أمريكا النظام في عنق الزجاجة السمراء

 

حسن حمود شرف الدين

مشهد ترامب الرئيس الأمريكي وهو يرفع الكتاب المقدس للمسيحيين في إحدى الكنائس المسيحية في واشنطن، يُذَكِّرُنا بخدعة عمرو بن العاص التي أنقذت معاويةَ بن أبي سفيان من سيف مالك الأشتر قائد جيوش الإمام علي -عليه السلام-.

فمنذ ذلك الحين وأغلب الطغاة عندما يكونون في مأزق سياسي أَو أمام هزيمة عسكرية، يرفعون ما تقدسه الشعوب من كتب وشخصيات علمائية.

وخلال العقود الماضية تفنّنت أمريكا في إشعال الحروب والتظاهرات الشعبيّة في الدول المناهضة لها، بل وكانت ولا زالت الراعية لها.. وما تمر به اليمنُ من عدوان وحصار تقوده السعودية والإمارات هو برعاية وتوجيهات مباشرة من النظام الأمريكي، وهناك أمثلة كثيرة تنطوي تحت يافطة الربيع العربي من ثورات كان تستهدف صناعة قيادات عربية جديدة موالية وخاضعة للنظام الأمريكي والإرادَة الإسرائيلية، والدليل على هذا ولاء وخضوع قيادة جمهورية السودان الجديدة الذي مثّل نموذجًا للقيادة العربية الجديدة التي صنعها الأمريكان في المنطقة وفق المواصفات التي يريدونها، لكنه والحمد لله رب العالمين فشل في اليمن.

اليوم، النظامُ الأمريكي يشرب من نفس الكأس مع فارق أنه لا تدبيرَ ولا كواليسَ تقفُ خلف هذه المظاهرات، بل كانت شرارتها رُكبة ذلك الجندي الأمريكي التي سحقت رقبة ذلك المواطن الأمريكي من أصول أفريقية، لا لشيء كسر رقبته إلا لأَنَّه أسود البشرة لا يستحق الحماية والحياة، بحسب معتقدات البيض الذين يمثلهم الرئيس ترامب، يرون أنفسهم فوق المواطنين الآخرين.

اليوم ترامب يصف هذه التظاهرات بالإرهاب الداخلي، ويطلق مصطلحات عدة جوفاء، لعل وعسى يوقف هذه التظاهرات ويستخدم كافة أشكال الإرهاب والترغيب، ولكن لا فائدة، فقد وصلت العنصرية في النظام الأمريكي إلى ذروته، ولم يعد الشعب الأمريكي يستسيغ تلك اللغةَ الاستعلائية والمعاملات الدونية، فقد أصبح الشرعُ الأمريكي هو الملاذَ الوحيدَ للتوَّاقين للحرية والديمقراطية الحقيقية، ملاذاً وحيداً للذين يبحثون عن المساواة والعدل.

الأيّامُ مليئةٌ بالمفاجآت، فكلُّ الجرائم التي ارتكبها النظام الأمريكي في مختلف بلدان العالم تلاحقه اليوم وتطارده، ولن تهدأَ حتى تقتلعَ هذا النظام من جذوره على أيدي السواهد السُّمر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com