هذا هو اليمن
عبدالسلام عبدالله الطالبي*
عندما يكونُ خصمُك متمكّناً، وتتوفرُ له كُـلُّ الإمْكَانات التي يستقوي بها في خصومته لك، ويمتلكُ نفوذاً وتحالفاتٍ وأدواتٍ كلها تتحَرّك إلى جانبه؛ مِن أجلِ القضاء عليك.
ومن فترة إلى أُخرى، يسعى لفرض إجراءات عقابية عليك تختلف في وسائلها وأساليبها.
فتارةً يتحَرّك لشراء الذمم وكسب الولاءات، وأُخرى يختلق لك قضايا تتسبب في إشغالك وإضعافك عن ميدان مواجهته.
وتارة يسعى لنشر الشائعات الكاذبة والاتّهامات الباطلة لغرض إبعاد الناس من حولك وتشويه صورتك.
وأنت تبحَثُ عن سندٍ يقفُ إلى جانبك، فلا تجدُ من يسمع نداءَك، وكل من كنت تأمل فيهم خيراً صاروا مرتهنين لخدمة خصمك..
والغريب في الأمر أنه قد يمضي عليك سنوات وأنت على هذا الحال دون الوصول إلى نتيجة؛ لأَنَّك رضيت بالوضع القائم وفقدت الأمل، وقد يكونُ لفقدانك لمعية الله دورٌ فيما آل إليه أمرُك.
وكم هو حجمُ المعاناة للتعايش مع مثل هكذا وضع مزرٍ يفتقر إلى العدالة والأخذ للمظلوم من ظالميه.
تلك هي الصورة القاتمة التي كانت هي السائدة في مجتمع اليمن قبل ثورة الـ ٢١ من سبتمبر.
وعلى ذات السياق، دشّـن المشروع الأمريكي السعودي والقوى المتحالفة معه عدوانه الغاشم على بلدنا اليمن، يمن الإيمان والحكمة في زمن القول والعمل، والمواجهة والصمود، والاستبسال والإقدام، والتحدّي والانتقال من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، وحالة الاعتماد على ما في أيدي الغير إلى حالة الاعتماد على الذات وتفعيل القدرات والكفاءات، وتطوير الخبرات والمهارات، وُصُـولاً إلى صناعة الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية بكل أشكالها.
بالإضافة إلى تنامي حالة الوعي بين أوساط المجتمع بمخاطر العدوان وما يهدف إلى الوصول إليه، مع تماسك منقطع النظير للجبهة الداخلية التي احتار العدوُّ عن تحقيق أهدافه لاختراقها رغم كُـلّ أساليبه الماكرة التي تهاوت وما زالت مخطّطاتها تتهاوى بفضل الله وفضل العناصر الأمنية والمجتمعية التي تعمل ليلاً ونهاراً لإفشال كُـلِّ مخطّطات الأعداء.
يقابل ذلك ما رافق تلك الحرب الظالمة من الإمْكَانات الهائلة التي جيّشتها قوى العدوان مقارنةً مع ما يمتلكه شعبنا الصامد من الإمْكَانات المحدودة.
إلا أن شعبنا متمثّلاً بقيادته الثورية والحكيمة المتمثّلة في شخصية السيد القائد -يحفظه الله-، وقيادة الدولة في المجلس السياسي الأعلى السابقة والحالية، وكذا حكومة الإنقاذ استطاعت بفضل الله أن تجعلَ من هذا الشعب شعباً واثقاً بنصر الله، متسابقاً إلى ميادين المواجهة، مستبسلاً وصامداً في وجه العدوان ليحقّق يمن الإيمان والحكمة أعلى مراتب الصمود والتحدي غير مكترث بإمْكَانات العدوّ، حاضراً في كُـلّ الميادين مهما كلّفه ذلك من تضحيات.
لك اللهُ من شعب عظيم أذهلت العالَــمَ بصمودك، فسِرْ على بركة الله، فهو الناصرُ والمُعين.
* رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء