إعلامُ اليمن هو الأرقى
عبدالسلام عبدالله الطالبي*
لما تلعبه وسائلُ الإعلام بكلِّ مسمياتها من دور كبير في ترسيخ ثقافات معينة وغرس مفاهيم وخلق قناعات وتحوّلات على مستوى اتِّخاذ مواقف وتغيير موازين في سياسات وخطط وبرامج.
وبالنظر إلى أغلب وسائل الإعلام العربية، وماذا تتجه إليه في ثقافاتها وبرامجها التي يتم التعاطي معها على وسائل إعلامهم، فإن المتأمل يستغرب من ذلك التوجّـه الغريب الذي يحكي واقعاً مؤلماً وغريباً لأغلب وسائل إعلام هذه الدول، التي تظهر وكأنها للأسف تتعمّد تعميم حالة الانحراف والتيه والتضليل لأبناء مجتمعاتها، مركزة في سياساتها الإعلامية المتدنية على استهداف الشباب والمرأة والطفل، فتجد الغالبية من هذه الفئات يتأثرون بنسبة كبيرة بما يروج عبر هذه الوسائل في شتى المجالات الحياتية.
فلا إعلام يشدهم للارتباط بهدى الله أو التصدي بحزم لعدو أو محتلّ، ولا وسيلة توجّـههم إلى ثقافة الاعتماد على النفس ومحاربة الرذيلة والابتعاد عن اللهو واللعب والمجون والتقليد الأعمى لما هو عليه حال دول الغرب البليد.
أصبحت وسائلُ إعلامهم لا تهتم إلا بما من شأنه تدجين المجتمعات والقبول بالتعايش مع الأعداء والخنوع لهم، بل والتولي لهم في كُـلِّ صغيرة وكبيرة رغم معرفة غالبية منهم بمخاطر الاستهداف بحق الإسلام وأهله وسعي الأمريكي والصهيوني للوصول إلى الهيمنة الكاملة على الرقاب والمقدسات والأوطان.
وفي الوقت الذي سعت فيه قوى التحالف بقيادة أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل إلى تتويه اليمن وإبعاده عن المشروع القرآني الذي بدا في تناميه على مستوى الساحة اليمنية والدولية يتعاظم يوماً بعد يوم، فقد سعت هذه الدول ومعها أذنابها من العرب المستعربة والممتهنة لشن عدوانها الغاشم والظالم بغية الإفساد والتضليل والتتويه والانشغال بحسب زعمها..
وفجأةً انقلب السحر على الساحر، وبدأ الإعلام اليمني يلعب دوراً سيادياً ومثالياً هو الأرقى ليسطر ملحمة كبرى ومنقطعة النظير في نشر سبل الهداية وثقافة الاستبسال، فكان للإعلام الحربي نكهته الخَاصَّة في عرض مشاهد لا تضاهيها أيُّ مشاهد على مستوى العالم، مشاهد حكت عن صمود الحيش اليمني المجاهد والصامد، ذلك الجيش الأُسطوري الذي قهر بعون من الله قوى العدوان وأحبط مخطّطاتهم وأحرق ودمّـر ونكّل بكل آلياتهم وعدتهم وعتادهم، ليرافق تلك الملاحم التي سيخلدها التاريخ في صفحاته المشرقة والناصعة عن بأس اليمنيين ذلك الزامل الحماسي الرائع كأحد الأدوات الإعلامية المؤثرة، والتي استطاعت أن تكتسح الساحة وتجلب القلوب على الانشداد إليها، وتبعث على الحماس المتزايد بين أوساط الجميع داخل ميدان المعركة وخارجه.
وسائل الإعلام اليمنية لم يقتصر إسهامها في توعية المجتمعات على المجتمع اليمني فحسب، بل صارت مهوى لكل الأفئدة في أغلب الدول المتعطشة شعوبها لمناهل الهداية وعبق الحرية وميدان الكرامة والتحدي والشموخ.
فيكون للسيد القائد- يحفظه الله- نصيب أوفر من الظهور الإعلامي المتألق بطرحه الهادف وحرصه الشديد على هداية الأُمَّــة جمعاء، والخروج بها إلى بر الأمان والحياة القائمة على التصدي لكل طواغيت الأرض.
هذا هو اليمن بكلِّ وسائله الإعلامية التي تعرض وتحكي وتكتب عن كواكب من الشهداء العظماء التي تزف وتشيع يوميًّا متسابقة على نيل أوسمة الحياة الأبدية الخالدة.
ذلك هو وحده الإعلام اليمني الناجح والمتألق بوجود نخبة من مراسليه المبدعين والمرابطين في ساحات البطولة، لينقلوا لنا من قلب الحدث كُـلّ مَـا هو جديد بالصوت والصورة وللعام السادس على التوالي وهم ثابتون ثبات الجبال الرواسي.
نعم إعلام اليمن هو تلك الوسيلة الأصيلة والصادقة في طرحها وتصريحاتها ومشاهدها المزعزعة لقوى العدوان، ليظهر ناطق الجيش واللجان عند أَو بعد كُـلّ عملية استهداف لمرابض العدوّ وآلياته وطائراته ومعداته عبر الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية التي أزعجتهم كَثيراً، وكان لها دور كبير بفضل الله في قلبِ موازين المعركة.
إعلامنا اليمني هو ذلك الإعلام الحريص على إظهار مظلومية اليمن بكلِّ تفاصيلها للعالم ليعيَ ما هو تقوم به قوى الشر والعمالة بحق أبناء اليمن من استهداف وجرائم يومية بحق الأطفال والنساء، علّه يستفيق من غيه ويتحَرّك ضميره، فكان وسيلة ناجحة في تقييمه لمواقف الحكومات والشعوب وغربلة الصادق من الكاذب والصديق من العدوّ.
إعلام اليمن هو الإعلام الوحيد في العالم المتضرر على خلفية الحصار المفروض، ومع ذلك لم يتراجع قيد أنملة، بل كان وما زال يلعب دوراً كَبيراً وفاعلاً في شد الهمم وحشد المجتمعات إلى الجبهات ورفدها بالرجال والمال؛ ليوثقَ مشاهدَ عن القوافل المقدمة من قبائل اليمن الأحرار وَالمتوالية على مدى ستة أعوام، والتي كان لها الدور العظيم في استنهاض الهمم وشد العزائم.
وسيلتنا الإعلامية في اليمن المحاصر هي المكنة الإعلامية الوحيدة التي تستضيف كُـلَّ الأصوات الحرة والمقاومة والمتعاطفة مع مظلومية اليمن.
إعلام بات في توجّـهه اليوم هو الإعلام الحريص على تعميم حالة الوعي بين أبناء اليمن، ليقدم للناس ثقافة هي الأرقى من نوعها متوحدة في أطروحاتها وثقافاتها وأزمنتها، كما هو الحال عليه في البرنامج اليومي والبرنامج الرمضاني الهادف.
كذلك ما يتم عرضه اليوم عبر وسائلنا الإعلامية لأجيال اليمن من دروس قيمة وعظيمة وهادفة، ستجعل منهم أجيالاً تختلف عن أغلب أجيال معظم الشعوب جملةً وتفصيلاً.
إعلام لا يوصف في طرحه وكفاحه وتألقه وإبداعه، تخلص من التبعية العمياء وباتت سياسته الإعلامية تحمل في مضمونها عبارة موجزها (إعلام اليمن هو الأرقى).
* رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء