نورٌ إلهي يُبطِلُ نظريات وفتاوى!
سند الصيادي
الفلاسفةُ والمنظِّرون الغربيون اجتهدوا -خلال القرن الماضي وإلى الآن- في تشويه الدولة القائمة على الدين وَالنظرية الإلهية، مستندين على نماذجَ واقعيةٍ وَسلبية من أنماط الدول والممالك التي قامت تحت سلطة الكنيسة في أُورُوبا، بانحرافاتها الجوهرية على الديانة المسيحية وَاستنادها على مفاهيم مزيفة ومحرفة للإنجيل المقدس.
هذه التجربة الأُورُوبية مع الدولة السلطوية المعمدة بفتاوَى كهنة الكنائس شكّلت مظالمَ وَامتهاناً للشعوب وَأفرزت ثورةً عارمةً انتهت بنظام عالمي جديد، أعاد جزءاً من الحريات المصادرة وَشكل عاملَ انطلاق حضاري مادي متنكر للمفاهيم الإلهية، فتضاربت المنهجيات الوضعية في فلسفاتها المنقوصة للحياة، بشكل أمكن لوبيات وجماعات الصهيونية العالمية من التحكم على مفاصل القرار تحت تأثير المال وَالنزاعات والحروب التي اصطنعها في تلك المجتمعات، وصودرت إرادَة الشعوب بقوالب ناعمة أقل حدة في الظهور والمواجهة القمعية، وأكثر وحشية في النتائج والمآلات.
غير أن التجربتين في أُورُوبا سابقًا ولاحقًا -توظيف الورقة الدينية “المحرفة”، والتنكر للنهج الإلهي- ظلتا وسيلةً ناجعةً لسلبِ الشعوب بُوصلة الخَلاص وَعاملاً من عوامل التنويم المغناطيسي للإرادات الإنسانية؛ لهذا لجأت المنظومة الدولية إليها في مسعاها لغزو العالم الثالث؛ باعتبَارها وَسائلَ تقلل كلفة المواجهة وتحقّق أفضل النتائج، وكان في مقدمة الأهداف الشعوب والأوطان الإسلامية، والتي اجتمعت وَتوفرت لغزوها كُـلّ المغريات المادية والاستراتيجية والتاريخية.
وكانت أول مسامير الهيمنة التي دقها هذا الغازي هو تحريفَ المنهج الديني للشعوب الإسلامية على شاكلة ما حدث في أُورُوبا من خلال استنساخ نماذج وَمعتقدات، ومن ثم إعلاء سلطتها المهجنة لمساندة الأدوات الحاكمة المزروعة في المنطقة وتحديداً في قلب الشعائر الإسلامية لأهميّة رسالتها وَحجم رجع الصدى والتأثير الذي تحدثه، ومن هذه الأجندة نشأت الدولة السعودية وتوسعت، وَتحت راية التوحيد المزيَّفة طفقت هذه الدولةُ الناشئة في تمزيق الأُمَّــة بُنيوياً وَعقائدياً لتمرر كُـلَّ المشاريع على أنقاضها بأمان.
غير أن المشيئة الإلهية تأبى أن يطفَأَ نورُ منهاجها المنزل بين رماد العبث الشيطاني وَتدفن معه كُـلّ فضائل وَسنن التدافع الباقية في هذه البسيطة، فيبعث من بين الركام وقيدها المتجدد، موفراً لها الأسبابَ والحيثيات وَالدوافع، فتتساقط فيها الثقافات التي ما أنزل الله لها من سلطان، من فتاوى التسلط باسم الله، وَنظريات الهيمنة باسم الشعوب.