مظلوميةُ الدريهمي أكبر مظلومية في تاريخ البشرية
محمد موسى المعافى
الدريهمي هي تلك المديرية الواقعة جنوب مدينة الحديدة، هي تلك المديرية التي تقاسم المتنفذون في الأنظمة السابقة مزارعَها، ونهبوا على مدى العقود خيراتها واستضعفوا أهلها.
قبل عامين توجّـه عشراتُ الآلاف من المرتزِقة والعملاء والخونة، نحو هذه المديرية يقودون أحدث أنواع الأطقم والمدرعات، ويحملون أضخم أنواع السلاح والمقذوفات النارية المحرقة، وترافقهم من الجو مختلف الطائرات وتدعمهم وتمولهم عشرات الدويلات، ويحظون بتغطية وتأييد مئات الإذاعات والمواقع والقنوات.
في الطرف الآخر كان هناك أبناء الدريهمي إلى جانب ثلة من المجاهدين بأسلحتهم البسيطة، يتصدون لكلِّ هذه الجموع البشرية والإمْكَانات المادية، استبسل الأبطال وحين حدث ذلك الارتباك استطاع الغزاة أن يحاصروا الدريهمي أرضاً وإنساناً، فهب الرجال والأبطال الأحرار من كُـلّ بقاع اليمن لنجدة إخوانهم في الدريهمي وفك الحصار عنهم، وفجأةً، جاء ما يعرف باتّفاق السلام (اتّفاق السويد)، ليكون حجر عثرة أمام الغيورين من أبناء هذا الشعب، وتنفيذاً لأوامر القيادة وتسليماً للتوجيهات، التزموا بوقف إطلاق النار.
وعلى نقيض ما التزم به أبناءُ الجيش واللجان، سار العملاءُ وقوى العدوان فأطبقوا حصارهم على مديرية الدريهمي إمعاناً منهم في قتل النساء والغلمان، أطبق الغزاة على الدريهمي الحصار، ومنعوا خروج الصغار أَو المسنين الكبار، أطبقوا حصارهم، بعد أن قصفوا في الدريهمي ليحرموا أكباد المواطنين الماء أكسير الحياة، قصفوا الآبار، ومنعوا أن ينفذ إلى بطون إخواننا الجوعى الغذاء، وَإلى المرضى الدواء، وجرعوا الصامدين من البسطاء العناء.
وليتهم اكتفوا بهذا الحصار والتزموا بما التزم به الأنصار، ونفذوا اتّفاق وقف النار، ولكنهم مع حصارهم استمروا في إطلاق أعيرتهم النارية ليستهدفوا المحاصرين ويجرحوا الجرحى المتعبين، ويقتلوا النساء والأطفال والشيوخ، ولم يستثنوا حتى المعاقين.
منذ عامين وهم مستمرون في وحشيتهم وإجرامهم، يطلقون على هذه المدينة المحاصرة مختلفَ القذائف والأعيرة النارية، يطلقون من القذائف في الساعة ما يزيد على دقائقها عدداً، استمروا في وحشيتهم فارتكبوا بحق الأسر المحاصرة كُـلَّ أنواع المجازر وَالجرائم، وحولوا الحياة في الدريهمي على مدى عامين إلى أحزان ومآتم.
صنعوا من الدريهمي مدينة منكوبة، فقد أزهقوا فيها الأرواح وسفكوا الدماء، قتلوا بها الأطفال والنساء، حرموا أهلها متطلبات العيش وضروريات البقاء، أرغموا أبناء الدريهمي على أن يتخذوا من الشجر الأشد مرارة مصدراً للغذاء، كل ذلك أمام مرأى ومسمع كُـلّ من يدعي الإنسانية ويتشدق بالإنسانية، فأين إنسانيتهم التي لحماية حقوقها يدعون؟!
أين إنسانيتهم وأبناء الدريهمي من حقهم في البقاء يحرمون؟!
أين إنسانيتهم وأبناء الدريهمي وعلى مدى عامين يحاصرون؟!
أين إنسانيتهم وأبناء الدريهمي من الأشجار ذات الأغصان المرة يأكلون؟!
أين إنسانيتهم وأبناء الدريهمي بالقذائف ليلاً ونهاراً يمطرون؟!
أين هي الإنسانية التي تدعي الأمم المتحدة حمايتها؟!
لقد كشفت الدريهمي أن كُـلّ ما تدعيه تلك المنظمات الدولية ليست إلَّا كذباً وزوراً وبهتاناً، فإذا تكلمت تلك المنظمات عن الإنسانية أجابت الدريهمي..
أجابت طرقاتها المقطعة.
أجابت منازلها المدمّـرة.
أجابت أشلاؤها المبعثرة.
أجابت مشاريعها المعطلة.
أجابت مظلوميتها الحقه.
أجابت الدريهمي: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا).
سيدي القارئ الكريم:
نعم أبناء الدريهمي يتألمون.
لكن وربي حاشاهم يستسلمون.
نعم أبناء الدريهمي يتوجعون.
لكن وربي حاشاهم يخضعون.
نعم أبناء الدريهمي يتأوهون.
لكن وربي حاشاهم يخنعون.
يفضل أبناءُ الدريهمي ومن معهم من أبناء المناطق الأُخرى، أن يموتوا بكل وسائل وأساليب الموت الوحشية التي تستخدمها قوى العدوان على أن لا يستسلمون أَو يسلمون لعدوهم رقابهم وحياتهم.
سيرفع الحصارُ عن الدريهمي، لكن لن ترفعه الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن، ولا الدول العشر، ولا المنظمات المدعية حمايةَ الطفل، ولا المنظمات المدعية حماية المرأة.
سيرفع الحصار عن الدريهمي بنصر يقف العالمُ بأسره مذهولاً من هوله وعظمته، ولن يقال عن هذا النصر بأنه آية من آيات الله؛ لأَنَّه سيكون بمثابة مصحف كامل وستذكرون ما أقول لكم: (وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).