الأمم المتحدة نخاس أم سمسار الرياض؟!
منير الشامي
من العجيب أن القانونَ الدولي الذي يعتبر السندَ القانوني لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قد تضمّن مواداً قانونيةً صريحةً تلزم أية دولة أَو أي تحالف عسكري على دولة أُخرى بعدم إغلاق المنافذ الإنسانية في أي صراع، ويُقصَدُ بالمنافذ الإنسانية المنافذَ الحدودية البرية والبحرية والمنافذ الجوية التي يمكن من خلالها إدخَال المواد الضرورية من غذاء ودواء ومحروقات إلى المدنيين القاطنين في مناطق الصراع، أَو التي يمكن أن تستخدم لسفر المرضى وَالجرحى للعلاج، أَو لإدخَال المساعدات الإنسانية، كما نَصَّ صراحةً على أن أي طرف من المتصارعين يمنع دخول أيٍّ من تلك السلع أَو المساعدات أَو يعرقل دخولها أَو يمنع سفر المرضى أَو الجرحى للعلاج فإنه يرتكبُ جريمةَ حرب من الدرجة الأولى، وأوجب إيقافَه عن ذلك فورًا ومحاكمته دوليًّا عن كُـلّ الأضرار المادية، والبشرية، والمعنوية التي نتجت عن فعله، وخول الهيئات المختصة بالأمم المتحدة كامل الصلاحية لاتِّخاذ كافة الإجراءات ضد كُـلِّ من يرتكب هذه الجرائم -نظاماً أَو تحالفاً أَو حزباً أَو طائفةً أَو حتى أفراداً-.
وهذا ما تعلمه الأمم المتحدة جيِّدًا، ومع ذلك لم تحَرّك ساكناً للعام السادس وهي ترى النظامَ السعودي وتحالفَه يرتكبون خلالها آلافاً مؤلفة من جرائم الحرب المكتملة الأركان في حق الإنسانية باليمن حتى تجاه جريمةٍ واحدة منها فقط.
لقد صنّفت معاناة الشعب اليمني في تقاريرها ووصفتها بأكبر وأخطر كارثة إنسانية في العالم وصدقت في ذلك إلا أن ذلك منها لم يكن مِن أجلِ الشعب اليمني، أَو في سبيل التخفيف من معاناته، أبداً.. إنما لتتسولَ به في المجتمع الدولي وتستثمرَ الإنسانيةَ اليمنية لجمع المليارات، فذلك ما يهمها، أما معاناةُ الشعب اليمني والتخفيفُ منها فذلك ليس وارداً في أجندتها إطلاقا، وأكبرُ دليل على ذلك هو ما كشف عنه المجلسُ السياسي الأعلى مؤخّراً من أن الأممَ المتحدةَ طلبت منه عدمَ صرف نصف الراتب للموظفين قبل شهر رمضان وقبل العيد، وأن ذلك هو شرط نظام الرياض ليسمحَ بدخول جرعاته المحدودة من المشتقات النفطية بين كُـلّ فترة وأُخرى، وأنه إذَا ما صرف نصف الراتب فسيقومُ بمنع دخول أي سفينة من سفن المشتقات النفطية، فهذا موقفُها وهي المعنية بإلزام الرياض ومرتزِقتها بصرف مرتبات الموظفين حسب التزامهم أمامها؛ للحصول على موافقتها بنقل البنك المركزي.
وهذا ما يؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأممَ المتحدة آخر جهة في العالم يمكن أن تهتمَّ بإنسانية الشعب اليمني، لكنها تستثمرُها عنواناً عريضاً وتتاجر بها لجمع المليارات مثلها مثل بقية أنظمة ومنظمات الارتزاق والنفاق في العالم.
وما نعانيه من الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية الحاصلة اليوم هو عقابُ نظام الرياض الجماعي على الشعب اليمني كله على جريمة المجلس السياسي الأعلى التي ارتكبها بصرف نصف راتب قبل شهر رمضان وقبل العيد.
فيا لبجاحة الأمم المتحدة، ويا لفداحة جُرم الرياض في استمراره احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها في ظل هذه الظروف الصحية والوبائية الصعبة والذي يؤكّـد على أن هدفَها الأول والأخير من ذلك هو القضاء على الشعب اليمني كله وأوله مرتزِقتها الخونة بأية طريقة وأنها تتعمد احتجاز السفن أملا منها في تفشي وباء كورونا وهذا ما لن يكونَ بإذن الله.
إذن هذه هي حقيقةُ نظام الرياض وحقيقة الأمم المتحدة وَالتي يعلمها كُـلّ الشرفاء من الشعب اليمني، وهي ما يجبُ أن يعلمَها بقيةُ أبناء الشعب من المرتزِقة والخونة والمتخاذلين المرتدين ثوبَ الحياد والمنافقين.
وأخيرًا فلتعلم مملكةُ الإجرام أن ما تقومُ به لن يمُرَّ مرور الكرام، وأن قيادتنا الثورية والسياسية الحكيمتين لن يسكتا عن ذلك وسيقرّران الردَّ المناسبَ عليها، فلتنتظر الرد الذي يكبحُ طموحَها ويكسرُ غرورَها.
وإنَّ غداً لناظره قريب.