ارتداد سريع لـ “مؤتمر المانحين”: من دعاية إلى فضيحة!

الأمم المتحدة تصفه بـ “المخيب للآمال”.. و”أوكسفام” تدعو إلى وقف بيع الأسلحة للسعودية

 

المسيرة | ضرار الطيب

على الرغم من الحملة الدعائية الواسعة التي اعتمدت عليها السعودية لاستخدام “مؤتمر المانحين” كوسيلة لتجميل صورتها والتغطية على جرائمها الوحشية المستمرة بحقِّ الشعب اليمني منذ أكثر من خمس سنوات، إلّا أنها فشلت في مسعاها فشلاً ذريعاً وانقلب الأمر إلى دعاية سلبية لها ولحلفائها الغربيين من رعاة العدوان.. فشل لم يترجمه فقط التناقض الفاضح التي بدت عليه السعودية وحلفاؤها وهم يدّعون مساعدة اليمن، بعد أن بات رصيدهم مثقلاً بمختلف الانتهاكات والجرائم، ولا زالوا يدفعون نحو استمرار العدوان، بل ترجمته أيضا تصريحات الأمم المتحدة التي وصفت المؤتمر بـ”المخيب للآمال”، مفجرةً بذلك بالون الدعاية التي حاولت السعودية أن تخدع به العالم.

في تصريح صحفي، أكدت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن “ليزا غراندي”، الأربعاء، أن ما يسمى “مؤتمر المانحين” الذي استضافته السعودية تحت دعاية جمع تبرعات لمساعدة اليمن، جاء “مخيباً للآمال” بحسب وصفها؛ لأنه “لم يجمع ما يكفي من الأموال”، وأضافت أنه “إذا لم تحصل الأمم المتحدة على المزيد من التبرعات فإنها ستضطر لوقف برامجها في اليمن”.

ليس الأمر أن “المانحين” كانوا يقدمون بالفعل مساعدات حقيقية للشعب اليمني، فكبار الدول “المانحة” هي نفسها الدول التي ترعى وتقود العدوان على اليمن وتموله بالسلاح والغطاء الدولي، بوضوح، كما أنه قد ثبت وفي أكثر من مناسبة أن الأمم المتحدة تتعاملُ مع الوضع الإنساني في اليمن كنوع من الاستثمار لجني الأموال.

لكن وبغض النظر عن واقعية “المساعدات”، مثل تصريح الأمم المتحدة حول فشل “مؤتمر المانحين” سقوطاً سريعاً لحملة الترويج والدعاية الواسعة التي أطلقتها السعودية لتقديم نفسها كمنقذ إنساني لليمن؛ باعتبارها مستضيفة المؤتمر، في محاولة بائسة جدًّا لمحو أكثر من خمس سنوات من القتل والتجويع والتدمير الممنهج، وهو الحال نفسه بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا وبقية الدول التي تزود السعودية بالسلاح والغطاء السياسي للاستمرار بالعدوان، وحاولت أيضا أن “تؤنسن” هذه الوحشيةَ بالمساهمة في المؤتمر.

لفترة طويلة اعتمد تحالف العدوان ورعاته على استخدام “الملف الإنساني” كوسيلة تشويه لصنعاء وسلطاتها، من خلال تحميل الأخيرة كاملَ المسؤولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية واتهامها بعرقلة الأعمال الإغاثية، محاولاً بذلك التهرب من كونه السبب الأول والأخير للأزمة الإنسانية، لكنه اليوم يقف أمام ما يمكن أن يقال عنه فضيحة مدوية، فتصريح “غراندي” حول فشل مؤتمر المانحين يقول إن السعودية وحلفاءَها لا يكترثون للأوضاع الإنسانية في اليمن، وكل ما يهمهم من هذه الأوضاع هو أن يستخدموها كوسيلة دعائية لتحسين صورة “التحالف”.

بل إن حديث “غراندي” عن “وقف العديد من برامج الأمم المتحدة في اليمن”؛ نتيجة فشل هذا المؤتمر، قد أعاد رمي حجر الاتهامات بعرقلة عمل المنظمات الأممية صوب السعودية وحلفائها، إذ باتوا سبباً في وقف عمل هذه المنظمات، وليس عرقلتها فحسب.

ومن هنا أيضاً انفتحت مجدداً أبواب الحديث عن حجم إنفاق “الدول المانحة” على العمليات العسكرية التي سبّبت الأزمة الإنسانية في اليمن، بالمقارنة مع حجم “المساعدات الدعائية”، وقد تطرّقت منظمة “أوكسفام” الدولية إلى ذلك في بيان نشرته “ردًّا على نتائج مؤتمر المانحين الخاص باليمن”، وجاء فيه أن “الحل الدائم والوحيد لليمن يكمُن في وقف إطلاق النار ووقف جميع عمليات بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية”.

هكذا ارتدّت دعاية مؤتمر المانحين على السعودية وحلفائها كفضيحة، فبدل أن يمحوَ الدور الوحشي للرياض في اليمن ويقوم بتحسين صورتها، أعاد تحشيد السخط ضدها، كما أعاد إثارة التساؤلات حول صفقات الأسلحة، والتذكير باستحقاقات الواقع التي يحاول “المانحون” الهروب منها لإطالة أمد العدوان.

وبعد حملة الترويج الإعلامي الواسعة التي رافقت التحضيرَ للمؤتمر وانعقاده، أصبح الحديث عن نتائج المؤتمر في العديد من التقارير الإعلامية العربية والأجنبية يأتي في معرض “التحذير” من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وهو ما يقود بدوره، وبشكل مباشر، إلى الحديث عن سبب هذه الأزمة، حيث يظهر وجه السعودية وحلفائها مشوهاً كما كان دائماً طيلة أكثر من خمس سنوات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com