تصعيد جديد ضد العُملة المحلية: العدوان يستخدم صراعات أدواته للتغطية على الكارثة
برعاية سعودية إماراتية:
تدهور قيمة “الريال” بعد قيام حكومة المرتزقة بطباعة 80 ملياراً من الأوراق النقدية غير القانونية
المسيرة | خاص
في تصعيد جديد ضمن الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان على الشعب اليمني، قامت حكومة المرتزِقة مؤخّراً بطبع دفعة جديدة من العُملة غير القانونية، ما أَدَّى إلى تدهور أسعار صرف العُملة المحلية بشكل جنوني في المناطق المحتلّة التي يتم التعامل بتلك الأوراق النقدية فيها، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية جديدة تضاعف معاناة اليمنيين برعاية من دول العدوان التي دفعت بمرتزِقتها إلى محاولة التشويش على هذه الجريمة وتمريرها تحت غطاء “الصراع الداخلي” الدائر فيما بينهم.
الدفعة الجديدة من الأموال التي طبعتها حكومةُ المرتزِقة بدون غطاء، بلغت أكثر من 80 مليار ريال، بحسب ما نقلت وسائل إعلام حزب الإصلاح عن مسؤول وصفته بـ”الرفيع” في البنك المركزي بعدن، وهو الأمر الذي يفسر التدهور الكبير لأسعار صرف العُملة المحلية في مناطق سيطرة المرتزِقة، حيث بلغ سعر الدولار الواحد في عدن أكثر من 753 ريالاً يمنياً، هذا السبت، فيما ارتفع سعر صرف الريال السعودي إلى 198 ريالاً يمنياً؛ بسَببِ استمرار تداول العملات المطبوعة في تلك المناطق، كما طال هذا الارتفاع أَيْـضاً المناطق الحرة لكن بنسبة أقلَّ، ولكن التأثير السلبي سيشمل الجميع بالكثير من جوانبه، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
حكومة المرتزِقة لم تعلن في البداية عن عملية الطباعة أَو وصول الدفعة الجديدة من العُملة المطبوعة (وكان تأثيرها على أسعار الصرف قد بدأ منذ أكثر من أسبوع) لكنها عندما أعلنت، أمس الأول، حاولت تمييع جريمة طباعة العُملة وتمريرها خلف ضجيج عملية “سطو” نفذتها مليشيات الانتقالي على الحاويات التي كانت تقل المبلغ من ميناء عدن إلى البنك المركزي.
وجاء تبني مليشيات الانتقالي لهذه العملية، والإعلان عن “التحفظ” على حاويات النقود، بمثابة دليل واضح على أن هذه الخطوة نُفذت بتوجيه من تحالف العدوان الذي يعود إليه في الأصل قرارُ طباعة العُملة وتوزيعها، ولم تكن المليشيا لتضع يدها على هذه الدفعة، وتعلن ذلك بشكل رسمي، بدون ضوء أخضر.
استمرت حكومة المرتزِقة خلال الـ 48 ساعة الماضية، بإصدار بيانات وتصريحات تجاهلت تماماً الكارثة الاقتصادية التي تسببها الدفعة الجديدة من الأموال المطبوعة، وحاولت حصر القضية كلِّها في إطار الصراع التي تخوضه مع المليشيا، معتبرة أن عملية السطو على الأموال يمثل خرقاً لما يسمى “اتّفاق الرياض” الذي لم يعد صالحاً للتنفيذ أصلاً، ومع ذلك فقد تضمنت بيانات وتصريحات مسؤولي حكومة المرتزِقة إشارات واضحة إلى “رضا” السعودية عن عملية “السطو”، إذ طالبوها بـ”إعلان موقف واضح إزاء ممارسات الانتقالي”.
