الصرخة سلاحٌ فعَّالٌ في مواجهة الحرب النفسية الأمريكية
د. خالد صالح الدروبي
تمثّلُ الحربَ النفسية أهم وسائل الحرب الحديثة، وَتهدف إلى تدمير معنويات العدوّ، وَكسر روحه القتالية وَتهاوي عزيمته في الدفاع، وَمن ثم دفعه للاستسلام دون إبداء مقاومة تذكر، بمُجَـرّد بدء المعركة.
وَهذا تم تطبيقه بشكل مكثّـف في العصر الحديث وَفي الحروب المعاصرة، وَخُصُوصاً الحروب التي استهدفت الشعوب العربية وَالإسلامية.
وَالحقيقة أن أمريكا كقوة عالمية لها خبرة طويلة في الحروب الخارجية منذُ مشاركتها وَانتصارها في الحربين العالميتين الأولى وَالثانية وَحتى الآن، صارت تستخدم الحرب النفسية ضد خصومها بشكل مكثّـف، مستخدمة قدرتها الإعلامية والثقافية مثل الأخبار وَالأفلام وَالكتب وَالمقالات وَغيرها.
وَالحقيقة أن أمريكا مارست هذه الحرب النفسية وَالإعلامية قبل غزو العراق، وَحقّقت نجاحاً كبيراً مكنها من احتلال دولة كاملة في خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع، انهار فيها الجيش العراقي الذي كان يتميز بعدد كبير، وَالذي كان يقاتل على أرضه وَبين شعبه، لكن الحرب النفسية وَالإعلامية أثمرت انهيارات كبيرة في الروح القتالية لقطاعات كبيرة في الجيش العراقي، وَسقوط البلد تحت الاحتلال.
وَالركيزة الرئيسية في هذه الحرب هي (التخويف) من القوة الأمريكية وَتصويرها في عقول الناس وَقلوبهم أنها قوة لا تقهر، وَأنها على كُـلّ شيء قدير، فالاستعراضات العسكرية بالطائرات وَالسفن وَالحديث عن القوى النووية وَترهيب الناس بها.
وَكذلك إسرائيل تم تضخيمها إعلامياً وَأن جيشها لا يقهر.
وَكانت النتيجة المخيفة هي أن الشعوب العربية تأثرت بهذه الحرب النفسية، وَصارت تخاف من أمريكا وَإسرائيل وَتخشى من قوتهما، وَفقدت الثقة في نفسها وَدينها، بل وَفقدت الثقة بالله، وَصارت ترى أمريكا (على كُـلِّ شيء قدير)، بما فيها الحكومة اليمنية وَالشعب اليمني.
في وسط هذه الحالة الانهزامية المزرية للشعب اليمني وَالشعوب العربية، أطلق الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- الصرخة في وجه المستكبرين، وَكانت كما قال: إنها خطوة عملية في وجه الظلم وَالطغاة المستكبرين المتمثلين في أمريكا وَإسرائيل؛ كونهم الأعداء الحقيقيين وَالمباشرين للأُمَّـة العربية والإسلامية.
هذه الصرخة التي ردّدها الناس بصوت عالٍ في الميادين وَالشوارع وَالمساجد وَفي كُـلّ مكان، كان لها دور كبير في (نزع) الخوف من داخل قلوب الناس، انتزاع الصورة المخيفة التي استقرت في العقل الباطن للناس، أشعلت الصرخة روح التحدي وَالصمود في وجه أمريكا وَإسرائيل وَعملائها، وَمن ثم الرفض التام العملي لكل مشاريع أمريكا وَمخطّطاتها، وَبالتالي إفشالها في اليمن بشكل خاص.
صار قطاع كبير من الشعب اليمني رافضاً وَبشكل صريح وَمباشر لمشاريع أمريكا في اليمن، وَلم يعد (يخاف) من أمريكا وَلا قوتها وَلا جبروتها، وَصاروا متوكلين على الله واثقين بربهم وَدينهم وَقيادتهم.
أثمرت الصرخة في ظل قيادة ربانية صموداً وَانتصاراً في وجه العدوان من خمسة عشرة دولة تقودهم أمريكا، وَتضم أغنى دويلات النفط في العالم، وَالتي نفذت وَتنفذ عدواناً وحشياً وَحصاراً قاسياً لمدة سنوات، لكن كُـلَّ هذا فشل في كسر صمود هذا الشعب.
إن الصرخة التي أطلقها الشهيد القائد كانت واحدة من أهم عوامل النصر؛ كونها أفشلت سلاح الحرب النفسية التي نفذها العدوُّ ضد شعبنا، وَالتي كان يهدف منها إلى دفع اليمنيين للاستسلام وَتسليم اليمن إلى عملاء أمريكا من المرتزِقة وَالسعوديين وَالإماراتيين.
كان تأثير الصرخة التي يردّدها المقاتلون وَأبناء الشعب في ميادين الجهاد والساحات وَالمساجد وَالمجالس كَبيراً في إلغاء وَتأثير الترهيب وَالتخويف النفسي وَالإعلامي للعدو، وَجعلت العدوّ يبدو صغيراً حقيراً في أنفس اليمنيين، وَزال الخوف من قلوبهم، فتقدموا بثقة وَقوة يحقّقون الانتصارات.