اصرخوا حتى لا يقالَ: “لسْنا عرباً حتى تقتلونا”
مطهر يحيى شرف الدين
كثيرٌ من الناس يسمعُ الصرخةَ وهو شبهُ مقتنعٍ بمضمونها وأهدافها، لكنه لا يصرخ معتقداً أن ذلك يُعدُّ من باب فرض الكفاية إن قام به البعض سقط عن الباقي، وفي حقيقة الأمر أنه غير مدرك للآثار الإيجابية للصرخة، وما لها من دور في اتِّخاذ موقف ديني جماهيري موحّد يعبّر عن سخط الأُمَّــة جمعاء؛ بسَببِ ما تقوم به أمريكا من جرائم وانتهاكات بحقِّ الإنسانية.
كما أجد الكثير من عامـة الناس ليسوا مقتنعين بالصرخة، معلّلين ذلك بأنهم لم يروا من اليهود والأمريكان أية مخاطر أَو أذىً، أَو أنهم لم يستشعروا أية صورةٍ من صور العداوة والبغضاء التي يكنها لنا اليهود.
ويرى المنافقون أنّ الصّرخة تمثّل استفزازاً للأمريكي واليهودي، وبالتالي تعمل على إثارتهم ولفت أنظارهم إلينا بالعداوة والبغضاء.
والبعض يحدّث نفسه قائلاً:
لا فائدة من لعن اليهود ولا جدوى أَيْـضاً من رفع الأصوات بالانتصار للإسلام، طالما والناس يصلّون ويزكون ويحجُّون وأركان الإسلام قائمة على أكمل وجه.
لن أتحدّث عن جرائم وانتهاكات أمريكا التي طالت كَثيراً من دول العالم بالقتل والتدمير والإبادة الجماعية، ولمن يريد الوقوف على تلك الجرائم سيجد تفاصيل أحداثها أمامه على شبكة الإنترنت.
وللتذكير فقط على مستوى استهداف بعض من الدول العربية والإسلامية، هل نسي المنافقون والغافلون أَو تناسوا حجم الجرائم المروّعة والمجازر الوحشية التي ارتكبتها أمريكا وأذرعها القاعدة ومن بعدها داعش في العراق وفي أفغانستان، وبعد ذلك في سوريا وفي اليمن وبالذات إبّان سنوات ما قبل العدوان على اليمن، ومن تلك الجرائم التي يندى لها جبين التاريخ وتستنكر أفعالها كُـلُّ الأديان والشرائع، تفجير مسجدَي بدر والحشحوش في صنعاء بمن فيها من المصلين، وحادثة السيارة المفخخة التي استهدفت طلاب كلية الشرطة بالقتل والإبادة، واستهداف “وزارة الدفاع” وتنفيذ عمليات القتل والإرهاب بحق المرضى في مستشفى العرضي، واستهداف أفراد الأمن المركزي بتفجيرهم في ميدان السبعين.
تلك الجرائم والانتهاكات التي استهدفت العربي المسلم، خلقت انطباعاً سيئاً لدى الغرب عن المسلمين، مما رسّخ في أذهان المجتمع الغربي صورة ذهنية تعكس ضعف وهوان وانبطاح العرب.
الأمر الذي دعا المحتجّين الأمريكيين ضد عنصرية ترامب بالتعبير عن ذلك ورفع اللافتات التي تقول: “لسنا عرباً حتى تقتلونا”.
ماذا بعد هذه المقولة وما رأي من يستعطفون وَيستحون ويتماهون ويطبّعون مع اليهود والأمريكيين، ألم يستوعبوا حجمَ الكارثة التي يعيشها العرب وحجم الإهانة والاستكانة والذل والصّغار الذي أصبح سمة العرب والمسلمين.
هنيئاً ومباركٌ هذه السمعة أيها العرب، فقد صار يُضرب بنا المثل وقد صرنا نموذجاً للمجتمع المهزوم والذليل والخانع المضروب والمغلوب على أمره.
لأُولئك الذين يُبرئون الأمريكيين من خطر وجودهم، ويخطبون ودّ اليهود ويتقربون إليهم بإقامة العلاقات السياسية والاقتصادية، ماذا بعد كُـلّ هذه الذلّة والمسكنة إن كنتم تعقلون؟ وما موقفكم إن كان لديكم ذرة من عزة وكرامة؟!
ولذلك، ليعلم أبناء المجتمع الإسلامي أنّ الأمريكيين يتعاملون مع العرب بذكاء ودهاء، فهم ليسوا أغبياء حتى يقوموا بمواجهةٍ مباشرة مع من يناهض وجودهم وحضورهم على الساحة الإسلامية، وليسوا أغبياء حتى يقولوا نحن لا نمثّل أي خطرٍ عليكم.
الأمريكي اليوم يسعى لبث الفرقة وإشعال الفتن والترويج بين المسلمين أن العدوّ الحقيقي للعرب هي إيران وليست إسرائيل.
الأمريكي يسعى جاهداً لطمس الهُوية الإيمانية والقضاء على ما تبقّى من نخوةٍ وحمية على الدين الإسلامي، ومحاولة فك ارتباطنا بالله ورسوله، وذلك بإظهار قوة وجبروت أمريكا بأنها حامية الشعوب وهي الحصن الذي يتحصن بها العرب.
الأمريكي اليوم يقاتل ويرتكب أفظعَ الجرائم الجماعية بحق العرب والمسلمين عبر أدواته داعش والقاعدة والمنافقين والمرجفين خوارج هذا الزمن.
وَتسعى الصهيوأمريكية جاهدةً للهيمنة والتحكم بالمجالات الإنسانية والاقتصادية، وتوظيف دعم أمريكا للمنظمات الدولية السياسية وَالإنسانية لصالح مشروعها الرامي إلى احتكار القرارات الاقتصادية الدولية والتفرد بها لتتبنى وتموّل الحروب بين المسلمين، وترعى أساليبها الشيطانية في بث الفرقة وَافتعال الأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة، وتخدم أجندات صهيونية ماسونية وتلبي رغباتها وأطماعها الاستراتيجية الخبيثة.
فهل آن الأوان أيها المرجفون والمنافقون والغافلون أن نصرخ حتى لا يقال مرةً أُخرى: “لسنا عرباً حتى تقتلونا”.