رسائلُ “الردع الرابعة”
رأي الله الأشول
استيقظ اليمنيون الثلاثاءَ الفائتَ على وَقْعِ خبرٍ عاجل أثلج الصدور وطيب النفوس.. ضربةٌ صباحية مباغتة ومركّزة باغتت الرياض وجيزان ونجران بعدد من الصواريخ الباليستية المجنحة والطائرات المسيَّرة، وطالت بعضا من أكثر المواقع الحكومية حساسية بعاصمة العدوان ومدنها السفلى.
وزارة الدفاع ومركز الاستخبارات وقاعدة سلمان الجوية رحبت صاغرة بالهدايا القادمة من جنوب الجزيرة، هدايا من العيار الثقيل انتشرت توثيقات وقوعها بالتزامن مع دوي انفجاراتها التي هزت الرياض وما حولها وفي هذه الضربات المسددة رسائل كثيرة ومتعددة بعثها اليمنيون لدول العدوان والمتعاطفين معها..
إن القوة اليمنية -الهجومية منها والاستخباراتية- في تصاعد مستمر مخيف ومقلق للمعتدين تلك الرسالة الأولى.
وإن التصعيد الذي دأب عليه العدوانُ مؤخّراً ولا سيما بتضييق الخناق على المنافذ البحرية واحتجاز المشتقات النفطية سيواجه بتصعيد أكبر بحكم أن الجيش واللجان أصبحوا يمتلكون قوةَ ردع ما عاد بالإمْكَان الاستهانة بإمْكَانياتها وقدرتها على تغيير قواعد اللعبة وقلب المعادلات لصالح جيشنا الوطني.
وهذه رسالة أُخرى سيتوقف عندها خبراء العدوان العسكريون كَثيراً وبالتأكيد سينقلون نتائجَ تحليلها لقيادات العدوان الذين يعانون ارتباكاً وتخبطاً غير طبيعيين تزايدت حدة ظهورهما للعالم وبالذات في الفترة الأخيرة، فترة دخول الولايات المتحدة بدوامة العنف وتوسع المظاهرات في كُـلّ ولاياتها، الأمر الذي أضعفها كداعم قوي وأَسَاسي للعدوان عسكريًّا ولوجستياً وأيديولوجياً.
وبجانب الرسائل والمكاسب العسكرية ثمة أُخرى سياسية خطها نجاحُ توازن الردع الرابع، لعل أهمها أن الحكومة الوطنية في صنعاء أضافت لجعبتها أوراقاً دبلوماسية أُخرى تجعلها في وضع مريح وموقف قوي حال الدخول بأي مفاوضات قادمة فـ”القوي يُحترم” وقوة تتمثل بالصاروخية والمسيرات التي تهدّد وجود المملكة قادرة بكل الأحوال على فرض احترامها على قوى العدوان ومن تحالف معها.
كما إن لهذه الصفعة القوية بوجه بن سلمان صدىً يعيه عيال زايد وهو أن على الإمارات أن تحسب خطواتها في الجنوب جيِّدًا وأن تتوقف عن مغامرتها؛ كي لا تجبر قوتنا الصاروخية على نقل الرعب والدمار والخسائر الفادحة من الرياض لأبوظبي التي تقل قوةً وجرأة عن الجارة الأخت التي ستبحث من اليوم وبجدية عن الخروج من مأزقها في اليمن بعد خمس سنوات لم تحقّق فيها أي مكاسب سياسية أَو عسكرية ولم تسلم من الخسائر الاقتصادية الهائلة جراء تهورها بحرب عبثية لا تخدم سوى القوى الاستكبارية ممثلة بأميركا والكيان الصهيوني.
وكما كان للضربات المسددة ونجاحها صدىً كبيرٌ على نطاق واسع خارجياً كان كذلك على الصعيد الداخلي فبقدر ما شكلت هذه الضربات إنجازاً جديدًا مهما للجيش واللجان بقدر ما كانت إنصافاً للطوابير المزدحمة بها دروب المحطات في المدن والمحافظات الحرة التي ما عاد يعرف العدوان من طريقة للحيلولة وعنفوانها إلَّا بتشديد الحصار البري والبحري والجوي لخنق الاقتصاد وإماتة الشعب جوعاً علّه يحقّق بقطع سبل العيش وتأزيم الأوضاع والتصعيد الاقتصادي وحجز المشتقات النفطية ما عجز عن تحقيقه بالتصعيد في الميدان وساحات القتال والإمعان بارتكاب الجرائم بين الفينة والأُخرى.