الفساد.. والتنميةُ الزراعية (2)
محمد صالح حاتم
الفساد آفةٌ خطيرة وسرطان يلتهم كُـلّ شيء، وَعائق أمام أي تقدم أَو تطور وحداثة، الفساد سلاح استخدمه الأعداء لبقاء الشعوب العربية والإسلامية ضعيفة مرتهنة خاضعة وخانعة لهم.
الفساد أنواع كثيرة، فساد مالي وإداري وأخلاقي وديني ومجتمعي وغيرها من أنواع الفساد، وكل هذه الأنواع تعتبر عوائق أمام الرقي والتقدم، والنهوض، واليوم سيكون حديثنا عن الفساد وعلاقته بالتنمية الزراعية، فالأنظمة العربية والإسلامية كلها فاسدة من قمة الهرم إلى أسفل الهرم، فالفساد الإداري والمالي في أجهزة ودوائر ومؤسّسات الدولة منتشرة بكثرة وعلى مرأى ومسمع من قيادات الدولة، بل إن هذه القيادات هي من تسمح بهذا الفساد، وفي بلدنا اليمن الفساد مستشرٍ في كُـلِّ مفاصل وأركان ومؤسّسات الدولة، وهو ما جعل بلدنا فقيراً ينتظر المساعدات والمنح الخارجية، رغم أننا ولله الحمد بلد لدية من الإمْكَانيات والمقومات ما تجعلنا من أغنى وأرقى وأقوى الدول في المنطقة والعالم أجمع، ولكن بسَببِ فساد الأنظمة والحكومات فقد ظلت اليمن بلداً فقيراً لا يمتلك أي شيء، حتى قوته الضروري الأكل والملبس والدواء كله يأتي من الخارج والسبب هو الفساد..
فأرصنا ولله الحمد خصبة وغنية تنتج أجود أنواع المحاصيل الزراعية، على مدار العام، لو زرعنا الجوف وحضرموت وتهامة وشبوة والقيعان في ذمار وقاع البون وصعدة وغيرها من المناطق لأكتفينا ذاتياً، بل وصدرنا الباقي للخارج، ولكن؛ بسَببِ الفساد فقد أصبحت أراضينا قاحلة ويابسة والوديان مهدّدة بالتصحر، والسبب هو الفساد، وقد ذكر الشهيد القائد في ملزمة (معرفة الله – نعم الله – الدرس الخامس) نتائج الفساد والذي حَـلّ بنا وبأمتنا فقال: (السماء لم تعد تعطي بركاتها، والأرض لم تعد تعطي بركاتها، فسدنا كلنا، كَبيراً وصغيراً، كما قال الإمام علي [إذا فسد السلطان فسد الزمان])، فحبس السماء لقطر المطر؛ بسَببِ الفساد في منع دفع الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية، وكل هذا الفساد ليس فساداً عفوياً، بل فساد منظم وبإشراف صهيوني، والهدف هو بقاء شعوبنا العربية والإسلامية فقيرة وضعيفة تعتمد على استيراد قوتها الضروري، وهذا ما حذر منه الشهيد القائد، في معظم محاضراته ودروسه القرآنية.
واليوم ما أحوجنا أن نعودَ إلى كتاب الله وهديه، وأن نعمل بإخلاص وأمانة، واستشعاراً للمسؤولية، وأن ننطلق نحو انتشال واقعنا المزري والتوجه الجاد والفاعل للقضاء على الفساد المالي والإداري في جميع مناحي الحياة، واجتثاثه من جميع مفاصل وأركان ومؤسّسات الدولة، وأن تكون البداية بتعديل القوانين والأنظمة واللوائح والتشريعات القانونية، وعلينا أن نتوجّـه نحو الزراعة لنعتمد على أنفسنا ونأكل من خيران أرضنا؛ بهَدفِ بناء أُمَّـة قوية حرة ومستقلة ذات سيادة وقرار.