قانون قيصر وأسباب العُدوان الصهيوأمريكي على اليمن وسوريا
مطهر يحيى شرف الدين
زيادة العزلة الاقتصادية والمالية والسياسية على سوريا والوقوف أمام تحويل النصر العسكري الذي حقّقه النظام السوري إلى رأس مالٍ سياسي يكرس ويعزز بقاء الأسد في السلطة، ذلك هو أهم ما يهدف إليه قانون قيصر الذي فرضته الإدارة الأمريكية لتقويض جهود الحل السلمي وتعقيد أكثر للمشهد السياسي ومحاولة تطويع إرادَة الشعب السوري لمشيئة أمريكا وكذلك محاولة انتزاع تنازل من النظام عجزت عن تحقيقه قوى المعارضة المدعومة من تحالف العدوان الخليجي الأمريكي في ميدان المواجهة ضد سوريا.
وَبهذا تقفُ هذه الأخيرة أمام تحدٍّ جديد له طابع اقتصادي يحد كَثيراً من تدفق الإيرادات لصالح سوريا وَيطال رجال أعمال وتجاراً ومرافق وجهاتٍ في دولٍ تتعامل تجارياً معها، وهذا ما يشير إلى أنّ قانون قيصر يستهدف كُـلّ من له علاقة تجارية بالدولة السورية في تحريك عجلة الاقتصاد السوري تصديراً واستيراداً.
الأمر الذي سيؤثر سلباً على سوريا وبالتالي العمل على استنزاف اقتصادها وتحمّل المدنيين المزيد من العقوبات والمعاناة الإنسانية والتي بسَببِها أصبح أكثر من 80 ٪ من الشعب السوري تحت خط الفقر.
قانون قيصر تروج له الإدارة الأمريكية بأنه لصالح الشعب السوري ويحمي المدنيين ويتم التعريف به على عكس ما ستؤول إليه من تبعات وخيمة وعواقب جمّة يتحمّلها الشعب السوري.
وسائل إعلام معادية وساسة دوليين في توجّـههم ضد نظام الأسد يقولون إن القانون يستهدف النظام ويحمي المدنيين وتقول عنه كيلي كرافت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة بأنه يحتوي على ضمانات لمنع تأثيره على المساعدات الإنسانية المقدمة للشعب السوري..
ذلك يعني تحقيقَ رغبة الإرادَة الأمريكية والتوجّـه الإسرائيلي ومعها الدول الخليجية في بقاء سوريا رهينة للمساعدات الأممية المحدودة وفرض قيود على رجال الأعمال والشركات المحلية والخارجية ذات الطابع الاقتصادي والتجاري.
وما يزيد الوضع الاقتصادي ركوداً وجموداً ما ينص عليه القانون، مطالبة الإدارة الأمريكية بالرقابة على البنك المركزي السوري والمتهم في نصوص قانون قيصر بأنه يشكل مصدرَ قلق رئيسياً بشأن غسيل الأموال.
الأمر الذي يؤدي نفاذ القانون إلى الركود الاقتصادي السوري وتفاقم الأزمة الإنسانية، وزيادة معاناة الشعب السوري.
صدور قانون قيصر المجحف والظالم بحق سوريا والحروب العبثية عليها يجرّنا إلى تساؤلات عديدة سابقة ولاحقة لصدوره
ومنها:
لماذا تصر أمريكا وحلفاؤها بقوة ومنذ أكثر من تسع سنوات على تنحي الأسد من السلطة؟ ولماذا كُـلّ هذا الدعم المادي والمعنوي للمعارضة؛ مِن أجلِ إسقاط النظام؟ وهل من حق الإدارة الأمريكية إقرار هذا القانون والذي يُخفي وراءه أهدافاً سياسية تستهدف الانتصارات العسكرية التي حقّقتها سوريا على العديد من الفصائل المسلحة العميلة للغرب؟ وما هي صفة أمريكا التشريعية حتى تعطي لنفسها الحق في سن قوانين هي في حقيقتها تحمل أهدافاً سياسية ومكاسبَ استراتيجية تحقّق أطماعها في المنطقة؟ وما هو موقف حلفاء سوريا الدوليين من هذا القانون وكيف ستكون ردة الفعل والتعامل مع إدارة أمريكية لها مصالح اقتصادية رأسمالية تلبي رغبات صهيونية طامعة في مقدرات وجغرافية شبه الجزيرة العربية.
تلك إذَن مخطّطات يتم الشروع في تنفيذها وتشريعات أمريكية مزاجية تصل إلى إفساح المجال لإسرائيل في حصولها على المياه في المنطقة ومحاصرة الأمن القومي السوري والمصري والسوداني والقضاء على أية عقبات أَو أي توجّـه سياسي يحول دون تنفيذ أجندة إسرائيل في المنطقة وأهمها الحصول على مياه النيل وإيجاد عمق استراتيجي في البحر الأحمر يتيح لإسرائيل ترسيخ علاقاتها مع الدول الإفريقية المطلة على البحر ورصد أي أنشطة عربية عسكرية في المنطقة وبالذات مضيق باب المندب.
ولذلك ندرك تماماً مدى ما تشكله سوريا وقوى، المقاومة في لبنان والعراق واليمن من شوكة في الحلقوم الإسرائيلي وما لها من أدوارٍ وطنية وإقليمية حرة تناهض تنفيذ المشروع الصهيوأمريكي الامبريالي وتقف أمام العديد من المؤامرات بمساهمة ورعاية أنظمة عربية.
وليس بعيدًا عنا ما قامت به السعودية ومصر وجيبوتي والأردن وأثيوبيا وما يسمى بشرعية الدنبوع حين وقعت ميثاق تأسيس تحالف باسم مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر؛ بهَدفِ بسط النفوذ الإسرائيلي والهيمنة الأمريكية على البحر الأحمر وباب المندب، وبهذا تتجلى وتتضح أهم أسباب العدوان الخليجي الأمريكي الإسرائيلي على سوريا الصامدة وَاليمن الأبي الحر.