أبطال وكوادر الجيش الأبيض.. معركةٌ مصيريةٌ في مواجهة كورونا
مدير مستشفى زايد: أرواحنا ليست أغلى من أرواح أبطال الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في الجبهات
الطبيب المصعبي: منذ أكثر من شهر وأنا غائب عن أسرتي وَقد نذرنا أنفسنا لخدمة الشعب وحمايته من كورونا
الدكتور المقطري: كُـلّ طبيب يقدم خدماته ويموت بهذا الوباء نحتسبه عند الله شهيداً
المسيرة- منصور البكالي
يعمل الأطباء والممرضون في مستشفى الجمهورية كخلية نحل، وكالبنيان المرصوص وهم يستقبلون حالات الاشتباه والإصابات المؤكّـدة بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19.
ويُعدُّ مستشفى زايد من أهمِّ المستشفيات الحكومية التي خُصصت لاستقبال هذه الحالات، وفحصها، ما يعني أن الأطباء والكوادر الصحية أمام فوهة المدفع، وعليهم يقع العبء الكبير، وهم يتعاملون مع مختلف الحالات، سواء أكانت إصابات مؤكّـدة أَو اشتباه بالكرورونا.
صحيفة المسيرة أجرت استطلاعاً ميدانياً مع عدد من الأطباء والممرضين في المستشفيات الخَاصَّة بمواجهة فيروس كورونا، ونقلت صورةً عن صمودهم وثباتهم في هذه الجبهة التي لا تقل أهميّة عن جبهات الجيش واللجان الشعبيّة، فكانت هذه الحصيلة.
قيادةٌ بحجم المسؤولية
تثبت وزارةُ الصحة بقيادة الوزير الدكتور طه المتوكل أنها أهلٌ للمسؤولية، فخلال الأشهر الماضية يعمل وزير الصحة بجهد ومثابرة لا نظير له في تفقد المرضى والمستشفيات وإدارة ملف انتشار وباء كورونا في اليمن، بالإضافة إلى الجهود الواسعة في إصلاح الهياكل الإدارية للمستشفيات الحكومية ومتابعة مستوى الانضباط وتعزيز ورفد الجبهة الصحية بقوافل من الجيش الأبيض، الطواقم ذات المعنويات والمهارات العالية، وتجديد الدماء في الجوانب الإدارية لتعزيز النشاط في مواجهة فيروس كورونا، وتكثيف الحملات الميدانية للرقابة على أداء المستشفيات العامة والخَاصَّة، ومتابعة أسعار العلاجات في الصيدليات، وإصدار عدد من القوانين الصارمة بحق المخالفين والجهات التي ترفض استقبال المرضى والحالات المشتبه بها.
ويخترق الوزير المتوكل الصفوف الأمامية، متفقداً تارة مراكزَ العزل الصحي، وتارة يتفقد المرضى، ثم تراه في زيارة للمستشفيات، وفي موقف آخر يعقد المؤتمرات الصحفية لتطمين الناس وبث روح التفاؤل والأمل لديهم، وحثهم على عدم الاستماع والإصغاء للأصوات النشاز الذين يثيرون الشك والخوف والرعب في قلوب الناس.
لا تخافوا من كورونا مطلقاً
ويؤكّـد الدكتور وهاج المقطري -استشاري أول طب الحالات الحرجة والعناية المركزة-، أنهم يواجهون كورونا كما واجهوا من قبل إنفلونزا H1N1، ومن قبله مع الكوليرا.
ويزيد بقوله: “نحن لسنا نهاب كورونا ولا غير كورونا البتة”، مُشيراً إلى أنه يقود فريقه في مواجهة كورونا ولا يأبهون لشره، وأنهم في معركة، فمن مات منهم فإنه عند الله شهيد.
ويرسل رسالته إلى العاملين في القطاع الصحي قائلاً فيها: “كُـلّ جندي من جنود الجيش الأبيض يصاب بالوباء، وهو يقدّم خدماته الطبية للمرضى فيموت نحتسبه عند الله شهيداً”.
ويضيف المقطري في منشور له عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “المستشفيات الخَاصَّة التي ستستقبل الحالات المحتمل إصابتها بكورونا، عليها الالتزام الكامل ببروتوكولات السيطرة على العدوى بشكل عام وبروتوكولات السيطرة على العدوى في وباء كوفيد١٩ بشكل خاص، بما في ذلك توفير كافة معدات الوقاية والسلامة للكوادر الطبية، فالحفاظ على سلامة الكوادر الطبية أمانة ومسؤولية لا تهاون فيها مطلقاً”.
ويوجه الدكتور المقطري نصيحته للكوادر الطبية التي تجد المستشفيات التي تعمل فيها لا تنفذ تلك الإجراءات أن تغادر تلك المستشفيات، ويزيد بقوله: “أكرّرها مرة أُخرى، خسارة أي جندي من جنود الجيش الأبيض؛ بسَببِ الاستهتار وعدم توفير أدوات الحماية والوقاية اللازمة جريمة مركبة؛ لأنها خسارة على أهله أولاً ثم على مجتمعه ووطنه بأكمله خُصُوصاً في هذا الظرف الوبائي الحرج”.
