مأرب.. مسبحُ “الإخوان” النفطي!
قياداتُ الإصلاح ينهبون “الاحتياطي النفطي” في المحافظة و “السياسي الأعلى” يحذر من العواقب
المسيرة | خاص
في إطار تغطيتها المتواصلة لمِلف نهب موارد البلاد من قبل حكومة المرتزِقة، علمت صحيفةُ “المسيرة” مؤخّراً، أن قياداتِ حزب الإصلاح في مأرب، بدأوا بنهبِ “الاحتياطي النفطي” الموجود في المحافظة، بالتزامن مع تهريب الكثير من الأموال إلى خارجها، كإجراء استباقي لتسهيل الفرار من المحافظة في حال استكملت قوات الجيش واللجان الشعبيّة تحريرها، وقد أكّـد بيان للمجلس السياسي الأعلى في صنعاء، قبل أَيَّـام، صحةَ هذه المعلومات، محذراً من هذه الجريمة التي تأتي في إطار أكبر عملية نهب لثروات البلاد في تأريخها كله، وتشكل محافظة مأرب بما تحتوي عليه من ثروات، أحد أبرز ميادين عملية النهب هذه.
نهب الاحتياطي
مصادرُ سياسية وميدانية مطلعة أبلغت صحيفة المسيرة بأن العديدَ من قيادات حزب الإصلاح الذين يشكّلون “مافيا” النفط والغاز في محافظة مأرب، ومعظمهم تابعون للفارّ “علي محسن الأحمر”، بدأوا هذه الفترة بسرقة “الاحتياطي النفطي” الموجود داخل المحافظة، وتهريبه إلى خارجها لبيعه ونهب ثمنه لصالحهم.
وأوضحت المصادر أن كمياتٍ كبيرةً من الاحتياطي تم نقلها مؤخّراً، مشيرة إلى أن هذا يأتي بالتزامن مع قيام العديد من “هوامير” المرتزِقة هناك بنقل أموالهم وثرواتهم إلى خارج المحافظة، مع اقتراب أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من المدينة وتوغلهم في عدة مديريات أُخرى، الأمر الذي بات يشكّلُ تهديداً متصاعداً للمرتزِقة الذين كانوا قد اتخذوا من المحافظة مقرا لصنع وتنمية ثرواتهم الشخصية من خلال نهب موارد النفط والغاز الهائلة التي تنتجها مأرب، والتي لا يتم توريدها إلى أي حسابات رسمية ولا يستفيد منها المواطنون.
ويأتي هذا كإجراء استباقي من قبل قيادات حزب الإصلاح؛ تحسباً لخسارة المعركة في المحافظة والفرار منها، حيث يخشى الحزبُ من خسارة الأموال المتدفِّقة إلى خزائن قياداته من موارد النفط والغاز، ويسعى لنهب أكبر ما يمكن نهبه قبل المغادرة، خَاصَّةً وقد فشل في جميع محاولاته للاستعانة بتحالف العدوان والأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ مِن أجلِ توفير ضغط يوقف تقدم قوات الجيش واللجان هناك.
المجلسُ السياسي الأعلى، أكّـد في بيان له، قبل أَيَّـام، صحةَ هذه المعلومات، حيث حذر حكومة المرتزِقة من عواقب نهب الاحتياطي النفطي في مأرب “أو محاولة إيقاف ضخ الغاز”.
وتأتي جريمةُ نهب الاحتياطي النفطي في مأرب في إطار عملية نهب مستمرة للموارد، هي الأكبر في تأريخ البلاد، حيث تقوم حكومة المرتزِقة منذ بدء العدوان بتحويل هذه الموارد إلى مكاسب وثروات شخصية تتقاسمها قيادات الخونة، بدون أن يكلفوا أنفسهم حتى عناء تمريرها، شكليًّا، عبر حسابات رسمية.
وقد تعامل حزبُ الإصلاح مع محافظة مأرب بالذات، طيلةَ هذه السنوات، كمملكة شخصية تابعة له، ولا ينازعه أحد في ثرواتها، حتى أنه امتنع، وباعتراف من حكومة الفارّ هادي نفسها، عن ربط المحافظة بالبنك المركزي في عدن، وامتنع عن توريد أي أموال إليه، بما في ذلك طبعاً إيرادات النفط والغاز.
وقبل أَيَّـام، كشف الناشط اليمني المقيم في الولايات المتحدة، “جلال الصلاحي” عن جانب من تفاصيل الفساد الذي تمارسه قيادات حزب الإصلاح في ما يخص موارد النفط والغاز في مأرب، حيث أوضح أن شركةً نفطيةً تابعة للمرتزِق الفارّ “علي محسن الأحمر” قامت بتهريب 25 ألفَ برميل مؤخّراً، من صافر، إلى منقطة شرق عياذ خارج المحافظة، وأوضح أنه وبتوجيهات من “علي محسن” تم إنشاء عدة خزانات أرضية عملاقة، بالقرب من آبار النفط في مأرب، حيث تقوم قاطرات بنقل النفط إليها بشكل متواصل، ليتم بيعه بشكل غير رسمي.
