شعار الصرخة كان له صدىً في العالم وخلق حالة كبيرة من الوعي وهو اليوم صوت الحق في زمن الباطل
عدد من أكاديميي جامعة صنعاء لصحيفة “المسيرة”:
المسيرة | عباس القاعدي
تأتي الذكرى السنوية للصرخة هذا العام، والعدوان الأمريكي السعودي لم يتوقف للعام السادس على التوالي، في حين تتحقّق الانتصارات من حين إلى آخر، ولا يتردّد الأبطال في ترديد الصرخة كتعبيرٍ عن الاعتزاز بالانتصار في كُـلّ المجالات.
ويرى الكثيرون أن شعار الصرخة كسر حالة الصمت المهيمنة على الشعوب الإسلامية، بإطلاق هتاف الحرية والبراءة من أعدائها، ويعتبر اللبنة الأولى في المشروع العملي نحو مواجهة أمريكا وإسرائيل، وهو مشروع جامع لكلِّ الطوائف والأحزاب في مواجهة حالة الصمت التي واكبت التحَرّك الأمريكي والإسرائيلي.
وترى نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا الدكتورة نجيبة مطهر، أن الشعار له أهميّة كبيرة، حيث يعتبر الطريقة الوحيدة والأَسَاسية للبراءة من اليهود، مؤكّـدة أنه يجب على الشعب اليمني والأمة الإسلامية والعربية أن يصرخوا به في وجه المستكبرين، وأن يسيروا تحت أهدافه وخطواته الواثقة والمعروفة منذ أول انطلاقة للمسيرة القرآنية، وبه لا يمكن أن يتوه المؤمنون الصادقون الصابرون المحتسبون والمتوكلون على الله.
وحول الشهيد القائد -رضوان الله عليه- ودوره البارز، أوضحت الدكتورة مطهر أن السيد حسين بدر الدين الحوثي عندما وصل إلى مجلس النواب بعد فوزه في الانتخابات عام 93، ممثلاً للدائرة (294) عن حزب الحق في محافظة صعــدة، مثل دوره البارز والمهم في مجلس النواب من حيث صياغة القوانين داخل هذه السلطة، والمطالبة بحقوق المظلومين، ومحاربة الفاسدين، حتى عُرف بين الأعضاء برؤيته الحكيمة وقدرته الخطابية وبلاغته العالية وجرأته في مواجهة الباطل.
وأضافت الدكتورة نجيبة مطهر، أنه وعندما أُتيحت للشهيد القائد الفرصةُ للاطلاع عن قرب على هشاشة الوضع القائم في اليمن ومدى تبعيته للهيمنة السعودية وللإملاءات الأمريكية على الواقع، الممثلة بالسفير الأمريكي ودوره في تسيير كُـلّ أمور الدولة واستباحة السيادة اليمنية بالطيران الأمريكي وقتل اليمنيين بقصد أَو بدون قصد، انطلقت عدة تساؤلات من السيد حسين -رضوان الله عليه- مما جعله يبحث عن الطرق التي تؤدي إلى كف هذه الهيمنة وكيفية مواجهتها، مشيرة إلى أن الشهيد القائد حينها تحَرّك للبحث عن الإجابات التحريرية، وسافر إلى دولة إيران، واطلع على مبادئ ثورة آية الله الخميني -رحمة الله عليه- وشعاره، وعلى دور أمريكا في حربها ضد الثورة الإيرانية وعلى ما قاله الإمام الخميني في وصف أمريكا بأنها الشيطان الأكبر، مؤكّـدة أنه عندما عاد إلى اليمن أخذ قلمة وخط بيده الكريمة والمباركة الأحرف الأولى من المشوار الطويل بالجهاد والحرية، مسترشداً بكتاب الله الكريم وبالكتب والمدونات الصحيحة المنقولة والمتوارثة عبر آل البيت -عليهم السلام-، داعياً بالعودة إلى كتاب الله، وبعد ذلك أطلق صوت المسيرة القرآنية، وتحَرّك بسلاح الإيمان وشعاره الصرخة، وهنا كانت النواه الأولى للمسيرة وَالتي كان من الضروري أن يكون لها شعار خاص لمواجهة دول الاستكبار العالمي والطغيان المعاصر المهيمن على الشعوب المستضعفة.
