قناعُ أمريكا يسقطُ في عقر دارها
صبري الدرواني
اختصرت الناشطةُ الأمريكية، تاميكا فالوري، ذات الأصول الأفريقية جوهرَ المشكلة بقولها: “لا تتحدثوا عن العنف والنهب وهو صنيعتُكم، فأمريكا هي من نهبت السكانَ الأصليين وأنتم علمتمونا إياه”.
لطالما حاولت أمريكا أن تظهرَ أمام شعوب العالم بأنها بلدُ الديمقراطية الأولى، وراعيةُ الحقوق والحريات، وتنادي بقيةَ بلدانَ العالم للاقتداء بها، بسعي حثيث لتلميع وجهها القبيح السوداوي، وبالفعل استطاعت تلميعَه في عقول بعض السُّذَّج وقاصري الوعي.
ولكن الواقعَ بين كُـلّ فترة وأُخرى يشهدُ بعكس ذلك، وأن وجهَ (الإدارات الأمريكية المتعاقبة) وسياساتها قاتمة وسوداوية، تتملكها نزعةٌ استعمارية وعُنصرية تجاه بقية البشر، ولا يمكن أن تقبَلَ (بالآخر)، وتسعى بنزعة عنصرية وفق مصلحتها أولاً، ولو اقتضى الوصولُ إلى تلك المصلحة أن تقتل ملايين البشر، نساءً أكانوا أَو أطفالاً، وما حدث في العراق وأفغانستان وأخيرًا اليمن خيرُ شاهدٍ على ذلك.
الاحتجاجاتُ التي تجوبُ اليومَ العديدَ من المدن الأمريكي شاهدٌ حيٌّ على مدى الاحتقان الذي وصلت إليه شريحة واسعة من الشعب الأمريكي؛ نتيجةً للعنصرية التي تنتهجها (الإداراتُ الأمريكية المتعاقبة) بحق هذه الشريحة داخل أمريكا، والواقعُ أَيْـضاً شاهدٌ آخر على العنصرية والوحشية المفرطة التي انتهجتها الإدارة الأمريكية بحق الملايين من شعوب العالم.
لقد شاهد العالَمُ ورأى حقوقَ الإنسان في أمريكا في الشاب الأسود، جورج فلويد، وهو يصرُخُ تحت قدم الشرطي الأمريكي (لا أستطيع أن أتنفس)، وشاهد العالم حقوق الطفل والمرأة في مقطع الفيديو وعناصر الشرطة الأمريكية تضرب امرأةً أمريكيةً من أصول أفريقية تحمل طفلَها، فتُلقى على الأرض ويصطدم رأسَ طفلها الصغير على قارعة الطريق فيفارق الحياة.
أما ديمقراطيتُها المزعومةُ فقد شاهد العالمُ أَيْـضاً زيفَها وهشاشتَها في تعامُلِ الإدارة الأمريكية مع الاحتجاجاتِ العارمة التي جابت العديدَ من المدن الأمريكية وكيف قامت الشرطةُ باستخدام العنف ضد المتظاهرين وقمعهم، بل تجاوزت ذلك إلى سحلِهم بالسيارات.
لقد ارتكبت الشرطةُ الأمريكيةُ بحق المتظاهرين الأمريكيين كُـلَّ أنواع الجرائم التي كانت تتخذها الإدارات الأمريكية المتعاقبة ذرائعَ لاحتلال وغزو البلدان الأُخرى ومحاصرتها، كما حدث في العراق وسوريا، وإيران، وكوبا، وفنزويلا، وبالتالي فقد أكّـدت أفعالُها مجدّدًا أن الدعايةَ التي صنعها الإعلامُ حول القيم الأمريكية لم تكن إلا قناعاً زائفاً تختبِئُ خلفَه أمريكا في سعيها للسيطرة على مقدرات الشعوب.
لقد كنا على يقينٍ راسخٍ بطغيان الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وعُنصريتها وتوحشها، وإجرامها، وأن من يمتلك تلك الصفات فلن يستطيعَ أن يقدِّمَ للإنسان أيَّ حق، ولا أن يحفظَ حقوقَه وحرياته، ولا يمكن أن يقيمَ العدلَ والمساواة بين أفراد شعبه، (ومن يطلع على إحصائيات الحوادث داخل أمريكا يدرك حجمَ الجرائم المهول في كُـلّ مجالات الحياة)، ومن لم يستطع أن يحفظَ حريةَ مواطنيه وحقوقهم فهو أعجزُ عن منحها لشعوبِ العالم.
وأخيرًا.. نؤكّـدُ أن الإسلامَ بمبادئه وقيمه وتعاليمه الأصيلة هو الوحيدُ الذي يستطيعُ أن يحميَ الإنسانَ ويحفظَ له حقوقَه وحرياتِه، وأن يبنيَ أفضلَ حضارة في هذا الكون.