وأكّـد الصلاحي أن عائداتِ شركة صافر تودع في حسابات خارج البنك المركزي، ويتم تقاسمها بين قيادات حزب الإصلاح، حيث كشف عن مبالغَ وزعت عبر حسابات في البنك العربي وبنك التضامن، منها (7 ملايين و600 ألف دولار) للمرتزِق “سلطان العرادة” محافظ مأرب المعين من العدوان، وَ(6 ملايين دولار) للمرتزِق محسن بن وهيط، وَ(750 ألف دولار) للمرتزِق خالد يسلم، و(350 ألف دولار) للمرتزِق المقدشي، و(400 ألف دولار) للمرتزِق عبد الله العليمي مدير مكتب الفارّ هادي، والذ يرد اسمه دائماً في تقارير تجارة المشتقات النفطية التي يحتكرها التاجر المرتزِق أحمد العيسي.
بالأرقام.. نبذةٌ عن مملكة “الإصلاح” النفطية في مأرب
الحديثُ عن نهب حزب الإصلاح لموارد محافظة مأرب بالذات ليس جديدًا، إذ كانت قناة “بلقيس” الموالية للحزب نفسه، قد كشفت في 2017، وثائقَ تثبت تدخل قيادات الحزب الأمنية والعسكرية في عمل شركة صافر، وقيامهم بتهريب شحنات نفطية من قبل تلك القيادات التي تم تعيينها “لحماية الشركة”
وكان ناشطون موالون للعدوان قد كشفوا في وقت سابق، عن معلوماتٍ توضح أن شركة “بترو إنرجي” التابعة للفارِّ “علي محسن” تقوم باستمرار بنقل “عشرات الآلاف” من المشتقات النفطية من شركة صافر، بدون أن تدفع أثمانَها أَو الضرائب المستحقة عليها، وأن هذه الشركة تبيع المشتقات النفطية للمحطات وتستفيد من الإيرادات بشكل حصري.
وفي أواخر العام الماضي، كشفت جريدة “الأخبار” اللبنانية، أن حكومةَ المرتزِقة في مأرب وجهت بنقل 10 آلاف برميل من نفط صافر الخام عبر مئات من الصهاريج التابعة لتجار مقربين من الفارّ “علي محسن” إلى منطقة شرق عياذ بين مأرب وشبوة، مشيرة إلى أن تلك الكميات تنقل عبر أنبوب نفطي تستخدمه شركة “OMV” النمساوية لضح النفط إلى ميناء النشيمة الذي يستخدم لتهريب النفط، كما أوضحت الجريدة أن قيادات عسكرية تابعة للفارّ “علي محسن” تقف وراء تهريب أكثر من 300 ألف برميل نفط شهريا من مأرب، بقيمة 18 مليون دولار (أي 216 مليون دولار سنوياً).
ونقلت الجريدة عن مصادر في القطاع 18 بمأرب أن “عصاباتٍ مجهولةً قامت بإحداث ثقب في أنبوب النفط الخام الناقل للنفط من القطاع إلى صافر بطول أكثرَ من 20 كيلومتراً، وسمح لها بشفط النفط بواسطة أنابيب بلاستيكية إلى شاحنات التهريب، وقدّرت المصادر الكميات التي تتمّ سرقتها وتهريبها يوميًّا بما بين 3000 و6000 برميل يومياً”.
وفي أغسطُس 2018، نقل تقرير لموقع “العربي الجديد” عن مصادر في شركة النفط التابعة لحكومة الفارّ هادي أن أكثرَ من مليار دولار تم تحصيلها من مبيعات النفط والغاز، بما في ذلك نفط وغاز مأرب، خلال ذلك العام، ولم تدخل هذه المبالغ ضمن “الموازنة العامة”!
وفي أبريل الفائت، كشفت مصادرُ صحفيةٌ أن جميعَ إيرادات مبيعات النفط والغاز الذي انتجته مأرب خلال عام 2019، أودعت في شركة صرافة تابعة لقيادات من حزب الإصلاح وتابعة للفارّ “علي محسن”، حيث أوضح الصحفي الموالي لحكومة المرتزِقة “جلال الشرعبي” أن المبيعات الداخلية للغاز والمشتقات النفطية في مأرب بلغت قرابة 129 مليار ريال يمني، فيما بلغت إيرادات النفط المصدر إلى الخارج من صافر، أكثر من 360 مليون دولار.
هذه المعلوماتُ التي نستعرضُها بإيجاز شديد والتي انكشفت تباعا خلال السنوات الماضية، وما زالت تنكشَّفُ باستمرار، بالرغم من حرص حكومة المرتزِقة على التكتم بشكل كامل على مصير الإيرادات النفطية والغازية، تؤكّـد بما لا يدَعُ مجالاً للشك على أن تحالف العدوان قد قدم ثروات البلاد لقيادات المرتزِقة كثمن لدعم العدوان وشرعنة الحرب الاقتصادية والعسكرية على اليمن، وأن الحرص الشديد الذي يُبديه المرتزِقةُ على استمرار الحرب، يأتي للحِفاظِ على استمرار تدفق هذه الأموال، ولو على حساب موت مئات الآلاف من اليمنيين قصفاً وجوعاً، ويتصدر حزب الإصلاح وقياداته هذا المشهد؛ لما شيدوه من ثروات بالاستفادة من الموارد المنهوبة، ولو لم تكن إلا شهادةُ وكالة الأنباء التركية بارتفاع نسبة مبيعات العقارات لهم داخل تركيا إلى خمسة أضعافها منذ بدء العدوان، لكان ذلك كافياً ليثبت أن حزب الإصلاح يتعاملُ مع الحرب والمعاناة كتجارة يسعى لاستمرارها أطول فترة ممكنة، وكل الشعارات والحملات الدعائية التي يطلقُها، ليست إلا محاولاتٌ مفضوحةٌ لصرف الأنظار عن هذه الجريمةِ التاريخية.