وبعد أن تردّد الشعار عفوياً من قبل الطلاب في المدارس والأطفال في المنازل والشوارع، تؤكّـد نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا أن المخابرات الأمريكية وعملاءها حين عرفوا معنى وأهداف الشعار، اشتغلوا وأعلنوا الحرب على الشهيد القائد في صعدة، موضحة أن تلك الحروب الست بدأت بتوجيهات وأوامر أمريكية، وبدأت بالقتل والاعتقالات بالرغم من أن هذا الشعار لا يخالف القوانين اليمنية ولا الدستور اليمني، مؤكّـدة أن ذلك الخطأ الاستراتيجي، كان سبباً في ظهور المسيرة القرآنية وانتشارها وانتشار الشعار في بعضِ المناطق، موضحة أنه مورست ضغوط كبيرة جِـدًّا على السلطة آنذاك في اليمن من قبل أمريكا؛ مِن أجلِ أن تمارس الضغوط على السيد حسين -رضوان الله عليه- وعلى أفراد أسرته وأتباعه بالتخلي عن هذه المسيرة.
وتشير الدكتورة مطهر، أن السلطة وبعد أن عجزت واتخذ السيد الجهاد في سبيل الله، بدأت المخابرات الأمريكية وأوعزت لعملائها الإقليمين بالاستعداد لخوض حرب ضروس على اليمن، وهنا نتذكر ما قالته الولايات المتحدة الأمريكية: (لا مفر من غزو اليمن)، وحينها قاموا بالقتل والسجن والتشرد.
وبينت مطهر أن أمريكا بدأت من ذلك الوقت في الاستعداد مع السعودية وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل لتشكيل التحالف، وفي نفس الوقت لم يتركوا اليمن أن تستقرَّ ليأخذ أنفاسه، ولكن بدأوا بتجنيد عملائهم في اليمن من مراكز القوى المتواجدة في السلطة وَأَيْـضاً من الدول الإقليمية، لافتةً إلى أن الحرب على اليمن منذُ حروب صعدة إلى الآن بالدرجة الأولى قرار أمريكي وصدر من واشنطن.
وتبين الدكتورة نجيبة مطهر -نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا-، أن شعار الصرخة كان له صدى في العالم من خلال توحيد عناصر المقاومة في الشرق الأوسط، وهذا له مدلوله الكبير، حيث رفع في المظاهرات العراقية في بغداد ورفعت معه صور السيد عبدالملك الحوثي، وَأَيْـضاً ظهرت صور الشهيد السيد حسين -رضوان الله عليهما- معلقة على السيارات في أمريكا، وبهذا انكشف الغطاء وبدأ الشعار يتردّد، وهو كما يقول الله تعالى: (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، والشعار بحد ذاته يبدأ بالله أكبر وينتهي بالنصر للإسلام.
ولأن السيد القائد الشهيد حسين- رضوان الله عليه- قد وهب نفسه لله؛ لذا فقد سلك طريق أجداده من آل البيت الطاهرين الذين جنحوا في سبيل الله بقول الحق والوقوف أمام الظلم والطغيان والجبروت كما تقول الدكتورة مطهر.
وتزيد بقولها: “لن يخاف من الحرب ولن يتنازل عن مبدئه وموقفه، حتى يحرّر اليمن من تلك الدول المتحكمة في القرار اليمني ويصحح الثقافات المغلوطة التي روجت لها الوهَّـابية عبر عقود من الزمن، ودور الحاكم للانصياع لكل الإملاءات الأمريكية والصهيونية، خَاصَّة أن أمريكا قد بلغت مرحلة الربوبية في عيون الحكام وتعرف كُـلَّ ما يدور، وهذا كان من جبن وخوف حكام الدول الإسلامية والعربية”.
تحفيزٌ للجميع للاعتماد على النفس
نائب وزير التعليم العالي الدكتور علي شرف الدين من جهته، يؤكّـد أن للشعار أهميّة كبرى؛ لأَنَّه خلق الوعي لدى الشعب اليمني، مُشيراً إلى أن ما نواجه اليوم من عدوان يعد من أهمِّ أسبابه هي حالة الوعي التي سببها رفعُ شعار الصرخة في وجه المستكبرين، كما أنه يقوم بترسيخ حالة العداء لأعداء الله كمبدأ ديني لا يتم إيمان المرء إلا به.
