عملية الردع الرابعة.. بداية لتغيير المناخ العسكري بشكل نهائي
إكرام المحاقري
فلتكن بدايةُ تحول موازين المعركة وقوة الردع ذات الخمسة أعوام من شاشة قناة الجزيرة وكل ما تضمنته آراء محللين سياسيين كانوا ضيوفاً على منبرها الذي بدا اليومَ وكأنه عضدٌ للإنسانية والحريات، وجميعهم اتفقوا على رأي سديد، هو أن العدوان فاشل ولا حَـلَّ عسكريٌّ، ومن تحفظ عن ذلك فقد أبدى الفشلَ في قسمات وجهه.
عملية توازن الردع الرابعة التي لن تكون الأخيرة، فكم تلت القوة الصاروخية آيات من التحذيرات، وكم رفعت القيادة السياسية نبأ يقين بمبادرات سلام شاملة، ناهيك عن ملف الرؤية الوطنية التي تجاهلتها أدواتُ العدوان القاطنة في الفنادق أَو القاطنة خلف أسوار القوة الأمريكية، ومن هنا ولدت العملية الكبرى ليس من رحم المجازفة بل من رحم القوة والأنفة والصمود.
فهذه العملية دكّتْ مقراتٍ ومراكزَ عسكريةً في عاصمةِ العدوّ السعوديِّ، منها وزارةُ الدفاعِ والاستخباراتُ وقاعدةُ سلمانَ الجويةُ ومواقع عسكرية في جيزانَ ونجران، بصواريخَ بالستية من نوعِ “قدس” وَ”ذو الفقار” وطائراتُ صماد3 المسيّرة.
وهذه العملية ليست محصورة على الجانب العسكري فقط، بل أن لها أبعاداً ودلالات سياسية أشمل من كونها عسكرية، وذلك لما قامت به دولُ العدوان من صفقات بائرة أرادت من خلالها المقايضة على جزر يمنية وتسليمها للأتراك.
كذلك لاستمرار احتجاز سفن النفط من قبل دول العدوان، وبرعاية أممية وخلق أزمة شاملة وخانقة للمشتقات النفطية في الشارع اليمني، كما أنها ردٌّ قاس وواضح على قرار الأمم المتحدة بشطب السعودية من قائمة العار (اللائحة السوداء) ، التي تضم في صفحاتها أسماء مجرمي الحرب وقتلة الأطفال في العالم، ولعل هذه العملية تكون عاملَ صحوة “للأمم المتحدة” ومبدأ قناعة بأن الشعب اليمني سينتشل حقه ويحرّر أرضه مهما كلفه الثمن غالياً.
وبالعودة إلى قناة الجزيرة التي كانت في بداية العدوان طرفاً مهماً وملماً بقضية التضليل والكيد وتشويه مظلومية الشعب اليمني، ها هي اليوم تقف الموقف الذي كان يجب عليها أن تقفه من أول يوم للعدوان على اليمن، لكنَّ مشاركة قطر في العدوان كان الدافع المغري لقناة الجزيرة وغيرها حتى تنصف الجلاد.
هو نفس الدافع الذي دعاها اليومَ لنسف السعودية، ليس حبًّا في الحوثيين وإنصافاً لليمنيين، لكن كرهاً في السعودية، وهذه حسابات سياسية يدركونها جيِّدًا، لكن تصريح السياسيين من عدة دول مختلفة عن أحقية وشرعية عملية توازن الردع الرابعة كأن هو الأهم، فجلهم وضح غباء دول تحالف العدوان الذين هم في الحقيقة مطية ودمية تتحكم بها “أمريكا” لاستنزاف الموقف والمال العربي لا غير.
ومن جهة أُخرى، إشغال العرب بحروب بينية وترك قضية القدس للصهاينة كلقمة سائغة يأكلها كلب جائع من رصيف الشارع، ولا يمتلكون غير هذه السياسة.
فالحقيقةُ أن كُـلَّ من شارك في هذا العدوان، سواء عسكريًّا أَو سياسيًّا أَو لوجستياً أَو حتى بموقف الحياد وبيع سلاح، جميعهم أغبياء ودخلوا في لعبة لا يعرفون حقيقة أوراقها، في الوقت الذي عرفها الشعبُ اليمني، قيادةً وشعباً.
وها هم الآن يدركون خطورة ذلك لكن في الوقت الذي أوصدت عليهم “أمريكا” أبواب التراجع والانسحاب بذريعة المكابرة وغيرها وتعويض خسائرهم من النفط اليمني بالسيطرة على المناطق النفطية واحتلالها، وهذا هو الحاصلُ اليومَ، وهذه هي أهداف تحالف العدوان وما الشرعية إلا مطية وكذبة فارغة..
أخيراً: فلنقر بأن هذه المرحلة هي مرحلة الوجع الكبير وأشد إيلاماً للعدو السعودي وغيره، وحقيقة الوجع هو في الشمطاء “أمريكا” التي بدأت بدفع ثمن الحليب السعودي سياسيًّا في أراضيها وستدفعه عسكريًّا في وقت ستضطر فيه للنزول إلى ميدان معركة الفشل والهزيمة، في وقت ستعم العالمَ أزمة مرتزِقة وعملاء، وسيكون من نصيبهم عملية ردع طاحنة.
نفسنا طويل وأهدافنا واسعة وعميقة إلى ما بعد بعد بعد..
سأترك لكم التفسير.. وإن غداً لناظره قريب.