الأمريكيون والبريطانيون.. مسمارٌ في نعش السلام باليمن
النظام السعودي والإماراتي أدواتٌ لإشعال المزيد من الحروب
المسيرة- أحمد داوود
كثرت التصريحات خلال السنوات الماضية عن السلام في اليمن، وسواءٌ أكانت من البريطاني أَو الأمريكي فإن المسؤولين في صنعاء لديهم قراءةٌ واعيةٌ بمجريات ما يحدث، ويدركون جيِّدًا أن السلام الحقيقي في اليمن لن يتحقّق إلا وفق رغبة أمريكية بريطانية عليا، وأن النظامين السعودي والإماراتي ما هما سوى أدوات توكل إليهما مهمة إشعال الحرائق في اليمن.
وخلال الأيّام الماضية، برز الدور البريطاني مجدّدًا في لباس الواعظين، من خلال تصريحات لمسؤولين يتحدثون عن السلام في اليمن، وعن خشيتهم من حدوث مخاوفَ على اليمنيين؛ بسَببِ باخرة صافر؛ ونتيجة احتجاز سفن المشتقات النفطية.
ويذكرنا رَدُّ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي على السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون قبل أَيَّـام برده مطلع مارس 2019 على وزير خارجية بريطانيا جيرمي هنت الذي حذر وهو في زيارة إلى مدينة عدنَ المحتلّة من فشل اتّفاق السويد.
وقال الحوثي يومها إن الشعب اليمني يعلم أن بريطانيا شريكٌ فعلي في العدوان على اليمن، وإنه يقتل بسلاحها، مؤكّـداً أنّ مشاريع القرارات البريطانية ليست للعدالة، بل خدمة من جندي خجول يتمتم بما تريده الأجندة الأمريكية الإسرائيلية بمجلس الأمن.
ونستذكر هنا التصريحَ الكبيرَ لنائب وزير الخارجية، حسين العزي، يومها حين قال مخاطباً هنت: “عندما تكون في حضرة اليمن العظيم فعليك أن تنتقيَ كلماتك جيداً”، محذراً أن ”بيدنا السلام كالنسيم البارد لكل من سالمنا وأراد السلام وَأَيْـضاً بيدنا الحرب التي لم نستعملها من قبلُ والخيار لكم”.
وبعيدًا عن التصريحات للمسؤولين بصنعاء والتي تفضح الدور الأمريكي البريطاني الخبيث في العدوان على اليمن تأتي كبرى الصحف البريطانية لتؤكّـدَ أن إيقافَ العدوان على اليمن مرهونٌ برغبة بريطانية.
وتعد بريطانيا ثاني الدول بعد الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها للعدوان على اليمن وتصديراً للأسلحة إلى السعودية. فمنذ مارس 2015 تخطت قيمةُ عقود التسليح والمعدات العسكرية 3.3 مليار جنيه إسترليني.
ونوّهت تقارير إلى أن السلاح البريطاني استخدم في العدوان على اليمن في عمليات عسكرية تنتهكُ القانونَ الدولي، وذلك بحسبَ تقاريرَ لمنظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة أوكسفام، والاتّحاد الأُورُوبي وغيرها من الجهات الدولية والمعارضة البريطانية.
ولا يقتصر الدور البريطاني في تقديم السلاح للنظام السعودي، بل إن البريطانيين يعملون على تزويدِ سلاح الجو السعودي بالطائرات المقاتلة والقنابل، وَأَيْـضاً من خلال تدريبها للطيارين السعوديين، ووجود آلاف من المتعاقدين البريطانيين الذين يدعمون هذه العمليات، والتي تشمل “استهداف المدنيين.. بطريقة منظمة ومنهجية”، وفقاً للأمم المتحدة، و”استهدف المشافي والمدارس والأعراس، وحتى مخيمات النازحين”، وهذا الكلام خاص لصحيفة الغارديان البريطانية، مشيرة إلى أن سلاح الجو البريطاني يزود نظيره السعودي بالمهندسين ويدرب الطيارين على استخدام الأسلحة التي تنتجها شركة “بي أي إي”، وهي أكبر مصنّع بريطاني للسلاح.
وبحسب الصحيفة، فإنه يوجد نحو 6300 متعاقد بريطاني في قواعدَ سعودية متقدمة يقومون فيها بتدريب الطيارين السعوديين، وَأعمال الصيانة للطائرات التي تسافر آلاف الأميال عبر الصحراء السعودية؛ لضرب أهدافها في اليمن، كما يوجد 80 من طواقم سلاح الجو البريطاني في السعودية، يعملون إلى جانب طواقم شركة “بي أي إي” في صيانة الطائرات الحربية وتجهيزها، وفي أحيان أُخرى يعملون على ضمانِ إيفاء شركة السلاح البريطانية بتعهداتها في العقود الموقَّعة مع وزارة الدفاع البريطانية، كما يوجد عدد من ضباط الاتصال في مراكز القيادة التي يتم فيها تحديدُ الأهداف في اليمن.
وكانت القناةُ الرابعة البريطانية قد بثت تحقيقاً استقصائياً في أبريل من العام الماضي أكّـدت فيه مدى الانخراط الحقيقي لبريطانيا في حرب اليمن.
وجاء في التحقيق أن لدى القوات البريطانية والأمريكية ضباطَ اتصال في مركَز عمليات القوات الجوية لقيادة عملية ما يسمى “عاصفة الحزم”؛ للتأكّـد من التزام السعوديين بالقانون الدولي الإنساني، لكن هؤلاء مقيدو الحركة ويوجدون في حجرات صغيرة بعيدًا عن قاعة العمليات حيث تتخذ القرارات الرئيسية، حسبما ذكر التحقيق.
وقال معدو التحقيق إنهم وجدوا عيوباً في عمليات الاستهداف السعودية، إذ أن معظم الضربات الجوية غير موجهة من مركز عمليات القوات الجوية السعودية، مما يعني أن الأهداف التي تضرب ليست دائماً ضمنَ قائمة الأهداف المحظورة كالمدارس والمستشفيات ومرافقَ مدنية أُخرى.
ويتضحُ جليًّا أن السلامَ لا يأتي من البريطاني أَو الأمريكي، وحتى إنْ قدّما أنفسَيهما بأنهما غيرُ معنيين بالعدوان على اليمن إلا أن الوقائع تثبت دورَهما الخفي والظاهر، وأن إيقافَ العدوان على بلادنا لا يمكن أن يتمَّ إلا بموافقتهما.