ويضيف شرف الدين، أن من أهميّة الشعار أنه يجعلنا في أتم الجهوزية لمواجهة الأخطار والعدوان؛ كونه عندما ينطلق به المؤمنون فإنه يعطي البصيرة التي تقول صراحة (ما دمت أعلنت حالة البراءة من أعداء الله فتجهز لمواجهة غطرستهم)، لافتاً إلى أن الشعار يحفز الجميع للاعتماد على النفس والوصول إلى الاكتفاء الذاتي كنوع من أنواع المقاومة والمعروف في الأدبيات بالاقتصاد المقاوم، كما أنه يرفع معدل اليقظة والانتباه لمواجهة مؤامرات أعداء الأُمَّــة الإسلامية، فينمو الحس الأمني بمعدلات عالية لدى المجاهدين ويرفع معدلات العزة والكرامة والشعور الراقي؛ كونه موقفاً يقربك من الله وتشعر من خلاله بمعية الله.
أما مديرة مركز التطوير الأكاديمي ووضمان الجودة بجامعة صنعاء الدكتورة هدى العماد، فتؤكّـد أن شعار الصرحة يحوي رموزاً دينية ووطنية انطلقت عباراتها الصادقة وحملها الصادقون بصدق ونقلوها بإخلاص، وكانت أول شرارة ذات صدى عالمي للوقوف في وجه العدوان الحقيقي للدين والدولة وهم أمريكا وإسرائيل، حيث انطلق في وقت الخضوع التام والإذلال المسيطر على العالم من قبل أمريكا وإسرائيل، مشيرة إلى أن ألفاظه بليغة ودلالته واضحة وهدفه سامٍ وأثره فتاك للعدو وأعوانه، وترتيبه إبداعي بعد رفع راية الإسلام الله أكبر لن يرتفع إلا بالموت لأمريكا، والموت لإسرائيل، والنتيجة الحتمية بعد ذلك ستكون النصر للإسلام.
وتقول العماد: إنه لو رجعنا إلى الوراء قليلاً إلى عهد الشباب المؤمن بقيادة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، لعرفنا مدى الصاعقة التي أصابت أولياء اليهود والنصارى وكيف ردة فعلتهم لإيقاف الصرخة وكانت التي أصابت الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية ومرتزِقتاهم ووصلت إلى عقر دارهم.
وتضيف أنه ومما ينبغي التركيزُ عليه في ذكرى الصرخة، أن لها دلالات على أرض الواقع، فبعد أكثر من خمس سنوات من الصمود في وجه المستكبرين، جهاد وانتصار وشموخ ديني ووطني، مقابلها إذلال مملكة الشر وأعوانها، وأكل ثرواتها على مسمع ومرأى من الجميع والقادم العاجل إعلان إغلاق الحج منذُ تشريعه، وهذا إعلان رسمي لإزالة قوى الاستكبار ما ظهر منها وما بطن.
شوكةٌ في حلوق الآخرين
من جانب آخر، يؤكّـد مدير مكتب رئيس جامعة صنعاء جبران العفاري، أن شعار الصرخة هو صوت الحق في زمن الباطل، وأن حرب العدوان على اليمن ليست سوى حرب لطمس هذا الشعار الذي يسبب إزعاجاً وقلقًا وخطراً على أعداء الله من اليهود والأمريكان، لافتاً إلى أنه عندما نشاهد حكام العرب كيف يلهثون ويتسابقون لنيل درجات التبعية والولاء لليهود والأمريكان، ينبعث نورُ الحق ويصدع صوت الحقيقة من اليمن بشعارهم الذي يزلزل عروش المستكبرين، ويغيظ أعداء الله.
ويؤكّـد العفاري أنه كلما اشتدوا في عدوانهم على اليمن وشعبه العزيز، ارتفع هذا الشعارُ ليوصل رسالته السامية لكل الأعداء ويقول لهم لا يخيفنا عدوانكم، ولا ترهبنا طائراتكم، ولا يقلقنا حصاركم، ولا نأبه بكلِّ مؤامراتكم؛ لأَنَّنا سنظلُّ على العهد باقين، ومع الحق ماضين، وستظل صرختنا شوكة في حلوقهم، وخنجراً مسموماً في ظهوركم، ولا نقول إلا: الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام.