صرخةُ الحق أينعت ثمارَها
دينا الرميمة
وحدَه السيدُ حسين -سلام ربي عليه- مَن قرأ القرآنَ الكريم كما هو وفسره التفسير الصحيح لا كما قدمه لنا الوهَّـابيون ناقصاً متماشياً مع أفكارهم التي تخدم أعداء الله ورسوله.
مفسرين آياته حسب مبتغاهم ومع أهدافهم الشيطانية الرامية لجعل خير أُمَّـة أُخرجت للناس أُمَّـة تابعة لمن هم أشد عداوة للذين آمنوا.
وتحت تأثير هذا الفكر، أصبح العرب والمسلمون لقمةً سائغة لليهود ولعبة بيد أمريكا تسيّرهم كيف شاءت، متخذة منهم سلالم يمتطيها الصهاينة والأمريكان للوصول إلى حكم العالم حين انحنوا بظهورهم ورقابهم لهم بالسمع والطاعة!
في هذه المرحلة الخطيرة من حياة الأُمَّــة كان “السيد حسين” -سلام ربي عليه- يراقب ما يحدث بعين القرآن وعين على الأحداث، فبدأ بفضح مخطّطاتهم وألاعيبهم، خَاصَّة وأن بلدنا اليمن كان المس الشيطاني قد بدأ يحدق فيها، وكانت من ضمن الدول التي يحكمها السفير الأمريكي، وما النظام الحاكم آنذاك إلا صورة فقط.
حينها بدأ بتوعية الناس خشيةً عليهم أن يقعوا بما وقعت به الكثير من الدول العربية، ومن منطلق قرآني بحت قدم صرخة الحق في وجه المستكبرين دون خوف.
وكيف يخاف من عرف الحق وسار عليه واهتدى بهدي جده المصطفى؟
هو كان يعلم مدى مطابقة قوله الله سبحانه تعالى: (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) لواقع العرب والمسلمين، خشية أن تصيبهم دائرة اليهود أَو تغضب عليهم أمريكا التي اتخذت من الإرهاب ذريعة ليكبر صيتها ويسهل عليها الدخول إلى الأراضي العربية.
حينها قدم الشعار كسلاح وموقف ضدهم بكلمات بسيطة، لكنها تحمل معان عظيمة إذَا ما انتهجها المسلمون وساروا عليها، وهذا ما أدركه السفير الأمريكي واستاء منه؛ لأَنَّه يعلم أنه لو فعلاً اتخذها اليمنيون كسلاح ضدهم فسيصبح مستقبل أمريكا في اليمن في خبر كان؛ لذلك أصدر الأمر للنظام الحاكم بإسكات “السيد حسين” وأتباعه ممن كانوا يقومون بتوعية الناس في مران وصعدة والمناطق المجاورة.
فما كان على النظام إلَّا السمع والطاعة، يومها قال علي محسن الأحمر الذي انتابته الغيرة على ربه الأمريكي: “لن نسمح لهم أن يصرخوا حتى من تحت البطانية”، وأرسلوا تهديدهم للسيد حسين قائلين له: (إن كان ولا بد من ترديد هذه الصرخة، فبإمْكَانك أن تصرخ وحدك بينك وَبين نفسك، بإمْكَانك أن تصرخ في بيتك مع نفسك، وإن كان ولا بد من ترديدها بأصوات متعالية وهتافات منادية بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل، فافعل ذلك تحت البطانية، غير ذلك فلن نسمح لك أبداً على الإطلاق، وَدونهــا الحرب والنكال).
ظنوا السيد “حسين” سيستلم ويخاف كما خافوا هم، ولكن الشهيد القائد وأتباعه رفضوا التنازلَ عن مبادئهم وعن صرختهم المستوحاة من القرآن الكريم بالبراءة من أعداء الله ورسوله، وفعلاً شنوا عليهم حرباً ظالمة استنفر فيها علي محسن كُـلَّ القوات العسكرية والمعدات الضخمة وبالمكر والخدعة تمكّنوا من قتل “السيد حسين” -سلام ربي عليه- وإخفاء جثمانه الطاهر، والكثير من أتباعه أُخذوا إلى السجون يُجرعونهم فيها أشد العذاب وما بين الحرية والصرخة كانوا يُخيرون، لكنهم وتحت وطأة التعذيب كانوا يصرخون في وجوه زبانية العذاب متذكرين وعد “السيد” حين قال لهم: (اصرخوا وستجدون من يصرخ معكم في مناطقَ أُخرى).
وها هو وعده لهم يتحقّق، وها هي اليوم صرخة الحق تردّد في كُـلِّ أرجاء اليمن، بل قد اخترقت الحدود إلى الكثير من الدول؛ بسَببِ ثورة الوعي التي اخترقت قلوباً تحمل الهُوية الإيمانية والحكمة اليمانية، ودفعوا ثمنها دماء طاهرة أينعت فيما بعد أشجاراً باسقة من الحرية والكرامة التي يحاول اليوم الأمريكان سلبها منا نحن اليمنيين عبر أياديهم الخبيثة ممن ينسبون أنفسهم زوراً وبهتاناً للإسلام والعروبة، ففوجئوا بشعب لا يساوم في كرامته ولا يتنازل عن مبادئه متمسكاً بدينه، شعب عرف باكراً حقيقة من كانوا يطبعون مع الصهاينة من تحت الطاولة، فرفض أن يكون مثلهم حتى انفضح أمرهم مع قرار صفقة القرن حين أيّدوها وباركوها وأرسلوا الوفود لتهنئة الصهاينة عليها لتكشف مسارهم الحقيقي والوجه المتقنع بقناع العروبة كما أخبرنا “السيد حسين” -سلام ربي عليه-، يتكلم في محاضراته وملازمه، وكأنه كان يقرأ المستقبل كشريط يمرُّ أمام عينيه، فكل ما تنبأ به نراه اليوم واقعاً مريراً يعايشه العرب والمسلمون إلا من رحم ربي ممن عرفوا الحق وساروا على نهجه بخطى مسيرة مباركة أسسها “الشهيد القائد” ويقودها اليوم السيد القائد بنفس الخطى القرآنية الثابتة والمبادئ المحمدية وَالحيدرية التي لا تخاف في الله لومةَ لائم.