التكامل بين الولاية للإمام (علي) والولاء للوطن
عبدالفتاح حيدرة
بما أننا على أبواب تجديد عهود الولاية للإمام علي -عليه السلام-، علينا أن ندرك أن الولاية هذه هي حالة إيمانية عُليا وفوقية، لا يدركها إلا من ارتبط بوعيه وقيمه ومشروعه كليًّا مع الله، من دون البشر، بمعنى أن المسألةَ هنا لم تعد مسألة سلطة أَو هيمنه وسيطرة في الحياة الدنيا، بقدر ما هي مسألة تحديد موقف إيماني مرتبط بتحضير الإنسان نفسه للعيش في الحياة الآخرة، أي أنها مسألةُ حق وباطل، خير وشر، صحيح وخطأ، وهنا يصبح الإيمان بالولاية ترجمة فورية وعملية لارتباط الإنسان بخالقه، واتباع أوامره ونواهيه وتوجيهاته وتعليماته..
الولاية لله ورسوله والإمام علي والحسن والحسين وفاطمة الزهراء، تختلف عن مسألة الولاء للوطن، فالولاءُ الوطنيُّ أَيْـضاً ليس فكرة مُجَـرّدة، لكنه ترجمة نفسية لواقع مادي يحياه الإنسان كمواطن، وترجمة تُشْعره أن الوطن وطنه وليس ملك حفنة من المنتفعين، بمعنى لا تدهس القانون تحت قدميك، وتدعم الفساد والمفسدين والانتهازيين بكافة صوره، وتنهش لحم المواطن إن كان ثمة لحم لديه، ثم بعد ذلك تطالبه بالولاء الوطني وحب الوطن، أنت بذلك تخدعه، ولا تريده ولا تريد الوطن، كُـلُّ ما في الأمر أنك تسعى لكتم صوته باسم الوطن والولاء الوطني تحت عباءة مواجهة المؤامرات الخارجية..
إن كنت حقًّا تتبع وتؤمن بيوم الولاية للإمام علي، فأترك كُـلّ أعمالك ونواياك وأفكارك ومشاريعك الشخصية التي تثبت أن ولايتك هذه هي لمعاوية وليست للإمام علي، وإن كنت تحمل الولاء الوطني وتخشى على الوطن من المؤامرات الخارجية، فعليك أن توقف المؤامرات الداخلية قبل كُـلّ شيء، ولن يوقف مؤامرات الداخل سوى دولة لها يد تحمي السيادة والقانون ويد تبني مؤسّسات مجابهة للفساد والانتهازيين، وإن كنت تستخدم الولاية والولاء كشعارات للوصول لمنصب أَو كرسي، فأنصحك أن تسلك طريق منظمات العمل الإنساني، فهو أسهل طريق للكذب على الله وعلى الوطن وعلى المواطن وعلى الإنسانية نفسها..