شبابنا.. من يحميهم؟!
منصور البكالي
وأنا في الطريق إلى بيت أحد الزملاء الأعزاء الواقع في مدينة سام التاريخية، لفت انتباهي جمال المتنزهات والمتنفسات على امتداد السايلة المتدفقة بالماء وحركة سير المركبات، وجمال الشمس الساحرة وقت الغروب الحزين.
وما زاد في شد انتباهي أكثر هو وجود الكثير من فئة الشباب يتبادلون الحديث ويلعبون الكرة ويشربون القهوة والشاي من سمسرة وردة والسماسر المجاورة لها، ويأكلون الوجبات الخفيفة، وقليل منهم من يتناول القات.
ليست هذه الحكاية فقط، بل إن الأهمَّ فيها بأن غالبيةَ هؤلاء الشباب لم تبقَ على ملامحهم وملابسهم ما يعبّر عن هُويتهم اليمنية، ما يعبر عن غياب الجهات المسؤولة عن استقطابهم واستغلال طاقتهم وتسخيرها في الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره، وبناء الدولة اليمنية الحديثة.
كما أن الحكاية لم تنتهِ هنا، بل تجر بعدها الكثير من التساؤلات الموجهة إلى وزارة الشباب والرياضة ووزارتي الثقافة والأوقاف والإرشاد مفادها: من هي الجهات المسؤولة والمختصة بالاهتمام بشبابنا وتنمية مستوياتهم الثقافية، ورفع وعيهم الوطني والديني والمعرفي، وحفظ هُويتهم اليمنية شكلاً ومضموناً، ومواجهة الحرب الناعمة المسلطة عليهم؟!
وكيف نسترجعهم من الانسلاخ وشدة الانحلال الظاهر في ملابسهم وحِلاقاتهم الغربية، وحركاتهم المنحطة أمام الفتيات؟!
وأين هو دور الأهالي والمجالس المحلية والمسؤولين الثقافيين وسط الحارات والأحياء والمديريات ذات الكثافة السكانية، في ظل النشاط المستمر لمروجي الحرب الناعمة والفكر الوهَّـابي؟!
وهل غابت وتبخرت التربية الأسرية وأسسها؟!
أم تركنا أولادنا للمسلسلات الغربية والنماذج والمثل الساذجة التي تعمل على تقديمها عبر شاشات التلفزيون ومقاطع اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا؟!
لم تزعجني أصواتهم الخافتة بالأغاني الغربية أكثر مما أزعجني غياب الجهات المختصة وضعف الجانب الثقافي والاستقطابي بين هذه الشريحة التي تمثل العمود الفقري في تعزيز الصمود وبناء الحضارات في الماضي والحاضر والمستقبل.
ومن هذا المنطلق، نؤكّـد أهميّةَ تكثيف الجهود لمواجهة الحرب الناعمة وسط فئة الشباب ونشر الوعي التحصيني عبر مخيمات في الحاضنات السكانية، وتقييم الجانب التعبوي والثقافي على مستوى المديريات، واستشعار مسؤوليتنا المجتمعية والجماعية في الحفاظ على أبنائنا وشبابنا من وسائل الغزو الثقافي والفكري الهادفة لطمس الهُوية اليمنية، وهدم القيم والمبادئ السامية، وتنفيذ مخطّطات دول الهيمنة والاستكبار العالمي التي قتلت الأطفالَ والنساءَ، واستهدفت كُـلّ مقومات الحياة منذ خمسة أعوام لعدوانها على شعبنا اليمني العظيم.