رسائلُ توازن الردع الرابعة
أسماء السياني
في خضم المعارك والأحداث التي يخوضُها الإقليمُ والمنطقة، كان أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة اليمنية مع موعد جديد لنصرٍ يتحقّق في العمق السعودي، في عملية كبرى ونوعية، واستراتيجية من حيثُ الهدف والرسائل وسميت بـ”عملية توازن الردع الرابعة”، وَليست كسابقاتها من العمليات الهجومية فهي أكبر عملية منذ خمسة أعوام.
مضمونُ التسمية للعمليات الأخيرة بـ”توازن ردع” هو: أن القدرات العسكرية والاستخباراتية اليمنية، وتطور الأسلحة المستخدمة، وتنوع أهداف وأماكن الاستهداف، بات يوازي ويفوق بكثيرٍ القدرات العسكرية السعودية والأمريكية والأُورُوبية، وتحول المعادلة في الأخيرة إلى هجوم وردع، ورداً للاستهداف والخروقات المستمرة، والحصار المطبق أَيْـضاً.
تمت هذه العمليةُ بعدد كبير من الصواريخ البالستية والمجنحة من فئة “قدس” و”ذو الفقار” وطائرات سلاح الجو المسيّر، والتي بدأت من ليلة البارحة وَاستمرت لساعات الصباح الأولى، وفي خلال هذه الفترة كان واضحًا تخبط وتشتت وانهيار اندهاش النظام ومن خلفة من الأمريكان من قوة الضربة واتساعها الكبير.
الأبعاد الاستراتيجية والآثار الكبيرة الناجمة عن هذه الضربة كثيرة، فكان الاستهداف لوزارة الدفاع السعودية، ورئاسة الاستخبارات العامة، وقاعدة سلمان الجوية، بالإضافة إلى مواقع عسكرية في الرياض وجيزان ونجران، وهذه المواقع بأهميتها الكبيرة وتحصيناتها المكثّـفة والمشدّدة لم يحول دون استهدافها وَوصول قوة الاستخبارات اليمنية إليها شيء، ولا يستبعد بأن هناك قادةً واستخباراتيين أمريكيين وصهاينة قضوا في هذه الضربة المسددة، وتفسير هذا يعود لاستمرار مرحلة الوجع الكبير.
أتى تزامن هذه العملية بالتوازي مع التقدمات والانتصارات في الجبهات التي يتواجد فيها المرتزِقة، ويؤكّـد على فشل مشروعهم في تقسيم المحافظات اليمنية الذي يمهد للاحتلال الصهيوني والأمريكي المغطى تحت عباءة عربية، والتوزيع المتساوي للتقدمات العسكرية والضربات الهجومية سوى في الجبهات الداخلية وَالحدود السعودية، وحتى العمق السعودي ويدل على قدرة وكفاءة وتغطية القدرات العسكرية اليمنية للتصدي في جميع الجبهات.
رسائل هذه العملية كثيرة لا تحصى، لكن أهمها: أن شعباً محاصراً لأكثر من خمس سنوات، براً وبحراً وجواً، ينفذ بقدراته العسكرية وسلاحه المحلي هذه العمليات الموجعة الكبيرة ينبئ عن تحولٍ كَبيرٍ سيحدث في المنطقة وليس فقط على مستوى الحرب بين اليمن والسعودية؛ لأَنَّ التأثير لها سيمتد إلى البيت الأبيض وما بعده، ليكون حاضراً في الذهنية العامة أن اليمن بقدراته أصبح في موقع القوة التي لا يستهان بها، ونفَسه الطويل في المعركة التي يخوضها مع أعداء الإسلام وَأئمة الكفر عامة.