وتعرض الدكتور المقطري للإصابة بالكورونا وهو يؤدي واجبه الوطني والإنساني، وعلى الرغم من الإصابة إلا أنه لم تظهر عليها علامات الانكسار، بل كتب منشوراً وهو على فراش المرض قائلاً: “واجهوه ولا يقتلكم خوف وقلق”، مؤكّـداً أنه ليس أمام الشعب اليمني سوى المواجهة بقوة وثقة وطمأنينة، وليس أمامهم سوى مناعة القطيع العفوية أَو مناعة القطيع غير المفتعلة أَو مناعة القطيع المكبوح جماحُها.
ويشير المقطري إلى أنه: “والله لو كنتم في بروج مشيدة سيصل إليكم الفيروس، فقط مسألة وقت”.
ويواصل حديثه قائلاً: أنا الليلة ظهرت عندي أعراضُه وبدأت بتناول البروتوكول وأسال الله الشفاء، وطبيعي جِـدًّا أن أصاب به ونحن مختلطون بالمرضى بشكل متواصل، بل إنه من غير المنطق أن لا نصاب به، لكني لست خائفاً منه مطلقاً، بل أقول لكم والله إني كنت قلقاً حين أصبت بإنفلونزا H1N1 أكثر من قلقي من إصابتي بكورونا.
عمل على مدار 24 ساعة
مدير مستشفى زايد الدكتور محمد جحاف يقول: إن المستشفى يستقبل المصابين أَو المشتبه بإصابتهم بالفيروس، حيث تم تخصيص قسم واسع لاستقبال الحالات، مُشيراً إلى أنهم يعملون على مدار الـ 24 ساعة بكامل طواقم المستشفى الطبية والإدارية.
ويشير جحاف في حديثه لصحيفة “المسيرة”، إلى أن الأطباء والممرضين والإداريين المرابطين في الجبهة الصحية لمواجهة فيروس كورونا ليست أرواحهم أغلى من أرواح أبطال الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في جبهات الشرف والكرامة منذُ أكثر من خمسة أعوام، وأن الكادر الطبي بالمستشفى يتمتعون بمعنويات عالية، مؤكّـداً أن كُـلَّ أبناء الشعب اليمني في حدقات أعينهم وحمايتهم من هذا الوباء مسؤولية مشتركة تتطلب رفع وعي المواطن والتزامه بالاحترازات الصحية والوقائية ورفع طاقة الكوادر الصحية في مختلف المستشفيات والمرافق الصحية العامة والخَاصَّة للقيام بواجبها الإنساني.
والتقت صحيفة المسيرة كذلك بالطبيب زين العابدين علي المصعبي، والذي كان منهمكاً في عمله، ويتنقلُ من غرفة إلى غرفة بابتسامة لا تفارق محياه، وبطاقة ومعنويات عالية تعانق الجبال.
ويقول المصعبي “للمسيرة”: إن مهنتهم الإنسانية تحتم عليهم استشعار المسؤولية والقيام بها على أكمل وجه، مؤكّـداً أنهم يستمدُّون طاقتهم وعزيمتهم وإرادتهم من عزيمة وثبات مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في الجبهات.
وَأَضَـافَ المصعبي: “نذرنا أنفسنا لله ولخدمة هذا الشعب وحمايته من فيروس كورونا بقدر ما نستطيع عليه، مؤكّـداً أنه مرابط بالمستشفى من أكثر من شهر، وهو إلى جوار المرضى، وأنه لم يتمكّن من قضاء إجازة العيد مع أسرته؛ لأنه يخشى أن يحاسبه الله من أي تقصير”.
ويواصل المصعبي حديثه قائلاً: “معنوياتنا عالية جِـدًّا، وأملنا بالله أنه كما انتصرنا على قوى البغي والعدوان في الحرب العسكرية سينصرنا عليهم في الحرب الجرثومية، غير أن هذا يتطلب المزيدَ من حشد الهمم والتزام المواطنين بالإجراءات الوقائية”.
بدوره، يؤكّـد الممرض محمد جلال الشمري -أحد المتقدمين الجدد للعمل في مستشفى زايد-، أن مهنة الطب هي مهنة الملائكة الذين يحظون برعاية الله ولطفه، وهذا ما دفعه للمرابطة في هذه الجبهة الصحية مع زملائه في الجيش الأبيض وعلى مدار الساعة دون الخوف من انتقال الفيروس وَالإصابة بالمرض.
ويقول الشمري في حديثه لصحيفة “المسيرة”: إن معنوياتهم، الطبيب والممرض، تنعكس على معنويات المريض سلباً وإيجاباً، داعياً كُـلَّ زملاء المهنة إلى التحلي بالصبر والثبات ورفع المعنويات للمرضى والمشتبه إصابتهم بالفيروس؛ لما لذلك من أثر على فاعلية وتأثير العقاقير الطبية والاحترازات الوقائية وتسريع مدة التشافي من الوباء أَو غيره من الأمراض.