الرياضُ تستغيثُ باسم اليمن.. يا للبجاحة!
عبدالله صبري
ليست المرة الأولى، فطالما ذرفت الرياضُ دموعَ التماسيح وهي تتباكى على حال اليمن وأوضاعها، تفعلُ ذلك اليومَ كما فعلته بالأمس القريب والبعيد، مع فارقِ أن نسبةَ الوعي بهذه الحقيقة تزداد يوماً بعد يوم لدى السواد الأعظم من أبناء شعبنا، ولا يشُذُّ عن ذلك إلا من التحقوا بكشوفات “اللجنة الخَاصَّة” وقوائم العمالة والارتزاق.
فمنذ باشرت عدوانَها على اليمن في مارس 2015م، سعت السعوديةُ وحُكَّامُها إلى استدراج القوى السياسية إلى “مؤتمر الرياض”، فالتحق به ثلة من الخونة، واستعصى آخرون، فيما كانت القوى الوطنية قد حسمت أمرها وقرّرت مواجهة العدوان والتصدي لصنوف الإيذاء السعودي الأمريكي مهما كلف الأمر، ومهما بلغت التضحيات.
رغماً عن ذلك لم يرعوِ آل سعود، فحين تبين لهم إخفاقُ ما يسمى بـ”عاصفة الحزم”، استبدلوا عملياتِهم العدوانية تحت مسمى “إعادة الأمل”، وظهر ما يسمى مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية، الذي فرض تحالفُ العدوان من خلاله على المجتمع الدولي تمريرَ الإغاثات للمحتاجين في اليمن عبر هذا المركَز أَو برامج الأمم المتحدة حصراً، في حالة انفصام غير مسبوقة، إذ كيف للقاتل المجرم أن يرتديَ قفازاتِ الرحمة، ويعتلي منبرَ الإنسانية مستغيثا باسم الضحية، ثم لا يكف عن عدوانه وجرائمه!!.
وما كان لهذا الخداع وهذه البجاحة أن تنطليَ على شعبنا، أَو تمر مرور الكرام، لولا أن أبواق الارتزاق كانت ترفع شعار “شكراً سلمان”، وما كان لهذا الدجل السياسي والإعلامي أن يطول لولا أن الأمم المتحدة ومؤسّساتها كانت جاهزةً للاشتراك في لُعبة “المقت الكبير”..
صمتت الدولُ الكبرى عن جرائم آل سعود في اليمن مقابل صفقات تجارية كانت أضخمُها لصالح أمريكا ثم بقية الدول في مجلس الأمن، أما الأمم المتحدة فقد وجدت فرصتُها في المسألة الإنسانية كمدخل لابتزاز الرياض ودول العدوان في مقابل التواطؤ والصمت المريب، وحين رفعت الأمم المتحدة صوتها، وحذرت من خطورة الأوضاع الإنسانية في اليمن، فقد راوغت وماطلت في تحميل السعودية وتحالف العدوان المسئولية، وتمنعت حتى الآن عن تشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم المتوالية بحق المدنيين في اليمن، والمقابل أن السعودية والإمارات كانتا الداعمَ والممولَ الرئيسَ لبرامج الأمم المتحدة في بلادنا.
وللتذكير فقط، فقد رأينا كيف تراجعت الأمم المتحدة في عام 2016م عن تقريرها الذي أدرج الرياضَ على رأس القائمة السوداء لجهة الانتهاكات بحق الأطفال في اليمن، ثم سرعان ما سحبت الاتّهامَ بمُجَـرّد أن هدّدت الرياضُ بوقف دعمها السخي لبرامج هذه المنظمة.
واليومَ لا تجدُ الأمم المتحدة حرجاً في تنظيم مؤتمر دولي لدعم اليمن بالمشاركة مع الدولة المسؤولة عن الحصار والعدوان وتفاقم الأزمة الإنسانية، كما أن الرياضَ نفسَها لم تعد ترى فيما تفعلُه ما يجانبُ الصواب، خَاصَّةً إذَا كان هذا الفعل المقيت يجنبها الضغوطات وردة الفعل الأممية والدولية.
أما “كورونا” فهو عنوانٌ مضافٌ تستغلُّه الأممُ المتحدةُ لجلب المزيد من الدعم الدولي باسم اليمن، هذا الدعمُ الذي تذهَبُ النسبةُ الأكبرُ منه في نفقات تشغيلية ومرتباتٍ ضخمة تصُبُّ في جيوب العاملين الأمميين في اليمن وكبيرهم “غريفتث”.