دفاعاً عن (كورونا)!
عبدالمنان السُّنبلي
لا أدري بصراحة لماذا العالم كله خائفٌ، لماذا العالم كله يستنفر ويعلن حالة الطوارئ كما لو أنه لم يعد هنالك على ظهر هذه البسيطة من مجرمٍ سوى هذا الداهم والآتي فجأةً من عالم الغيب بلا أي مقدماتٍ أَو حتى استئذان – كورونا.
لكنه في الحقيقة ليس وحدَه كورونا المجرم والقاتل الوحيد، فهنالك بالتأكيد من البشر ما هو أكثر إجراماً وخطورةً وفتكاً ليس من كورونا فحسب وإنما من كُـلّ فيروسات وأوبئة وجوائح الدنيا!
على الأقل كورونا حين يقتُلُ ليس عُنصرياً في تحديد أَو انتقاء ضحاياه أَو يقتل على الهُوية أَو الأيديولوجية كما هو حال مجرمي الحرب ومصَّاصي دماء الشعوب والأوطان من بني الإنسان! فهو لا يضعُ اعتباراتٍ لأية تحالفاتٍ أَو موازين عسكريةٍ أَو اقتصاديةٍ أَو سياسية أَو يجاملُ قوىً عظمى أَو يخشى دولاً كبرى أَو يهادنُها أَو أي شيءٍ من هذا القبيل، الكُلُّ عند كورونا سواء.
كما أنه ومهما بلغت خطورته وضحاياه فإنها لن تصلَ في مجملها إلى ما نسبته واحد في المِئة أَو أقل مما فعله الإنسان بحق أخيه الإنسان!
فكم من الأُورُوبيين مثلاً سيقتل كورونا مقارنةً بما خلّفته الحربان العالميتان الأولى والثانية من ضحايا زادوا على السبعين مليون قتيل؟!
كم سيقتل من اليابانيين مقارنةً بما خلّفته قنبلتا هيروشيما وناجازاكي الأمريكيتان من ضحايا وقتلى يابانيين يعدون بمئات الآلاف؟!
كم سيقتل من العراقيين مقارنةً بما قتله الأمريكيون منهم طوال سنوات الاحتلال والذين زادوا على مليون شهيد عراقي جلهم من المدنيين؟
كم سيقتل من الفيتناميين مقارنةً بما قتله الأمريكيون أَيْـضاً منهم في حرب فيتنام والذين زادوا عن مليون ونصف مليون قتيل؟!
وكم سيقتل من اليمنيين مقارنةً بما خلفته آلة الحرب السعودية والإماراتية طوال خمس سنواتٍ من القصف والقتل والتدمير؟!
كم سيقتل من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والليبيين مقارنةً بما فعلته بهم قوى الإثم والعدوان طيلة سنواتٍ وسنوات من القتل والتدمير والتهجير؟! وكم وكم؟!
يعني جرائم كورونا لا تعد شيئاً مقارنةً بما فعله الإنسان بحق الإنسان بل إنها تجعلُ منه يبدو أمامها كما لو أنه حمَلٌ وديع، وبالتالي فلا داعي للتهويل والمبالغة من أمره للدرجة التي تنسينا فضائع وجرائم من هم أكبر من كورونا وأم كورونا وعائلة كورونا كلها.
أنا هنا طبعاً لا أدافع عن كورونا أَو أدعو إلى عدم مواجهته أَو القيام بأخذ التدابير الصحية المناسبة التي توقف جماحه وتحد من خطورته لكني في الوقت نفسه أطالب بعدم إعطائه حجماً أكبر من حجمه للدرجة التي تتعطل وتتوقف معه الحياة، فقد شهد العالم أكبر وأكثر فظاعةً منه مراتٍ ومرات ومع ذلك لم تتوقف معها الحياة خُصُوصاً إذَا ما راودتنا شكوكٌ قويةٌ من أنه صناعة أمريكية بحتة.