وَلا زلنا نجهل تحذيراته وَهو الرجل المخلص المؤمن الذي حتّمت عليه المسؤولية أن يثابر وَجنوده قدر استطاعتهم لعدم دخول هذا الشّعب في صراع طويل مع المجرم الأمريكي الصغير (فيروس كورونا)، وَقد أمسك هذا الوزير العصا من المنتصف حتى لا تقع يمنة وَلا يسرة، وَليس منه تخاذلاً لكنّه يحذّرّ انتشار هذا المجرم الأمريكي الذي لا يُرى بالعين البشريّة.
يحذرّ وَهو مؤمن وَمطمئن بأن من أخذ بأسباب النّجاة فهو الحكيم المؤمن الذي تناسقت وَاستوت وَانصلح وعيه فهو مطمئن للّه وَهو من يرعى حقوق الله في خلقه فلا يفرط في روحه وَلا روح غيره.
بينما تحكم الكثير العشوائية، تحكمها باسم الله وَالعقيدة بالرغم من أنّ الله هو من حثنا على أن نحافظَ على أرواحنا، وَالتفاعل مع قضايانا، وَضرب لنا في التزام دولة النّظام وَالقانون بحشرتين صغيرتين: إحداهما النّحلة وَالأُخرى النّملة، فكلاهما مثابرة طموحة نشيطة تسعى لتأمين حياتها، وَلا تلقِي بنفسها إلى التّهلكة، فهذه النملة الحقيرة كما يعتقد البعض، تخشى متحملة المسؤولية فتنبه شعبها بأن: “ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ”، وَهي تعلم أنّه من أنبياء الله المخلصين وَالذين صارعوا وَواجهوا وَانتصروا على شياطين الإنس والجن، وَمع ذلك حذرت لو يكون تحطيم لها وَشعبها في حالة من اللاشعور لسيّدنا سليمان.
وَاليوم لا بدّ أن نعي وَنعدّ فيروس كورونا غازياً من نوع جديد حين حاولت أمُّه أمريكا أن تغزوَنا بكلّ الطّرق ففشلت فأتت به ليتمّ مهمّتها بهدوء، لتهلك الإنسان وَتهلك حرثه وَنسله، وَبتهاوننا كأنّنا نعيش حالة من اللاشعور بأيّة مسؤوليّة، فإلى متى هذا الاستهتار؟
وَإلى متى نساعد الصناعة الأمريكية في قتلنا وَإزهاقنا؟!
وَإلى متى نجعل من أنفسنا لقمة سائغة لهذا المجرم الأمريكي كورونا؟!
إلى متى وَكلنا مسؤول؟!
وَمالنا كمن يؤمن ببعض الكتاب وَيكفر ببعض؟!
فيا أيّها الشّعب العظيم: لتعلم أنّ كورونا محتلّ أمريكيّ جديد وَخطورته أنّه لن يقف عند الحدود فيتصدّى له رجال الله، وَيخلّصونا منه فنأمن كما أمّنونا طيلة فترة هذا العدوان وَإلى اليوم من دخول الغازي المحتلّ بكيانه البشري (روحاً وَجسداً) إلينا، فقد واجهوا أمريكا ذلك القاتل العشوائي المتطفّل حين تجاوز كُـلّ قوانين وَأخلاقيات وَأدبيات الحروب.
إنّها أمريكا تعلن الحرب على الله أفلا تستحق أن نواجهها بالصّبر، وَالتزام البيوت، وَالحفاظ على أرواح غيرنا إن هانت علينا أرواحنا، شعبنا العظيم: كما انتصرنا على الأمريكي الكبير بخروج رجال الله لمواجهته وَترسانته الضخمة في جبهات الشّرف، فلنا أن نهزمه غازياً جديدًا باتباع ما تحذّرنا منه الجهات المختصة، وَالله من وراء القصد، وَالسّلام.