يتضح جليًّا من محصلة بيانات وتصريحات حكومة المرتزِقة وإعلان مليشيا “الانتقالي” بخصوص دفعة الأموال المطبوعة، أن عملية “السطو” تمت برعاية وعلم كامل من تحالف العدوان، الأمر الذي يعني أن الضجيج الذي أثاره طرفا المرتزِقة جاء بمثابة غطاء على الجريمة الاقتصادية، ولصرف الأنظار عن الأزمة الجديدة التي سببتها الأموال المطبوعة، وتوجيه الرأي العام نحو تفاصيل ثانوية غير مهمة، مثل الحديث عن “اتّفاق الرياض” أَو “محاولات مليشيا الانتقالي للتدخل في عمل البنك المركزي في عدن”.
وأيًّا كانت دلالات عملية “السطو” هذه فيما يخص الصراع الداخلي بين المرتزِقة، فإن ذلك لا يلغي حقيقةَ أن الجريمة الأصلية هنا هي طباعة دفعة جديدة من العُملة غير القانونية، والتسبب بأزمة أُخرى تضاعف معاناة الشعب اليمني، وهو الأمر الذي بدا بوضوح أن حكومة المرتزِقة تحاول تغييبه عن المشهد تماماً.
حتى الآن لم يصدر أيُّ تعليق سعودي حول ما حدث، وهذه هي عادة الرياض في التعامل مع كُـلّ ما يخص الصراع بين المرتزِقة، لكن إذَا أعلنت عن أي موقف خلال الأيّام القادمة، فمن المتوقع، وكما هي العادة أَيْـضاً، أن تحاول توظيف القضية في إطار إدارتها للصراع تحت مظلة ما يسمى “اتّفاق الرياض”، وحتى إن تضمن ذلك إعادة الأموال التي سطت عليها مليشيا الانتقالي، فإن ذلك لن يعني سوى إكمال تمرير التصعيد الاقتصادي ضد العُملة المحلية، وتثبيت التدهور الجديد لقيمتها، الأمر الذي سينقل المعاناة المعيشية للشعب إلى مستوى جديد.
وتأتي هذه الخطوة الكارثية ضد العُملة المحلية بالتزامن مع تصعيد إجراءات الحصار المفروض على البلاد من خلال منع سفن المشتقات النفطية من الوصول إلى ميناء الحديدة، الأمر الذي يؤكّـد أن عملية طباعة النقود غير القانونية لم تكن صدفة، وإنما جاءت في إطار تصعيد جديد وممنهج للعدوان الاقتصادي على اليمن، وهو ما يجعل ضجيج فصائل المرتزِقة المتصارعة في عدن حول عملية السطو على الأموال، يبدو بوضوح كغطاء للتشويش على هذا الجانب من التصعيد.
وتأتي محاولات تحالف العدوان للتغطية على تصعيد الحرب الاقتصادية، في الوقت الذي تواجه فيه حكومة المرتزِقة حملات متواصلة من قبل ناشطين لفضح عمليات الفساد ونهب الموارد التي تمارسها، وتحاول حكومة المرتزِقة صرف الأنظار عن هذه الحملات بشكل واضح.
وقد سخر الكثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من تصريحات حكومة المرتزِقة حول “إدانة” قيام مليشيا الانتقالي بـ “السطو” على حاويات الأموال المطبوعة، حيث اعتبر بعضُهم أن كُـلّ ما يميز عملية “السطو” هذه هي أنها “غير رسمية”، وأن حكومة المرتزِقة كانت ستقوم بنفس الشيء بمُجَـرّد وصول هذه الأموال إلى البنك المركزي!
يشار إلى أن المحافظات الواقعة تحت سيطرة المرتزِقة هي الأكثر تضرراً من تأثيرات الدفعة الجديدة من الأموال المطبوعة، حيث يزيد سعر صرف الدولار الأمريكي في تلك المحافظات بأكثر من 120 ريالاً عما هو عليه في صنعاء، وذلك؛ بسَببِ استمرار تداول العُملة غير القانونية في المناطق المحتلّة، ومنع تداولها في صنعاء.