أهميّة الزراعة في بناء الأُمَّــة (1)
محمد صالح حاتم
تُعدّ الزراعة ركيزةً أَسَاسيةً وعموداً رئيسياً في بناء الاقتصاد لأي دولة، ونظراً لهذه الأهميّة التي تحتلها الزراعة في بناء أي اقتصاد، فقد كان لها أولوية كبرى في ذهن الشهيد القائد وركز عليها في أكثر دروسه ومحاضراته، وحث على الاهتمام بها.
فاليمن عُرفت قديماً بالعربية السعيدة، وذكرها الله في كتابه العزيز بالبلدة الطيبة وأرض الجنتين، وقد قامت الحضارات اليمنية القديمة السبئية والحميرية والمعينية والقتبانية على الزراعة، فبنوا السدود وشيّدوا المدرجات الزراعية، وزرعوا الصحراء وحولوها إلى جنة خضراء، فهذه الدول نشأت قوية معتمدة على الزراعة إلى جانب التجارة والصناعة، فهذا التنوع هو ما أعطاها ومنحها القوة، ولكن أَسَاس القوة هي الزراعة، فكانت دولة مكتفية ذاتياً يأكل أبناؤها من خيرات أراضيها، لا يستوردون من الخارج بل كانوا يصدرون إلى عدة أمم، ويدعمون عدة ممالك أَو إمبراطوريات.
والشهيد القائد ذكر أن بناء الأُمَّــة يتمثّل في التنوع الواسع في ( ملزمة مديح القرآن – الدرس الرابع)، بقولة: (عندما تتصور مثلا ًأمة تكون قوية، ما كلمة أُمَّـة تعني حاجة واحدة، تتصور قوة واحدة أليست هكذا؟) يعني أن الأُمَّــة يجب أن تكون أُمَّـة واحدة لتكون قوية، ويفصل الشهيد القائد ما معنى القوة، وكيف تكون الأُمَّــة قوية، فيقول: (تنزل إلى تفاصيل القوى، تقول يجب أن يكون هناك زراعة ويكون هناك تعليم، ويكون هناك صناعة، ويكون هناك مراكز علمية، ومراكز أبحاث)، فالشهيد القائد هنا فصّل عوامل القوة التي يجب أن تتوفر ليكون هناك أُمَّـة قوية، وقد ذكر في البداية الزراعة؛ لما لها من أهميّة قصوى بل وتحتل الصدارة في سلّم الأولويات التي يجب على أية دولة تريد أن تكون دولة قوية، أن تزرع أرضها، ليأكل شعبها من خيرات أرضها، بعدها ذكر باقي الأنواع من صناعة وتعليم ومراكز أبحاث وغيرها.
ولذا فعلينا التوجه نحو الزراعة، وخَاصَّةً زراعة الحبوب والقمح، والتي تعتبر مصدراً أَسَاسياً للغذاء الإنساني، لنستعيد قوتنا التي كانت تتمتع بها الحضارات اليمنية القديمة، فأعداؤنا اليوم يهيمنون على شعوبنا العربية والإسلامية، بل ويستعمرون هذه الشعوب من خلال احتكارهم لزراعة الحبوب والقمح، بل يمنعون الدول العربية والإسلامية من زراعة أراضيهم؛ بهَدفِ إبقائهم مستعمرين وخاضعين للهيمنة الأمريكية الصهيونية، فقد جعلونا دولاً مستهلكة وسوقاً مفتوحة لبيع منتجاتهم الزراعية.